
عندما يدخل الإنسان في دوامة تفكير طويلة، أو يمارس عملاً عقلياً شاقاً؛ فإنه يشعر بالإرهاق، كما لو كان العمل "بدنياً شاقاً"؛ فما السبب وراء ذلك؟ أظهرت دراسة جديدة أن التفكير الكثير أو العمل المعرفي المكثف لساعات عدة، يتسبب في تراكم منتجات ثانوية سامة في جزء الدماغ المعروف باسم قشرة الفص الجبهي (وهو شكل من أشكال الصرع).
وقال الباحثون، إن هذا بدوره يؤثر على سيطرة الإنسان على قراراته؛ لذا فإنّ تركيز المرء يتشتت بشكل غير إرادي، ويتجه نحو الإجراءات التي لا تتطلب أي جهد أو انتظار؛ حيث يبدأ التعب المعرفي. يقول الدكتور محمد أبوالعزايم، استشاري الطب النفسي لـ«سيدتي»: لا يُمكن القول إنّ كثرة التفكير هي مُشكلة مرضية؛ فقد تكون هذه الحالة عابرة ناتجة عن تعرُّض الشخص لانتكاسة كبيرة في حياته، ولكن هناك حالات تصل إلى مرحلة الوسواس القهري، التي تستدعي تَدخّل الطبيب النفسي لوصف أدوية تُحفّز الدماغ على التقليل من التفكير.. ففي الوقت الذي قد يستغرقه البعض في التفكير حول مواقف معيّنة تواجههم في حياتهم لمدّة من الزمن، نجد أنّ هنالك عدداً من الأشخاص يعانون من تدفّقات دائمة ومستمرّة للأفكار في عقولهم؛ فأصحاب التفكير الزائد المزمن Chronic Overthinkers غالباً ما يستعيدون في رؤوسهم الحوارات والأحاديث التي قاموا بإجرائها بالأمس؛ فأنت تعلم تمام العلم كم هو مرهق ومستنزفٌ للطاقة ومتعب للنفس.
ينطوي الإفراط في التفكير أو الـOverthinking عادة على نمطين أساسيين من التفكير المدمّر، هما: التحسّر، والقلق المستمرّ.
- ينطوي التحسّر عادة على التفكير المستمرّ بالماضي، وقد يتضمّن أفكاراً مثل: - ما كان يجدُر بي قول تلك الأشياء خلال الاجتماع بالأمس، لا شكّ أنّ الجميع يعتقد أنّي أحمق.
- كان يجدُر بي البقاء في وظيفتي السابقة، لكنتُ حينها أكثر سعادة ممّا أنا عليه الآن.
- لم يعلّمني والداي كيف أعزّز ثقتي بنفسي، مخاوفي وشعوري الدائم بعدم الأمان، يحولان دوماً دون أن أتقدّم في حياتي.
- أمّا القلق المستمرّ؛ فهو ينطوي في الغالب على أفكار وتنبؤات سلبية (وأحياناً كارثية) حول المستقبل؛ فنجدُ أفكاراً مثل: - أعلم أنّي سأُحرج نفسي في الغد حينما أقدّم ذلك العرض، سأنسى كلّ شيء يتعيّن عليّ قوله.
- سيحصل جميع زملائي على ترقيات قبلي.
- أعلم أنّنا لن نملك أبداً ما يكفي من المال للتقاعد، سنُصاب بالمرض، ولن نستطيع الاستمرار في العمل، ولن يكون لدينا مالٌ يكفي.