طوفان

2023-11-10

سلمان زين الدين

يا سامِعينَ الصَّوْتَ

في هذا الزَّمانْ

صَلّوا عَلى خَيْرِ الأنامْ.

تَنْعى إلَيْكُمْ غَزَّةٌ

مَوْتَ الضَّميرِ العالَمِيِّ

غَيْرَ مَأسوفٍ على جُثْمانِهِ،

عَنْ خَمْسَةٍ وَسَبْعينَ شِتاءً،

مِنْ سُباتٍ شَتَوِيٍّ،

كانَ فيها غارِقًا في نَوْمِهِ

وغائِبًا عَنِ السَّماعِ وَالعَيانْ.

وَلَنْ تُوارِيَهُ الثَّرى في أرْضِها،

ذاكَ الذي لمْ يَنْتَفِضْ يَوْمًا

عَلى حُكْمِ الطَّغامْ،

حِرْصًا عَلى أطْفالِها

الألى يُعاقِرونَ أحْلامَ الكَرى

تَحْتَ الرُّكامْ.

فَذَلِكَ السّاقِطُ مِنْ عَلْيائِهِ

لا يَسْتَحِقُّ النَّوْمَ مَعْ أطْفالِها

في جَنَّةِ الأرْضِ الحَرامْ

٭ ٭ ٭

أعْمى، أصَمٌّ، أبْكَمٌ

هُوَ الضَّميرُ العالَمِيُّ

المُسْتَوي على عُروشٍ آيِلاتٍ،

عاجِلاً أوْ آجِلاً،

إلى الزَّوالْ.

لَمْ يُبْصِرِ الأطْفالَ يَكْتُبونَ

أسْماءَهُمُ الحُسْنى على أجْسادِهِمْ

كَيْ يَظْفُروا بِنِعْمَةِ الإسْراءِ وَالمِعْراجِ

في جُنْحِ الظَّلامْ.

لَمْ يُبْصِرِ الآباءَ يَحْمِلونَ أشْلاءَ بَنيهِمْ

في حَقائِبِ المَدارِسِ الّتي

باحَتْ بِأسْرارِ الشَّهادَةْ.

لَمْ يُبْصِرِ الأجِنّةَ الّتي قَضَتْ

مِنْ قَبْلِ تَحْقيقِ العُبورِ المُقْتَضى

مِنْ ظُلْمَةِ الرَّحْمِ

إلى نُورْ الوِلادَةْ.

لَمْ يَسْمَعِ الأمَّ التي

صاحَتْ بِأعْلى صَوْتِها

أنَّ وَليدَها مَضى مُسْتَشْهِدًا

مِنْ قَبْلِ أنْ يَحْظى بِكِسْرَةٍ

مِنَ الخُبْزِ الحَلالْ.

وَلَمْ يُصِخْ إلى صَدى صَوْتٍ

غَدا أقْصى أمانيهِ الكَفَنْ.

وَلَمْ يُحَرِّكْ ساكِنًا

كَيْ يَرْدَعَ الوَحْشَ المَغولِيَّ الجَبانْ

عَنِ الوُلوغِ في دَمِ النِّساءِ

وَالأطْفالِ حَتّى الأرْجُوانْ.

٭ ٭ ٭

يا سامِعينَ الصَّوْتَ

في صَحْرائِنا القَفْرِ اليَبابْ

غَزَّةُ هاشِمٍ تَقولُ لِلْيَنابيعِ

التي غارَتْ عَميقًا

تَحْتَ خَضْراءِ الدِّمَنْ:

ألا انْهَضي مِنْ نَوْمِكِ الكَهْفيِّ

قَدْ آنَ الأوانُ كَيْ نُطَهِّرَ التُّرابَ

مِمَّنْ دَنَّسوا بِرِجسِهِمْ طُهْرَ التُّرابْ،

فَتَرْتَدي أقْمِصَةَ الأنْهارِ فَوْرًا،

وَتُلَبّي دَعْوَةَ المَدينَةِ الكُبْرى

إلى فَصْلِ الخِطابْ،

حَتّى إذا ما أدْرَكَتْ

تِلْكَ اليَنابيعُ الوَلودُ

بَحْرَها العالي العُبابْ،

يَكونُ طوفانٌ ولا أقصى،

وَيُدْرِكُ الأقْصى مَواعيدَ الوَطَنْ.

شاعر لبناني








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي