أزهار صغيرة في نسيان اليوم الجديد

2023-03-15

ذيميتريس ذاسكالوبولوس

شذرة 3 

إنّك خلف سور

إنّني خلف سور

أحببنا بعضنا يوم نظر

كلّ واحد من خلال أسواره

إلى السماء.

■ ■ ■

رسم وجه

آخر مرّة تقابلنا فيها

كانت سيماؤها

كتلك التي يعطيها التنهّد العميق للأشياء.

ثمّ أخذت تسودّ بغرابة،

كتساؤل الأطفال، راحلة عن الضوء

ثمّ صارت لغزاً بلا حلّ

للذاكرة التي تصونها. 

حتّى الآن تجيء لحظاتٌ

حيثما تظهر في الوحدة

متسربلة بالأثواب البيضاء، كالحلم،

وتتبادل الأحاديث مع اللّجب.

غير أنّ هيئتها اتّخذت

انحناءة مباغتة، كما تميل الأشجار

وقد أصابتها الريح،

كما تميل الأحلام وقد أصابتها السنون. 

■ ■ ■

السنوات التي ستأتي

السنوات التي ستأتي

لها وجه لا يُشبِهُنا.

أشجار أقلّ، ظلال أكثر

أنهار متردّدة وبحار دامعة.

الأصابع وحدها تبقى قابضة

على لغتها التي لا تُتَرجَم

والهمسات في الأماكن المغلقة

تذكِّر بكيف تولَد الزهرة.

السنوات التي ستأتي

قد سبق وعشناها بصمت عميق.

تُعتِم فوق المدينة. استعدّي!

نهاجر إلى مطارح أُخرى

عبر السفر في عروق

دُلْبة هَرِمة إلى خرير المياه،

إلى براءة الطفولة.  

السنوات التي ستأتي

بطعم الرماد في أيّامها

على أنقاض المدينة

قوتاً لِمِعْوَل عالم الآثار

هي بنت هذه الأرض ولم تسافر

في ليالي القمر.

السنوات التي ستأتي

على أنقاض نظراتنا

لن تتذكّر الأماكن المغلقة

وأجسادنا ستجمح

في ليالي القمر.

السنوات التي ستأتي

على حياتنا قبل التاريخ

هي أزهار صغيرة في نسيان

اليوم الجديد المزهوّ.

السنوات التي ستأتي

ضريرة بلا حلم جرّاء خفق

جناح مثلَّج.

السنوات

التي ستأتي

وصلت.

■ ■ ■

أبديّة عابرة

إزاء سلطﺔ الحدائق

أقترح

أوراق الخريف الساقطة.

إزاء سلطة الأصوات

أهمس بِطاقات

الصمت.

إزاء سلطة الموت

أتكلّم على التجدّد المتواصل

للحياة.

اليومُ المُنحني

ينصحني كلَّ صباح

عبر الظلمة العابرة. 

بطاقة

شاعر وكاتب يونانيّ من مواليد مدينة باترا عام 1939. درس الحقوق في جامعة أثينا. أصدر تسعة دواوين شعريّة إضافة إلى دراسات مرجعيّة عن شعراء يونانيّين مهمّيّن. مارس النقد الأدبي في عدد من الصحف والمجلّات، كما ترأَس تحرير بعضها. عمل في كتابة مداخل تتعلّق بالأدب اليونانيّ في موسوعات يونانيّة وعالميّة. حصل على العديد من الجوائز الشعريّة. كرّمته ثلاث جامعات بدكتوراة فخرية، آخرها جامعة قبرص، في الثالث من آذار/مارس الجاري، تقديراً لدراساته الأدبيّة.

ترجمة عن اليونانية: روني بو سابا








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي