شائعات الموت حرب نفسية ضد النجوم ودعاية لترويج الأكاذيب!

2022-06-18

النجم الكبير عادل إمام (تواصل اجتماعي)كمال القاضي *

لأن الشائعة وسيلة من وسائل الحرب الباردة ضد شخص أو كيان أو مشروع، فإنها من الخطورة بمكان، حيث يؤدي تأثيرها إلى نتائج سلبية وخسائر فادحة، وتنتشر الشائعات على فترات وترتبط في كثير من الأحيان ببعض الشخصيات المهمة، لتُحقق الرواج المطلوب الهادف بطبيعة الحال إلى زعزعة الاستقرار وإثارة القلق.
في منتصف التسعينيات من القرن الماضي أذاعت القناة الأولى في التلفزيون المصري خبراً عن وفاة الفنان الكبير فريد شوقي بطريق الخطأ، بناءً على معلومة مدسوسة من أحد المُغرضين، وكان الفنان لا يزال حياً يُرزق، وبعد التحقق من عدم صحة الخبر أحال وزير الإعلام آن ذاك صفوت الشريف رئيسة القناة ملك إسماعيل إلى الشؤون القانونية للمساءلة إيذاناً بإقالتها من المنصب. وقد حدث بالفعل، حيث أقيلت الإعلامية الراحلة على أثر إذاعة الخبر المدسوس وفشلت محاولاتها المُستميتة للرجوع إلى منصبها رئيسة للقناة المهمة حينئذ.. هكذا كانت القوانين والتقاليد حاسمة وقاطعة في ما يتعلق بسمعة المواطنين ومصائرهم، سواء كانوا من المشاهير أو الشخصيات العامة، فقبل ظهور مواقع التواصل الاجتماعي والإنترنت والتريند والتسابق على تحقيق مُعدلات المُتابعة والمُشاهدة كانت حملات التشهير والإساءة موجودة وقائمة وتهدف إلى الشيء نفسه الرامي إلى رفع نسبة التوزيع للإصدارات الصفراء غير المحكومة بمعيار مهني، أو أخلاقي، لكن مثل هذه السلوكيات المُشينة لم تكن بهذا الحجم من الانتشار والضراوة قبل فوضوية السوشيال ميديا وانتهازية القائمين عليها والعاملين بها.
لقد أثار الخبر الكاذب الذي انتشر منذ فترة عن وفاة النجم الكبير عادل إمام ضجة واسعة أدت إلى استفزاز شقيقة المُنتج عصام إمام ونجله محمد إمام وبقية أفراد أسرته، فما كان منهم غير احتواء الأزمة والإسراع في تكذيب الخبر والتأكيد على سلامة الفنان الكبير وتمتعه بوافر الصحة واللياقة البدنية والاستقرار النفسي والعائلي. وعلى خلفية الشائعة المُغرضة قام محمد إمام بالاحتفال بعيد ميلاد أبيه وتوجيه رسالة اطمئنان للجمهور، غير أن نقيب الممثلين أشرف زكي أبدى استياءً كبيراً من استهداف البعض لكبار النجوم بالشائعات لتنشيط مواقعهم وصفحاتهم ومنصاتهم الإلكترونية، ذاكراً أن هذا الأمر تكرر مع عدد كبير من الفنانين كان آخرهم أحمد بدير. ولم ينس النقيب التشديد إبان إطلاق الشائعة على سلامة عادل إمام التامة، الذي يستعد على حد قول شقيقة عصام لتصوير فيلم جديد بعنوان «الواد وأبوه» في بطولة مُشتركة بين النجم الكبير وابنه محمد، على أن يقوم بالإخراج الابن الأكبر رامي إمام.
الغريب أن هناك ميثاق شرف إعلامي يحظر المُتاجرة بسمعة كبار الشخصيات أو غيرهم ويُجرم الاعتداء عليهم بشتى الطُرق والوسائل، وهذا الميثاق لم يتم تطبيقه بالشكل الرادع، ما أتاح الفرصة لاستغلال الثغرات الموجودة فيه والخاصة بحرية الرأي والتعبير دون التمييز بين المفهوم الصحيح لحرية التعبير وجريمة التعدي على السمعة والخصوصية، وهي المحظورات ذاتها الموجودة في القانون الوضعي والمُجرمة بنص وعقوبة والمُبينة على النحو الصحيح والدقيق.
لقد تكررت الشائعات المُسيئة بما لا يحتمل الصمت، فقبل عادل إمام وأحمد بدير كان محمود حميدة وعمرو دياب وتامر حسني وشيماء سيف وبدرية طُلبة وآخرين، فهي حيلة خبيثة من الغيورين والحاقدين وأصحاب النفوس المريضة، للنيل من خصومهم بالتشويش على حضورهم القوي ونجوميتهم الطاغية، وهذا الأمر له دلاله في علم النفس فهو حسب آراء المُتخصصين، نوع من الانتقام يُمارسه مُطلق الشائعة لينفس به عن رغبة مرضية لديه، ويحظى بمُتعة مؤقتة عند قراءة الخبر المُلفق الذي صنعة بنفسه، أو ساهم في صُنعة ويستقبل ردود الأفعال بمُعايشة كأن الشائعة حدث حقيقي، رغم يقينه بأنها من تدبيره، هذا بالنسبة للدوافع أما النتائج فهي معلومة وتتضمن استفادة ما، كلفت النظر والانتباه والشعور بالأهمية!
وعلى جانب آخر فإن هناك تفسير أيضاً للشائعة في علم النفس الاجتماعي، فهي تأكيد للتأثيرات السلبية للأحقاد الطبقية، وعُقدة التمييز المُجتمعي التي يعاني منها بعض المرضى من الذين تظهر عليهم الأعراض بصور شتى تترجم أزماتهم النفسية وشعورهم السلبي تجاه المُتحققين وأصحاب الأسماء اللامعة، وهؤلاء المرضى من مُطلقي الشائعات لا ينتابهم عادة إحساس بالذنب لذا فهم يكررون السلوك نفسه باستمرار وبوسائل مُختلفة وأساليب مُبتكرة تحقق الغاية والهدف تجاه الشخصيات المقصودة بالشائعة، سواء كانت شائعة موت أو ترويج لفضيحة. وفي ضوء ما سمعوه وتناقلته وسائل الاتصال المُتعددة عن شائعة وفاتهم قابل عدد من النجوم الأخبار المُلفقة باستخفاف كالفنان محمود حميدة الذي سخر من الفكرة، ولم يُعرها اهتماما، وأيضاً أحمد بدير الذي اعتبرها مجرد نكته سخيفة لا تستدعي التعليق، بينما أكدت شيماء سيف انزعاجها من الشائعة كونها فألا سيئا يتسبب في خوف وتوتر عائلتها. وكذلك اندهشت الممثلة الكوميدية بدرية طلبة من شائعة موتها وأبدت تأثراً ما من إطلاقها، كونها على صلة جيدة بجميع زملائها ولا يوجد بينها وبين أحد ضغائن يُمكن أن تدفعهم للعمل ضدها بهذه الطريقة غير الإنسانية.
ونحن إذ نستعرض مضمون الشائعة وردود أفعال المُضارين منها، إنما نهدف إلى تصحيحها وتحليلها وإبطال مفعولها والتحذير أيضاً من نتائجها.

*كاتب مصري







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي