تحت عنوان: “وضع حدٍ للكارثة الإنسانية في غزة”، توقّفت صحيفة “لوموند” الفرنسية في افتتاحيتها عند المشهد في غزة صباح هذا الأربعاء 18 أكتوبر/تشرين الأول: آلاف القتلى، ودمار كبير، ومئات الآلاف من النازحين المعرضين لخطر الكارثة الإنسانية، موضّحة أن هذا الدّمار ضرب منطقة كانت تحت الحصار لأكثر من عقد من الزمن، حيث يعيش %65 من السكان تحت خط الفقر وحيث كانت إمدادات المياه والكهرباء مشكلة بالفعل قبل اندلاع هذه الحرب. والهجوم العسكري الضخم الذي وعدت إسرائيل بتنفيذه في الشريط الضيق من الأرض للقضاء على حماس لم يبدأ بعد…
وأضافت “لوموند” القول إنه بعد مرور أكثر من أسبوع ونصف على هجوم حركة حماس غير المسبوق من حيث الحجم، من يستطيع تصديق أن نزوح مليون إنسان أو أكثر في خضم الفوضى سوف يؤدي إلى فصل المدنيين عن هؤلاء الميليشيات، في حين تتهم إسرائيل وحلفاؤها في الوقت نفسه حماس بالاندماج مع سكان غزة؟ كيف يمكن تدمير البنية التحتية العسكرية تحت الأرض دون تدمير مئات المنازل في نفس الوقت؟
وبالتالي فإن هناك فخاً ينغلق حتماً على إسرائيل.. فالصدمة الناجمة عن عجز “الدولة اليهودية” عن حماية مواطنيها، الذين يشكلون سبب وجود إسرائيل، دفعت السلطات إلى المضي قدماً على نحو متهور في تحقيق هدف متطرف، وهو التدمير الكامل لحماس، وهو الهدف الذي يصعب الحفاظ عليه. وسيتطلب تحقيق هذه الغاية بالفعل شن حملة عسكرية مكثفة بشكل خاص، دون ضمان النتائج. وفي الوقت نفسه، فإن استعراض القوة هذا لا يمكن إلا أن يزيد من مخاطر الانزلاق الذي سيضعف إسرائيل، بما في ذلك بين الدول العربية التي أقامت معها علاقات رسمية للتو، تتابع “لوموند”.
و”الدولة اليهودية” ليست الدولة الوحيدة المتضررة من هذه المعضلة. فمصداقية حلفاء إسرائيل الغربيين، الذين يواصلون الظهور كمدافعين عنيدين عن القانون الدولي في أوكرانيا، أصبحت الآن في خطر أيضاً. وشعر الرئيس الأمريكي جو بايدن بأنه مضطر لزيارة المنطقة بشكل عاجل، في إشارة إلى قلق واشنطن من احتمال نشوب “حريق إقليمي”.
بدأت مهمة الرئيس الأمريكي في المنطقة، هذا الأربعاء، بداية سيئة، حيث حرم حتى قبل وصوله إلى المنطقة، من الاجتماع المقرر مع القادة العرب المجاورين لإسرائيل. وقد تم إلغاء هذا الأخير في أعقاب “الانفجار المدمر الذي وقع أمس الثلاثاء في مستشفى بغزة”، بحسب الصحيفة.
ولا شك أن جو بايدن يعول على هذه الزيارة لكبح ذراع إسرائيل قدر الإمكان، بعد أن سبق وحذر من مخاطر إعادة احتلال محتملة لغزة، ودعا السلطات الإسرائيلية إلى احترام “قوانين الحرب”. لكن رئيس الولايات المتحدة الأمريكية يعرف من تجربته أن هذه النصيحة لا معنى لها في غزة، حيث يتم انتهاك هذا الحق، مثل القانون الإنساني، بشكل دائم. ونظراً لنتائج الأيام القليلة الماضية، فكيف لا نجد ضرورة للتأكيد على أن الرغبة في الانتقام لا تشكل هدفاً للحرب ووقف السباق نحو الهاوية؟ تتساءل “لوموند”.