لابيد يهدد «حزب الله» ويطلب الوساطة من ماكرون

الأمة برس - متابعات
2022-07-07

يائير لبيد في القدس في نيسان/ابريل 2022 (اف ب)

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، قبل توجُّهِه إلى العاصمة الفرنسية باريس في أول رحلاته الخارجية بوصفه رئيسًا مؤقتًا للحكومة، إن الاتفاق النووي الإيراني «الخطير»، الذي تعارضه إسرائيل بالإجماع، سيتصدر جدول أعمال محادثاته مع الرئيس الفرنسي، وذلك وفق ما جاء في تقرير للكاتب لازار برمان ونشرته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل».

يبدأ مراسل الصحيفة الإسرائيلية للشؤون الدبلوماسية تقريره بالإشارة إلى التهديد الذي أطلقه رئيس الوزراء يائير لابيد صباح الثلاثاء بـ«كبح جماح حزب الله إذا لم يُجبِر لبنان الجماعة الإرهابية المدعومة من إيران على التوقف عن مهاجمة أصول الغاز الطبيعي الإسرائيلية في البحر الأبيض المتوسط».

وأدلى لابيد بهذه التصريحات للصحافيين بينما كان يستعد للصعود على متن طائرة متوجِّهة إلى باريس؛ حيث التقى بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

عدم التسامح مع «حزب الله»

وقال رئيس الوزراء إنه سيناقش مع ماكرون «الهجمات المتكررة على منصات الغاز الإسرائيلية»، وفق ما ذكره الكاتب. وقال إن «إسرائيل لن تتسامح مع هذه الهجمات»، محذرًا من أن «أي شخص يفعل هذا فإنه يُقدِم على مخاطرة غير ضرورية». ودعا لابيد الحكومة اللبنانية إلى «كبح جماح حزب الله من شنِّ هذه الهجمات، وإلا سنضطر إلى فعل ذلك».

حقل كاريش

وأشار الكاتب إلى أن الجيش الإسرائيلي أعلن يوم السبت أنه نجح في اعتراض ثلاث طائرات مسيَّرة أطلقها حزب الله كانت متوجِّهة إلى حقل كاريش للغاز الطبيعي قبالة الساحل الإسرائيلي على البحر المتوسط​. وتصاعدت التوترات بشأن الحقل البحري في الأسابيع الأخيرة بعد وصول سفينة إنتاج غاز تعاقدت معها إسرائيل إلى كاريش لبدء عمليات استخراج الغاز من ذلك الحقل البحري، الأمر الذي أثار إدانة من لبنان الذي يؤكد ملكيته أجزاء من الحقل.

وأصدر حزب الله تهديدات ضد الخطوة الإسرائيلية متعهدًا بالدفاع عن ثروات لبنان. وتقول إسرائيل إن حقل كاريش يقع داخل منطقتها الاقتصادية الخالصة المعترف بها من الأمم المتحدة.

الدور الفرنسي

ولفت الكاتب إلى أن فرنسا، التي منحتها عصبة الأمم ولاية إدارة لبنان عام 1923، كانت لاعبًا رئيسًا في السياسة والاقتصاد اللبنانيين منذ ذلك الحين.

وفي تصريحاته، سلَّط لابيد الضوء على أن العنصر الرئيس في رحلته هو حقيقة أن فرنسا هي واحدة من مجموعة الدول الأوروبية الثلاثة «إي 3» التي تتعامل مع الاتفاق النووي الإيراني. وقال إنه «من المهم أن يُسمَع رأينا ضد هذا الاتفاق الخطير في الوقت الحالي ضد الأسلحة النووية الإيرانية»، مضيفًا أنه «من الأهمية بمكان أيضًا أن يعرف المجتمع الدولي أن المجتمع الإسرائيلي يقف صفًّا واحدًا ويتَّخذ موقفًا واحدًا فيما يتعلق بالمسألة الإيرانية».

والتقي لابيد مع ماكرون، وهو صديق مقرَّب له، بعد ظهر أمس الثلاثاء في قصر الإليزيه، وأعقب ذلك جلسة أوسع مع مساعدي لابيد وماكرون. وقد رُتِّبت الزيارة قبل أن يصبح لابيد رئيسًا للوزراء الأسبوع الماضي، في وقت كان لا يزال وزيرًا للخارجية، وهو المنصب الذي لا يزال يشغله.

رسالة إلى لبنان

وقال مسؤول إسرائيلي كبير إن لابيد يسعى لإرسال رسالة «صارمة» إلى لبنان وحزب الله خلال اجتماعه مع ماكرون، وفقًا للكاتب.

وفي يوم الاثنين، قال المسؤول الإسرائيلي إننا «نريد أن يستخدم الرئيس الفرنسي علاقاته ليوضح للحكومة اللبنانية أننا نعتزم استكمال المفاوضات»، في إشارة إلى محادثات غير مباشرة بين إسرائيل ولبنان بشأن الحدود البحرية المتنازع عليها، موضحًا: «إننا نريد أن نفعل ذلك، لكننا لن نتمكن من فعل ذلك تحت تهديدات حزب الله».

وأضاف المسؤول أن «حزب الله يجب ألا يلعب بالنار»، محذرًا من أن استهداف منصة غاز «قد يكون عملًا خطيرًا للغاية». وقال المسؤول إن «رئيس الوزراء سيقدم أدلة جديدة تفسِّر كيف يُعرِّض حزب الله أمن لبنان واستقراره للخطر».

وبالإضافة إلى التحذير لحزب الله، تأمل إسرائيل أن يرسل ماكرون رسالة أكثر تصالحية إلى الحكومة اللبنانية. وقال المسؤول «الرسالة التي نريد إرسالها إليهم هي أنه سيكون من المفيد للغاية لهم الاستفادة من الفرصة الحالية»، مشددًا على المشاركة النشطة لمبعوث الطاقة الأمريكي، عاموس هوشتاين، في قضية الحدود البحرية.

وقال المسؤول «يمكننا التوصل إلى اتفاق إذا لم يتركوا حزب الله يعوق الطريق». وحذَّر المسؤول من أنه إذا استمرت الجماعة المدعومة من إيران والتي تصنفها إسرائيل على أنها إرهابية في تهديد حقول الغاز الإسرائيلية، «فقد يتسبب ذلك في تدهور لا نرغب فيه».

الضغط على إيران

وفيما يتعلق بالاتفاق النووي الإيراني، ووفق ما يضيف الكاتب، قال المسؤول الإسرائيلي إن رئيس الوزراء سيعمل على تزامن الضغط الإسرائيلي والغربي على إيران، وسيؤكد رغبة إسرائيل في التوصل إلى اتفاق نووي طويل الأمد وفعَّال.

وسيُشدِّد المسؤولون الإسرائيليون على أن الولايات المتحدة ومجموعة الدول الأوروبية الثلاثة، ألمانيا والمملكة المتحدة وفرنسا، لن تسمح لإيران بأن تكسب الوقت من خلال إطالة أمد المفاوضات، التي استؤنفت مؤخرًا في قطر بعد توقف دام شهورًا.

وقال المسؤول «نتوقع أن تكون هناك نهاية لهذه المحادثات التي لا تنتهي»، لافتًا إلى أنه «لا يوجد شيء مختلف جوهريًّا في هذه المحادثات [في الدوحة] عن المحادثات السابقة».

ونوَّه الكاتب إلى أن الاتفاق النووي، المعروف رسميًّا باسم «خطة العمل الشاملة المشتركة»، منح إيران تخفيفًا من العقوبات مقابل فرض قيود على برنامجها النووي لمنعها من الحصول على قنبلة نووية. ووقَّعته إيران مع الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين.

وانسحبت إدارة ترامب من خطة العمل الشاملة المشتركة في عام 2018 قائلة إن الصفقة ليست شاملة بما يكفي وأعادت فرض عقوبات على إيران. ورد الإيرانيون بالتخلي عن معظم التزاماتهم وتكثيف البرنامج النووي، لا سيما تخصيب اليورانيوم الذي يمكن استخدامه لإنتاج سلاح نووي.

وأضاف الكاتب أن إسرائيل ناقشت مسألة التحقيق في مقتل الصحافية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة في اجتماع الثلاثاء، وفق المسؤول.

صداقة شخصية

وتطرَّق الكاتب إلى الصداقة الشخصية بين لابيد وماكرون، مشيرًا إلى أنها تعود إلى ما قبل أن يكون أي منهما في موقعه الحالي، ذلك أن لابيد اتخذ خطوة استثنائية بتأييد ماكرون في الانتخابات الرئاسية لعام 2017، وبدا أن ماكرون رد الجميل باستضافته في قصر الإليزيه في باريس قبل أربعة أيام فقط من انتخابات أبريل (نيسان) 2019 في إسرائيل.

وفي أواخر نوفمبر (تشرين الثاني)، زار لابيد باريس والتقى مع ماكرون في نهاية رحلة استمرت ثلاثة أيام إلى أوروبا، والتي يُنظر إليها إلى حد كبير على أنها تركز على المحادثات النووية الإيرانية في فيينا. وبعد فوز ماكرون الانتخابي في أبريل، أشار لابيد إلى ماكرون «الوسطي» بأنه «صديقي العزيز» ونشر صورة للرجلين وهما يحتضنان بعضهما بعضًا.

وكان هناك عدد من الدلائل على أن ماكرون يعتزم تحسين العلاقات مع إسرائيل بعد الانتخابات. وقال السفير الفرنسي لدى إسرائيل إريك دانون للبرلمانيين الفرنسيين الزائرين في يوليو (تموز) الماضي إن ماكرون يعتزم إعادة العلاقات مع إسرائيل إذا أعيد انتخابه في عام 2022، وفقًا لمصدر دبلوماسي مطلع على الاجتماع.

وأردف الكاتب أن تعيين ماكرون لدانون كان في حد ذاته مؤشرًا مهمًّا على المستوى الذي يرغب أن تصل إليه العلاقة بين باريس وتل أبيب. ونقل عن إيمانويل نافون من معهد القدس للإستراتيجية والأمن قوله إن دانون، المقرب من الزعيم الفرنسي، ليس دبلوماسيًّا تقليديًّا، وهو «يميل للغاية تجاه إسرائيل».

وقد ظهر هذا النزوع الموالي لإسرائيل جليًّا في يوليو الماضي، عندما ألقى دانون خطابًا قويًّا مفاجئًا في احتفالات اليوم الوطني الفرنسي (يوم الباستيل)، والذي شدَّد فيه على موقف فرنسا بأن نظام «الملالي في إيران يجب ألا يمتلك القنبلة النووية أبدًا»، وفق ما يختم به الكاتب مقاله.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي