بطموح كبير ..السينما السعودية: صحوة جديدة لانتاج نوعي ينافس دوليا

2022-09-26

شعار هيئة الأفلام السعودية (موقع الهيئة)كمال القاضي*

لكي تصنع سينما عربية قوية لديها القُدرة على المنافسة الإقليمية والدولية، لا بد من توافر الإمكانيات المادية بشكل يضمن ثبات المنظومة الإنتاجية لأطول فترة ممكنة، حتى يتسنى لها حماية نفسها بنفسها بعد إجراء الاختبارات اللازمة على المستويات الفنية وقياس مُعدل التجاوب الجماهيري والشعبي مع الحركة الإبداعية الجديدة، والتأكد من مدى قابلية المُجتمع للصحوة الثقافية النوعية، القائمة على توظيف السينما كرافد مهم للارتقاء بالوعي العام والاعتماد عليها بشكل كبير لتغيير المفاهيم المُضادة للفكر والثقافة، ومحو آثار الاعتقاد الخاطئ من الأذهان بخطورة السينما على البنية الأخلاقية للمُجتمعات المُحافظة.
هذه القاعدة التأسيسية هي التي تم الاعتماد عليها في إنشاء علاقة قوية بين الجمهور السعودي والسينما، كناتج إبداعي ثقافي لصناعة فنية وإبداعية من العيار الثقيل، ولعل المُعطيات الدالة على نشاط الحركة السينمائية تُشير إلى احتمالات إيجابية في المُستقبل القريب، ليس على المستوى العربي حسب، وإنما على المستوى الدولي والعالمي أيضاً.
لقد بدأت هيئة الأفلام السعودية في رفع سقف التأهيل السينمائي لتحقيق نسب مُتقدمة في مقاييس النجاح والتأثير، وقد لعبت الهيئة في هذا الإطار على دعم حركة المهرجانات، كبداية لإحداث التفاعل الثقافي المطلوب، وإبراز القيمة الحقيقية لمحتوى الفيلم السعودي، باعتبار المهرجانات الدولية هي معيار التقييم الموضوعي والفني.
ولهذا كانت المُبادرة بالمُشاركة في مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي في الدورة 79 المُنتهية في 10 سبتمبر/أيلول الجاري، والعمل على استقطاب كبرى شركات الإنتاج في إيطاليا للتعامل مع المملكة العربية السعودية في مجال التسويق والدعوة إلى التصوير في الأماكن المتميزة داخلها، محض محاولة لفتح آفاق دولية أمام السينما السعودية لضمان تطورها ونمائها على الوجه المُستهدف مُستقبلاً.

بدأت هيئة الأفلام السعودية في رفع سقف التأهيل السينمائي لتحقيق نسب مُتقدمة في مقاييس النجاح والتأثير، وقد لعبت الهيئة في هذا الإطار على دعم حركة المهرجانات، كبداية لإحداث التفاعل الثقافي المطلوب، وإبراز القيمة الحقيقية لمحتوى الفيلم السعودي، باعتبار المهرجانات الدولية هي معيار التقييم الموضوعي والفني.

وإزاء الرغبة في تفعيل الدور السينمائي السعودي فنياً واقتصادياً، جرت خلال فترة انعقاد المهرجان المذكور نشاطات دعائية جادة لورش عمل فنية استهدفت تنمية المواهب في المجالات الإبداعية كافة ذات الصلة بالسينما، كالتصوير والإخراج وكتابة السيناريو والإضاءة والديكور والمونتاج والمكساج وغيرها، فضلاً عن تسليط الضوء على التجارب الناجحة الخاصة بالأفلام الروائية الطويلة والقصيرة والتسجيلية والوثائقية، ودعم المُشاركة الإقليمية والدولية عن طريق المنصات الإلكترونية السعودية، بوصفها الوسيط العصري المُفضل لدى قطاعات كبيرة من الجمهور.

وتحت عنوان برنامج الحوافز نظمت الجهات المعنية بالمملكة العربية السعودية حملات دعائية للترويج للمسابقات الفنية والتشجيع على العمل الإبداعي السينمائي بالحافز المعنوي والمادي، عن طريق الجوائز والمنح المالية الكافية لإنتاج المشاريع السينمائية التعليمية، كأفلام التخرج القصيرة باختلاف نوعياتها ومضامينها الاجتماعية والثقافية والتربوية، كخطوة تمهيدية لتأهيل المواهب الصاعدة وتنمية خبراتهم المهنية في المجالات المُختارة، وهي الوسيلة المُثلى لتربية الكوادر الفنية الشبابية المُعول عليها في المُستقبل القريب والبعيد كي تُصبح هناك سينما سعودية مستوفية الشروط والمواصفات، وقادرة على خوض غمار المنافسة في السباقات الدولية والعالمية، حسبما ترنو إليه العقلية الثقافية التخطيطية في هذا الشأن.

وتوافقاً مع الخُطة السعودية الطموحة لتأسيس قاعدة سينمائية كبرى تضطلع بمهام الإنتاج والتوزيع وصناعة الأفلام ذات المستوى والتكلفة الاقتصادية الأعلى، جاءت عملية الربط بين العناية بالمُشاركة في المهرجانات الدولية والعالمية الشهيرة وتصورات المملكة عن وجود صناعة سينمائية قوية تحمل الجنسية السعودية، ومن ثم عكس ترشيح بعض الأفلام المُتميزة للمُشاركة في مسابقة الأوسكار الأمريكية، بعضاً من هذا الطموح، وللدلالة تضمنت قائمة الأفلام السعودية منذ عام 2013 وحتى عام 2021 تجارب هي الأنسب من وجهة نظر أصحابها ومُرشحيها، ومنها على سبيل المثال، فيلم «مناحي» للمخرج مازن طه وفيلم «وجدة» للمخرجة هيفاء المنصور و»بركة يُقابل بركة» للمخرج محمود الصباغ و»المُحارب العربي» لأيمن خوجة وأليسون والتر، بالإضافة إلى فيلم «سيدة البحر» لشهد أمين وفيلم «حد الطار» لعبد العزيز الشلاحي، وذلك عبر عدة دورات للأوسكار، وخلال الأعوام القليلة الماضية التي تفتقت فيها أذهان المسؤولين عن المؤسسات الثقافية والسينمائية في المملكة العربية السعودية عن أهمية تفعيل دور السينما لتكون شريكاً في صناعة الوعي المُجتمعي العام بعد مبادرة كسر الحصار عن الفنون والآداب والإبداعات المسرحية والقصصية والروائية والشعرية… إلى آخر مكونات الرُقي والتحضر في الذات الإنسانية المُبتكرة.
وتُعد هذه المكاسب بمثابة صحوة كبرى على الصعيد الثقافي، تُضاف أوجه الاستفادة منها إلى رصيد السينما السعودية بشكل خاص، والسينما العربية بشكل عام، إذ أن ما يُبذل من جهود في هذا الصدد ينعكس بالضرورة على الشكل الحضاري والصورة الكلية للثقافة العربية قاطبة، حيث لا فرق في ميزان التقييم العام بين مُكتسبات الإبداع السعودي ومُكتسبات الإبداع المصري، أو السوداني، أو التونسي، أو المغربي، أو الكويتي، أو البحريني، إلى آخر بقية الدول الشقيقة.

*كاتب مصري







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي