أزمة انخفاض التجنيد في الجيش الأمريكي تتفاقم.. ماذا يعني ذلك لقدراته العسكرية؟

الأمة برس - متابعات
2022-07-19

أزمة انخفاض التجنيد في الجيش الأمريكي تتفاقم.. ماذا يعني ذلك لقدراته العسكرية؟ (ا ف ب)

نشر موقع «مؤسسة هيريتيج» البحثية التعليمية الأمريكية تقريرًا أعَّده توماس سبوير يتناول فيه التحديات التي يواجهها التجنيد العسكري في الولايات المتحدة، وكيف يمكن التغلب عليها.

النقاط الرئيسة

وفقًا لمسؤولي الجنود العسكريين في جلسة استماع بمجلس الشيوخ في مايو (أيار) الماضي، يبدو أن عام 2022 سيكون «العام الأكثر تحديًا للتجنيد» منذ عام 1973.

الفشل الذريع في الانسحاب من أفغانستان هزَّ ثقة عديد من الأمريكيين في الجيش الأمريكي.

هناك فكرة خطأ مفادها أن اختيار الخدمة العسكرية يغلق الطريق أمام خيارات أخرى، مثل الكلية أو الوظائف الأخرى، والعكس هو الصحيح.

العام الأكثر تحديًا للتجنيد

يبدأ مدير مركز الدفاع الوطني تقريره بالإشارة إلى أن الخدمة العسكرية منذ أن تحوَّلت من التجنيد الإجباري إلى تجنيد جيش كامل من المتطوعين في عام 1973، لم تحقق أهدافها من التجنيد خلال سنوات بعينها، وتشمل هذه السنوات 1999 و2005 و2018 عندما كان الاقتصاد مزدهرًا أو عندما كان ارتفاع الخسائر في الحروب محل اهتمام، ولكن وفقًا لمسؤولي الجنود العسكريين في جلسة استماع بمجلس الشيوخ الأسبوع الماضي، يمضي عام 2022 في طريقه ليكون «العام الأكثر تحديًا للتجنيد» منذ عام 1973.

وأعلن الجيش الأمريكي مؤخرًا أنه اضطر إلى خفض حجمه بمقدار 12 ألف جندي؛ لأنه لم يتمكن من العثور على ما يكفي من المتطوعين لملء صفوفه، وفي حديثه عن التحدي، صرح رئيس أركان الجيش الجنرال جيمس ماكونفيل أنهم في «حرب من أجل المواهب»، وهي حرب يبدو أنهم سيخسرونها.

لكن ليس الجيش وحده هو الذي يعاني؛ فقد حذَّر مسؤول التجنيد في سلاح الجو من أن «أجراس الخطر» تدق مشيرةً إلى إمكانية عدم تحقيق أهداف التجنيد لعام 2022، وصرَّح كبير ضباط الأفراد في البحرية أنه في حين أنهم قد يحققون أهدافهم لعام 2022، فإنهم سيفعلون ذلك فقط «من خلال تقليل عدد المجندين في برنامج الدخول المتأخر (برنامج مصمم لاستيعاب المجندين الجدد في القوات المسلحة الأمريكية قبل إرسالهم إلى التدريب الأساسي) من منظور معايير تاريخية».

وحتى سلاح مشاة البحرية، الخدمة التي لا تواجه عادةً مشكلةً في تحقيق أهدافها، تعاني في عام 2022. وأضاف الكاتب أن الخبر المهم هو أن عدد الأمريكيين المؤهلين للانضمام إلى الجيش دون منحهم أي استثناء من الشروط يستمر في الانخفاض، لافتًا إلى أن الجيش أبلغ أنه منذ عام 2014، وبسبب السمنة أو التاريخ الإجرامي السلبي أو المشكلات الجسدية أو تعاطي المخدرات أو عدم الحصول على شهادة الثانوية العامة، هناك 29% فقط من الأمريكيين مؤهلون للانضمام إلى الجيش دون منحهم استثناء.

«واقع مؤسف»

ويتابع الكاتب قائلًا: وفي الظاهر، هذا وحده بيان مروِّع حول الصحة العامة والتعليم في الولايات المتحدة لأن المعايير العسكرية لا تتطلب من المرشح أن يكون رجلًا خارقًا أو امرأة خارقة، ولكنه يتمتع بصحة جيدة ومتعلم فحسب؛ بيد أن الأمر يتفاقم سوءًا، وخلال شهادته أمام الكونجرس الأسبوع الماضي، أكد ماكونفيل أن النسبة قد انخفضت إلى 23% فقط، لذلك الآن يتأهل واحد فقط من بين كل أربعة شباب أمريكيين.

ونوَّه الكاتب إلى أن وزارة الدفاع لم تصدر بياناتٍ رسميةً، لذلك لا نعرف سبب انخفاض الأهلية على وجه التحديد، ومن المحتمل أن يكون ذلك مرتبطًا بالصحة، ذلك أن اللياقة البدنية للشباب الأمريكي باتت أمرًا يدعو للأسى، بحسب الكاتب: إذ يعاني 21.2% من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و19 عامًا من السمنة المفرطة، و51% فقط من طلاب المدارس الثانوية يحضرون ما متوسطه حصة واحدة للتربية البدنية أسبوعيًّا.

لكن الأهلية للخدمة والرغبة في الخدمة لا يستويان، والرغبة، أو «الميل» كما يسميها الجيش، آخذة في الانخفاض أيضًا، وتعكس أحدث بيانات استطلاع وزارة الدفاع للشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و21 عامًا أنه عندما يُسألون، «ما مدى احتمالية خدمتك في الجيش؟»، فإن متوسط 11% فقط يجيبون «بالتأكيد أو على الأرجح»، وهذا الاتجاه آخذٌ في الانخفاض.

فقدان الثقة في الجيش الأمريكي

وفيما يتعلق بسبب تراجع الاهتمام بالالتحاق بالجيش، أوضح الكاتب أن هناك عددًا من العوامل المؤثرة في تلك المسألة، مشيرًا إلى توفر فرص أخرى أكثر ربحية، إذ تقدم شركات مثل أمازون وستاربكس وظائف بأجر يبدأ من 15 دولارًا في الساعة، مع مزايا أخرى. وانخفضت البطالة تقريبًا إلى مستويات ما قبل جائحة كوفيد-19، مضيفًا أن جميع المطاعم التي يتعامل معها تضع لافتات «وظائف شاغرة».

ولفت الكاتب إلى أن الفشل الذريع الذي عكسه الانسحاب الأمريكي من أفغانستان هزَّ ثقة عديد من الأمريكيين في الجيش، لدرجة أن المؤثرين الرئيسين مثل الآباء والأجداد قد يمارسون تأثيرًا سلبيًّا في ميل الشباب نحو التجنيد في الخدمة العسكرية.

ويلعب قدامى المحاربين دورًا مهمًّا في تعزيز فضائل الخدمة العامة، وفي كل عامٍ، تنخفض النسبة المئوية للمحاربين القدامى في المجتمع الأمريكي بسبب انخفاض حجم الجيش منذ الحرب العالمية الثانية. ووجود عدد أقل من المحاربين القدامى يعني تعرض عدد أقل من الشباب لهذه الأمثلة «الرائعة» من المجتمع الأمريكي.

وغالبًا ما تكون التربية المدنية في المدارس العامة الأمريكية ذات جودة رديئة للغاية، وآية ذلك أن نصف الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 17 و35 عامًا، لم يتمكنوا من تسمية أكبر أربعة فروع للجيش الأمريكي، ولم يستطع واحدٌ من كل أربعة تسمية الفروع الثلاثة للحكومة الفيدرالية. ومن المنطقي أن نسأل: لماذا يقرر الشاب الانضمام إلى الجيش إذا لم يكن يعرف أي شيء عنه أو عن حكومته في هذا الشأن.

وفي الوقت الذي تتصاعد فيه التهديدات للمصالح الوطنية الأمريكية، بحسب الكاتب، يُعد التوقيت الحالي أسوأ وقتٍ ممكن يواجه فيه الجيش أزمة تتعلق بالقوة البشرية؛ فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين يمضي في طريقه قُدمًا في أوروبا، والرئيس الصيني شي جين بينج يهدد تايوان كل يومٍ تقريبًا، والمثيرون للمتاعب دائمًا – آية الله في إيران والرئيس كيم جونج أون في كوريا الشمالية – يواصلون إثارة المشكلات لجيرانهم وللولايات المتحدة بحسب تعبير الكاتب. وأفضل الأسلحة في العالم عديمة الفائدة إذا لم تجد أفراد خدمة ماهرين يشغِّلونها.

قوات أمريكية (ا ف ب)

حلول لأزمة التجنيد

وحول الحلول اللازمة لمواجهة تلك التحديات، يرى الكاتب أن البنتاجون يحتاج أولًا إلى أن يكون جادًّا بشأن التجنيد، ويجب إعادة النظر في برامج التعويضات والمزايا لضمان أنها تجذب شباب اليوم، وليس الشباب قبل 20-30 عامًا؛ هل الأجر هو الأهم؟ أم الإجازة؟ أم المكان؟ البنتاجون لا يعرف، وكما هو الحال، تضطر كل إدارة من الإدارات العسكرية إلى تحسين التجنيد بمفردها، ويحتاج التجنيد إلى نظرةٍ وطنيةٍ جديدةٍ واهتمامٍ متزايدٍ.

وكذلك يحتاج الجيش إلى الابتعاد عن السياسة، إذ يتوقع الأمريكيون أن يظل جيشهم غير مسيَّس، ويعتقد كثيرون أن الخط الفاصل أصبح غير واضحٍ، وهذا يقلقهم، ويجب أن يتوقف ذلك، بحسب الكاتب.

فكرة خطأ

ونوَّه الكاتب إلى أن هناك فكرة خطأ مفادها أن اختيار الخدمة العسكرية يغلق الباب أمام خيارات أخرى مثل الكلية أو الوظائف الأخرى، مشددًا على أن العكس هو الصحيح، ذلك أن متوسط العمر المتوقع في الولايات المتحدة يبلغ الآن ما يقرب من 79 عامًا. وخلال عمر من هذا القبيل، هناك أكثر من وقتٍ كافٍ للخدمة العسكرية والكلية والوظيفة المدنية (أو وظيفتين)، والواقع أن الخدمة العسكرية تفتح الأبواب، لا تغلقها.

وأخيرًا، يرى الكاتب أن أمريكا تحتاج إلى معالجة هذه المشكلة المتمثلة في انخفاض نسبة الأمريكيين الذين لا يستطيعون التأهل للخدمة العسكرية، وتؤدي وسائل التواصل الاجتماعي وألعاب الفيديو والاتجاه العام نحو أنماط حياة تتسم بقلة الحركة إلى ظهور أجيال مستقبلية من الشباب الأمريكي غير اللائق والمُجهد بدنيًّا، ولا يوجد حلٌّ سحريٌّ لهذه المشكلة، لكن مجتمعات عدة نجحت في التعامل مع هذه المشكلة من خلال البرامج والأنشطة الرياضية بعد المدرسة.

ويختم الكاتب تقريره بالقول إن التجنيد العسكري ليس مشكلة عابرة، ولن ينصلح حاله بحلول العام المقبل؛ ولكن الحلول ممكنة، وتجاهل هذا الوضع لن يصلحه، وتكمن أهمية إصلاحه في أن الأمن القومي الأمريكي يعتمد على تصحيح هذا الأمر.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي