في بستان إيبيقور: «أيا شجرَ الليمونِ ما لكَ مورِقاً»

2023-03-25

منصف الوهايبي

إلى رشيدة في ذكرى رحيلها

ليمونةُ البيت التي كانت تُسَمّيها رشيدةُ «أُخْتَنا»

خضراءُ مورقةٌ كحُزني..

الحزنُ كالخابورِ أخضرُ مُورقٌ أبدَا

٭ ٭ ٭

وجهَ النهار.. أنا.. وآخَرَهُ..

كهذي الشمس أطلُعُ بُرتقاليّاً.. وأغرُبُ مِثْلَها

الليلُ متَّكِئٌ عليَّ..

أنا أُوَسِّدُهُ ذراعي.. لا نَمارِقَ.. لا وَسائدَ..

وهو يخفِقُ.. لا ينامُ..

أأنتِ مَنْ أدْنَيْتِني؟

يدُكِ الرحيمةُ ذي؟

أخدّكِ ذا؟

أهذا الصدرُ؟ صدرُك أنتِ؟

هذا الخصرُ؟ خصرُك أنتِ؟

أم هلْ كنتُ ذاك الطفلَ يخلِسُ نصفَ قبلته؟

أأنتِ؟ أمِ اسْتَقلّكِ رَاجِفٌ منّي؟

وكنتُ أنامُ.. من خلف الجفونِ.. أنا.. جفونك أنتِ..

أو ما بين طيّات الثيابِ..

٭ ٭ ٭

هل كان حُبّي صامتاً؟

لِمَ لمْ أقلْهُ إذن.. ولستُ بِسَارِبٍ.. أنا.. بالنهارِ؟

وقُلْتِهِ؟

لِمَ لَمْ أقلْهُ أنا؟

ولِي الكلماتُ أكثرُ خفّةً..

أمْ كنتُ صاحبَ غبطةٍ.. مستخفياً بالليلِ.. ليلكِ أنتِ في «بستانِ إيبيقورَ»؟ أمْ…؟

الآن.. وحدي.. أَقْطَعُ الأيّام بالمقلوبِ..

في البستانِ.. وحدي..

الحبرُ أخضرُ فاتحٌ.. من»أختنا»..

وأخفُّ وزناً.. إذ يسيلُ الليلُ..

إذ يُلْقِي عليّ القولَ أثقلَ ما يكونُ.. الليلُ مثل الموت كابوسٌ..

وبئرٌ لا قرارَ لهُ..

وقبرٌ حيث تنمو دونما صوتٍ.. أَظَافِيرٌ وشَعْرٌ..

مثلما الأعشابُ.. تنمو حولَها..

الليلُ كالأرحامِ مَطْهَرُنا.. وها مَطرٌ على أكمامها..

وَبَرٌ على أطرافها.. وبصيصُ نار وهي تخبو..

نحن قد كنّا معا..

في آخر الأمطار.. أمطارِ الربيع.. على جبال القيروانِ..

الفِطْرُ (شحْمُ الأرضِ) يومئُ في التلالِ لنا..

أكانَ نذيرَ موتكِ أنتِ؟ أم موتي؟

لكنّ الطبيعةَ لم تعلّمنا غوايتها…

لكيْ نصغي إلى ما لا تقولُ..

ولا يقولُ ترابُها الصلصالُ.. منقاداً فمرتفعاً..

ولا إسطرلابَ.. كي نُعنى بأحوال البروجِ.. معا..

بِبَناتِ نَعْشٍ.. أو بِتقديرِ الزوالِ..

الريحُ كانت يوْمَها ذئبَ السحابِ..

٭ ٭ ٭

ليمونةُ البيتِ التي سمّيتِها «أختًا» لنا

لفّتْ وشاحاً منكِ.. أزرقَ حول خُضرتها..

وأغفتْ في سريري بين طيّات الكتابِ

٭ ٭ ٭

ليمونةُ البيتِ التي سمّيتِها «أختًا» لنا

وَسَقَيْتِها وَرَعَيْتِها

صفراءَ أو خضراءَ كالخابورِ.. بَعْدَكِ لَمْ تلدْ

وإخالُ.. لَنْ تلدَا

شاعر تونسي







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي