أحتاجُ غراباً لأدفن كلماتٍ

2023-03-08

حسين بهيّش

اختصارات

اختصارُ الليلِ

جُرح عميق مثلَ البئرِ

وعذبٌ أيضاً

مثلَ دمعة طفل

أطيرُ على جنح حُلمٍ إلى الضفّةِ الأخرى

لا فوانيس هناك

أتكوّمُ مثلَ كومة قشٍ

اُشعلُ نفسي ليلاً

وأتطايرُ نهاراً مع أوّلِ هبة ريح

مثلَ الرَّماد.

اختصار النهارِ

في النباتاتِ مخضوضرةً

في الشُّرَفِ المطلّة على النهر

والنهرُ يجرفُ معه الحصى والورد

الذي يترامى من الشجرِ

مع كل هزّة ريح.

اختصار اللّهفةِ عِناقٌ

أُعانق الراحلين

أشمُّهم وأجرفهم معي

مثلَ قاربٍ صغير

أنا كالهواءِ مجنونٌ

لا أطرقُ الأبوابَ 

أدخلُ من تحتِها

من قفلِها

دون أطرافٍ أمضي.

اختصار الموتِ غرابٌ

أحتاجُ غراباً لأدفن كلماتٍ

تزقزقُ على الورقِ مثلَ العصافير

وتبكي مثلَ طفلٍ

وتُحدّقُ مثلَ بومةٍ في وجه المساء

احفر أيُّها الغُراب

فأنتَ الدليل السياحي للموتى.

■ ■ ■

زمرة الأشباح

أبصرْ أيُّها الولدُ العالق في ذهن الليل

وابحث عن أسلاف الضّوءِ العالي

لتطردَ زمرة الأشباح.

أُخوّلك الآن أن تقضي على ما تُريد 

فأنتَ لامعٌ مثلَ نيزكٍ

اضرب

أو استدر مثلَ خاتمٍ في يد عروس.

ها هو الليلُ يكمشُ النجمةَ من عُنقِها

مثلَ كبشٍ يجرّهُ قصّاب.

أسُلّحكَ أيُّها الغارقُ في التيّار

بتمائم زُرق

وأقولُ لكَ تعالَ مثلَ حلمٍ

على حصان مجنّحٍ 

له قرن ذهبي.

آسفٌ لكلِ الرَّغبات

التي جنحت بي

ولكلِ النهارات التي غادرتني

نحو المساءِ بلا نُعاس.

الطريقُ غافٍ في عينِ المسافةِ

لا طريقَ ولا مسافةَ

الآن وحدي مع الجُرح

الذي أتعبني تتبُّعه

مثلَ جذرِ شجرةٍ ميتة.

تركتُ موتى ورائي

وحُلماً أبيض

وجنائن بعيدة عن متناول اليدِ

جئتُ وحدي مثلَ ظلٍّ

لأخففَ عبء الجِراح.

■ ■ ■

أنتظرُ ملاكاً

ومع كلِّ صيحةِ ديك

أطوفُ باحة البيت وحدي

وأنتظرُ ملاكاً يَهبط

لأجهِّزَ لهُ تهويدةً 

على مقام النَّهاوند

ثم اسأله عن الجنائن البعيدة

وعن الخير والشر

وأقصُّ عليهِ أحلامي

ثم أتذكَّرُ أنَّه ليس عفريتاً

أمسّد جَناحيه

لينام على ذراعي مثلَ طفلٍ وديع

أفتح نافذةً على الفردوس

أشاهد بها عيون الماء

وضوء الشمس وهو يلفح النَّهر

أُشاهد الحمام وهو يَطير

بين الأشجار المُذهَّبة

كالقباب

ثم يستيقظ المَلاك بغتةً

فتطير خلفه عيناي.

شاعر من العراق








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي