الأمر لا يتعلق بسرعة الصوت فقط.. كيف تعمل أنظمة الصواريخ «الفرط صوتية»؟

الأمة برس - متابعات
2022-04-26

صاروخ فرط صوتي من طراز "إكس-51 إيه ويف رايدر" محمولاً على جناح قاذفة بي-52 أميركية خلال تجربة.(ا ف ب)

نشر موقع معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري) على موقعه ورقة معلومات أساسية أعدَّتها كولجا بروكمان، باحثة في المعهد في برنامج الاستخدام المزدوج ومراقبة تجارة الأسلحة، والدكتور ماركوس شيلر، محلل في شركة «إس تي أنالاتيكس» (ST Analytics) للاستشارات ومقرها ميونيخ، يحاولان فيها توضيح الأساس العلمي للمركبات والصواريخ الفرط صوتية التي دَرَج الناس في الإعلام وغيره على وصفها بأن سرعتها فائقة لسرعة الصوت دون أن يكون لديهم تصور علمي صحيح عن ذلك.

في البداية، يقول الكاتبان إنه خلال الأسابيع والأشهر الماضية، احتلت «الصواريخ الفرط صوتية» عناوين الأخبار مرةً أخرى في أخبار الدفاع العالمية. وفي 5 و11 يناير (كانون الثاني)، أجرت كوريا الشمالية رحلات طيران تجريبية لما تدَّعي أنه «صاروخ تفوق سرعته سرعة الصوت». ويشير الإعلان والصور المنشورة ومسار الرحلة إلى أن كوريا الشمالية اختبرت مركبة انزلاقية متناظرة دوارة على صاروخ معزَّز يقوم بمناورات سحب ومناورات عبر المدى أثناء الطيران.

ومع ذلك، جادل عديد من المحللين بأنه في هذه الحالة، ستكون تسمية «مركبة العودة القابلة للمناورة (MaRV)» أكثر ملاءمة. وفي سبتمبر (أيلول) 2020، اختبرت كوريا الشمالية ما أسمته أول «صاروخ تفوق سرعته سرعة الصوت»، وهو معزِّز صاروخ باليستي مع مركبة انزلاقية الفرط صوتية على شكل إسفين. مثال آخر حيث استخدمت وسائل الإعلام مصطلح «صاروخ تفوق سرعته سرعة الصوت»، في أغسطس (آب) 2020، عندما ورد أن الصين اختبرت «مركبة انزلاقية الفرط صوتية».

توضح هذه الأمثلة كيف أن مصطلح «يفوق سرعة الصوت» مربك – وربما محرَّف – عندما يُطبَّق على مجموعة كاملة من أنظمة الصواريخ من جانب مجموعة من الجهات الفاعلة المختلفة. كما أشارت بعض التغطيات الإخبارية لهذه الأحداث إلى عدم فهم الأنواع المختلفة لهذه «الصواريخ الفرط صوتية»، ودور سرعتها وقدراتها على المناورة، والفيزياء التي تقف وراءها، وقدراتها ومهامها العسكرية. ويسعى برنامج معلومات أساسية من معهد سبيري (SIPRI Topical Backgrounder) إلى تحسين فهم السرعة فوق الصوتية وطبيعة أنظمة الصواريخ الفرط صوتية، بالإضافة إلى الأنظمة الفرعية والتقنيات الرئيسة الخاصة بها. إن تحسين الفهم بين صانعي السياسات والصحافيين يمكن أن يساعد في توضيح الخطابات السياسية والعامة وتحديد الفرص لتطبيق تدابير تستهدف منع الانتشار والحد من التسلُّح لتقليل المخاطر المرتبطة به.

فهم السرعة فوق الصوتية

يوضح الكاتبان أن مصطلح «السرعة فوق الصوتية» أو السرعة التي تفوق سرعة الصوت يُعرَّف على نطاق واسع على أنه أي سرعة تتجاوز 5 ماخ، مما يعني خمس مرات أسرع من سرعة الصوت. وتُستخدم هذه العتبة لتحديد مجموعة فرعية من المركبات الجوية، وذلك لأن مجموعة من التأثيرات المادية تبدأ في أن تصبح تحديًا هندسيًّا كبيرًا عند هذه السرعة.

ويضيف التقرير: على وجه التحديد، يتحمل الجسم تدفقًا هائلًا للحرارة عندما يطير عبر طبقات كثيفة من الغلاف الجوي للأرض بسرعات تفوق سرعة الصوت. وهذه الآثار المادية وغيرها تجعل تطوير المركبات الجوية للطيران بسرعة تفوق سرعة الصوت أمرًا صعبًا ومكلفًا تكلفة خاصة. غير أن هناك أيضًا بعض المشكلات المرتبطة بتعريف «السرعة فوق الصوتية»، ومعها، جزء من تعريف «الصواريخ فوق الصوتية».

أولًا، تعريف السرعة فوق الصوتية على أنها أي شيء يتجاوز 5 ماخ يؤدي في الواقع إلى اختلاف في سرعة الجسم، اعتمادًا على ارتفاعه. وسرعة الصوت، التي تحدَّد بواحد ماخ، لا تعتمد فقط على التركيب الكيميائي للغاز الذي يتحرك الصوت خلاله (في هذه الحالة، الهواء في الغلاف الجوي للأرض) ولكن أيضًا على درجة حرارته. ويُظهر النموذج القياسي الأكثر شيوعًا للغلاف الجوي للأرض، وهو الغلاف الجوي القياسي للولايات المتحدة، تغيرًا كبيرًا في درجة الحرارة مع الارتفاع. وينتج من هذا قياس مختلف لسرعة صاروخ يتحرك بسرعة 5 ماخ – بالكيلومترات في الساعة – اعتمادًا ببساطة على الارتفاع الذي يحلِّق به الصاروخ.

هناك أيضًا عامل آخر يجب إضافته إلى هذا الاختلاف. ونظرًا إلى أن رقم ماخ يعتمد بشدة على الغاز المحيط الذي يتحرك الجسم خلاله، فإن استخدام رقم ماخ للتعريف يصبح أكثر صعوبة بمجرد أن يصبح الغاز المحيط أرق وأخف – ويختفي تمامًا على ارتفاعات أعلى. بينما يتفق العلماء والمهندسون على أنه لا يزال من المنطقي التحدث عن أرقام ماخ على ارتفاعات تبلغ نحو 30 كم – والتي يمكن أن تصل إليها مناطيد الطقس والطائرات الخاصة – فمن المؤكد أنه لا يوجد غلاف جوي كافٍ على ارتفاع 300 كم – حيث تدور الأقمار الصناعية بالفعل حول الأرض. ونظرًا إلى طبيعة الغلاف الجوي للأرض، والذي يزداد رقة مع الارتفاع، فمن الصعب الاتفاق على حد ارتفاع واضح يجب عنده استخدام أرقام الماخ مقياسًا للسرعة، أضف إلى ذلك أيضًا، الحد الذي يمكن عنده تعريف الصواريخ الفرط صوتية تحديدًا معقولًا بالقول إن هذه الصواريخ تنطلق بأسرع من 5 ماخ.

التمييز بين أنظمة الصواريخ الفرط صوتية

يضيف الكاتبان: غالبًا ما يُشار إلى السرعة فوق الصوتية على أنها أحد العوامل الرئيسة – إن لم تكن العامل الرئيس – التي تميز الصواريخ «الفرط صوتية» عن الصواريخ الأخرى. غير أن سرعة الصواريخ الباليستية (التي سبقت الضجة الحالية حول الصواريخ الفرط صوتية بنحو قرن) في كثير من الحالات تتجاوز بكثير سرعة «الصواريخ الفرط صوتية» اليوم.

وأُطلِق سلف الصواريخ الباليستية، وهو الصاروخ الألماني (A-4) (الذي عُرفت فيما بعد باسم V-2) لأول مرة في أربعينيات القرن الماضي. وأثناء الصعود، يمكن أن تصل سرعته إلى أكثر من 5 ماخ (وإن كان لفترة وجيزة فقط) ويمكن أن يفعل ذلك مرةً أخرى للحظات في طريقه للهبوط. لكن، لا أحد يدعي أن (V-2) كان صاروخًا تفوق سرعته سرعة الصوت. وفي سياق مماثل، هل ينبغي للمرء أن يطبق هذه التسمية على الصواريخ الباليستية الحديثة العابرة للقارات التي تصل سرعتها إلى 20 ماخ عند الصعود والعودة للدخول إلى الغلاف الجوي للأرض؟

بالتأكيد لا، وهناك خصائص أخرى يُستشهَد بها في الغالب عند تعريف «الصواريخ الفرط صوتية». غير أنه في حين يجرى اعتماد مزيج من الخصائص المحدَّدة على نحو متزايد بين الخبراء، غالبًا لا تُفهَم الصواريخ فوق الصوتية فهمًا جيدًا في المناقشات العامة في السياسة والإعلام. وتعرِّف «ويكيبيديا»، وهي نقطة انطلاق مشتركة لأولئك الجدد في هذا الموضوع، «الطيران فوق الصوتي» على أنه «طيران عبر الغلاف الجوي على ارتفاع أقل من 90 كم بسرعات تتراوح بين 5-10 ماخ، وهي سرعة تبدأ عندها زيادة تفكك الهواء كما توجد أحمال عالية من الحرارة».

غير أنه يمكن تصنيف صاروخ (V-2) على أنه صاروخ تفوق سرعته سرعة الصوت بموجب هذا التعريف. وينص تحالف دعم الدفاع الصاروخي ومقره الولايات المتحدة على أن «الأسلحة الفرط صوتية تشير إلى الأسلحة التي تنتقل بسرعة أكبر من 5 ماخ (نحو 3800 ميل في الساعة) ولديها القدرة على المناورة أثناء الطيران بأكمله». وتنص مقالة نشرها مجلس الشؤون الدولية الروسي على أن «هناك سمتين محدِّدتين رئيستين تُعدان من المتطلبات الأساسية لتسمية سلاح (فوق صوتي): السرعة التي تتجاوز 5 ماخ والقدرة على إجراء مناورات (عموديًّا وأفقيًّا) أثناء السفر بهذه السرعة داخل الغلاف الجوي». ويقع عديد من الصواريخ الباليستية خارج هذا التعريف لأنها لا تلبي هذه المتطلبات الأساسية.

وبالنظر إلى خصائص السرعة والقدرة على المناورة، تنقسم الأسلحة الفرط صوتية إلى نوعين مختلفين من أنظمة الصواريخ: صواريخ كروز الفرط صوتية (HCMs) والمركبات الانزلاقية الفرط صوتية (HGVs). وتحافظ صواريخ كروز على سرعة ثابتة تفوق سرعة الصوت (وعادةً مع الارتفاع كذلك) وتعمل على مدار الطيران بأكمله. وعلى النقيض من ذلك، عادةً ما تُطلَق المركبات الانزلاقية على متن الصواريخ الباليستية (يُشار إليها غالبًا باسم نظام الانزلاق المعزز) ثم تنزلق مرةً أخرى عبر الغلاف الجوي إلى هدفها بسرعات تفوق سرعة الصوت. وهناك أيضًا حالات هجينة لا تتطابق مع أي من هاتين الفئتين، ولكن استكشاف هذه الحالات خارج نطاق ورقة المعلومات الحالية.

يجدر النظر في سرعات الصواريخ الفرط صوتية (في هذه الحالة صواريخ كروز) ومقارنتها بسرعات الصواريخ الباليستية (التي قد تحمل أو لا تحمل مركبة انزلاقية كمركبة إعادة دخول للغلاف الجوي للأرض) للحصول على فكرة عن المدة التي يستغرقها كل نوع منهما للوصول إلى أهداف على مسافات مختلفة.

إن المسافة التي يمكن أن يطير بها الصاروخ الباليستي تعتمد على السرعة التي يتسارع بها – فكلما طار أسرع، طار بعيدًا، تمامًا مثل رمي حجر. وفي المقابل، تسافر صواريخ كروز الفرط صوتية بسرعة ثابتة (تقريبًا)، وهو ما يُعد أمرًا منفصلًا عن مدى بُعْد هدفها. وتصل الصواريخ الباليستية إلى هدفها أسرع من الصواريخ الفرط صوتية على مسافات تتجاوز 600-800كم تقريبًا في حالة صواريخ كروز التي تفوق سرعة الصوت والتي تتحرك باستمرار بسرعة 5 ماخ (اعتمادًا على الارتفاع). وعلى العكس من ذلك، تصل الصواريخ الفرط صوتية إلى أهدافها أسرع على مسافات تزيد على 1900-2500 كيلومتر تقريبًا في حالة صواريخ كروز التي تسافر باستمرار بسرعة 8 ماخ، والتي يُنظر إليها حاليًا على أنها السرعة القصوى التي يمكن أن تسافر بها باستخدام التكنولوجيا الحالية. وهذا يعني أن صواريخ كروز فوق الصوتية عادةً ما تستغرق وقتًا أطول من الصواريخ الباليستية للوصول إلى أهداف بعيدة. ونظرًا إلى أن المركبات الانزلاقية تُحمَل عادةً باستخدام الصواريخ الباليستية، فإن الوقت الذي تتطلبه للوصول إلى الهدف يعتمد على المسار الذي يُطلَق المعزِّز عنده والمسافة المقطوعة والمناورات التي تجري أثناء الانزلاق نحو الهدف.

والسرعة والقدرة على المناورة وخصائص كل نوع من هذه الأنواع من أنظمة الصواريخ الفرط صوتية تجعلها أكثر أو أقل مناسبة لمهام عسكرية محددة وتشكِّل تحديات لأنظمة الدفاع الصاروخي. ويؤثر هذا أيضًا في تأثيرها المحتمل في الاستقرار الإستراتيجي. غير أن الوصول إلى خصائص الأداء المطلوبة عند الحديث عن المركبات الانزلاقية وصواريخ كروز الفرط صوتية غالبًا ما يتطلب التغلب على مجموعة من التحديات التكنولوجية الكبيرة.

الأنظمة الفرعية والتحديات التكنولوجية للمركبات الانزلاقية الفرط صوتية

يلفت الكاتبان إلى أن أي مركبة انزلاقية فرط صوتية، سواء كانت تحمل حمولة تقليدية أو نووية أو من دون أسلحة، تُصمَّم بحيث يمكنها إجراء المناورات اللازمة على نحو مستقل للتحليق بدقة نحو هدف معين. وأجهزة الاستشعار والقدرات الحسابية مطلوبة لتمكين المركبة من الحفاظ على درجة معينة من الاستقلالية.

ويضيف التقرير: تتطلب المركبة الانزلاقية الفرط صوتية عديدًا من الأنظمة الفرعية الأساسية نفسها (أو المماثِلة على الأقل) التي يتطلبها الصاروخ الباليستي، باستثناء نظام الدفع. ونظرًا إلى أن المركبة الانزلاقية الفرط صوتية تُطلَق على معزِّز صاروخي، فعادةً ما يكون الغرض من ذلك هو الانزلاق نحو هدفها ولا تحتاج إلى محرك رئيس.

الأنظمة الفرعية الرئيسة للمركبة الانزلاقية الفرط صوتية هي:

نظام التوجيه والتحكم.

هيكل طائر خفيف الوزن (مع درع حراري كافٍ).

الحمولة (في بعض المهام المحدودة، يمكن أن تعتمد المركبة الانزلاقية الفرط صوتية على الطاقة الحركية للارتطام وحده).

وكما هو الحال مع أنظمة الصواريخ الباليستية، يُعد تطوير هذه الأنظمة الفرعية ودمجها أمرًا صعبًا للغاية. على سبيل المثال، يحتاج نظام التوجيه والتحكم إلى مصدر طاقة وجهاز كمبيوتر وأجهزة استشعار ومحركات – مثل أسطح التحكم الديناميكي الهوائي أو دافعات غاز بارد صغيرة تمكن من إجراء المناورات. وعندما يضيف المرء الكابلات والمسامير والبراغي والصواميل والعناصر التي يجرى فيها لصق هذه المكونات، يزداد الوزن الإجمالي والمساحة المطلوبة. يجب أيضًا أن يكون هناك مساحة كافية لحمل الحمولة الفعلية في معظم الحالات. ونتيجةً لذلك، لا تكون المركبات الانزلاقية عادةً صغيرة ولا خفيفة، مما يؤثر تأثيرًا كبيرًا في قدرات النظام ككل والمفاضلات الضرورية بين بعض قدراته.

إن أي مركبة انزلاقية فرط صوتية مصممة للتنقل عبر طبقات أكثر سمكًا من الغلاف الجوي بسرعة عالية جدًّا، مما ينتج منه حِمْل حراري ضخم ويؤين الهواء المحيط بها. ويضع هذا الحِمْل الحراري ضغطًا كبيرًا على الهيكل الطائر، والذي يجب أن يكون أيضًا قادرًا على تحمل أي ضغوط ناتجة من المناورات التي يتعين على المركبة تنفيذها. أيضًا، سحابة البلازما المتولدة عن تحرك المركبة بسرعة تفوق سرعة الصوت تجعل من الصعب جدًّا على أي نوع من أجهزة الاستشعار استشعار أي شيء، ناهيك عن تحديد هدف وتتبعه.

لذلك، يجب أن تعرف المركبة الانزلاقية مكانها بالضبط دون أي مساعدة من الخارج، مما يتطلب أجهزة استشعار دقيقة للغاية تعمل بالقصور الذاتي، من بين أمور أخرى. والتحديات التكنولوجية لهذه المتطلبات قابلة للمقارنة مع تلك التي تخص مركبة فضائية مصممة لإعادة دخول الغلاف الجوي للأرض. لكنها أكثر إلحاحًا بسبب قيود الحجم والوزن الأكثر صرامة للمركبة الانزلاقية، بالإضافة إلى المتطلبات الإضافية المستمدة من دورها العسكري.

ويضيف الكاتب: تصميم مركبة انزلاقية فرط صوتية جديرة بالثقة وبناؤها وتشغيلها يطرح عديدًا من التحديات، بما في ذلك الوصول إلى التكنولوجيا وتكاليف التطوير العالية ومتطلبات الاختبار.

الأنظمة الفرعية والتحديات التكنولوجية لصواريخ كروز الفرط صوتية

ينوِّه الكاتبان إلى التشابه بين المتطلبات الأساسية لصواريخ كروز الفرط صوتية وتلك الخاصة بالمركبات الانزلاقية الفرط صوتية، باستثناء أن السرعات قد تكون أقل (حتى السرعات القصوى التي تبلغ 8 ماخ لم يُبرهَن عليها على نحو مقنع بعد). وبالإضافة إلى ذلك، تحمل صواريخ كروز أنظمة دفع، والتي يجب أن تكون متطورة للغاية للحفاظ على سرعات تفوق سرعة الصوت لفترات طويلة. وفي الوقت الحالي، يبدو أن بعض المحركات النفاثة التضاغطية المتقدمة «رامجت» ومحركات الاحتراق النفاثة التضاغطية الأسرع من الصوت «سكرامجت» فقط هي القادرة على تلبية هذه المتطلبات. ويمثل الدفع الذي يفوق سرعة الصوت باستخدام محركات تنفس الهواء لمسافات أطول تحديات تقنية شديدة. وحتى الآن، لم تنشر أي دولة نظامًا صاروخيًّا باستخدام محرك سكرامجت، لكن يستمر البحث والتطوير والاختبار.

والعناصر الأساسية نفسها المطلوبة للمركبة الانزلاقية الفرط صوتية (وإن كان في تصميم مختلف تمامًا) مناسبة أيضًا لصواريخ كروز الفرط صوتية، مع إضافة نظام الدفع:

نظام التوجيه والتحكم.

هيكل طائر خفيف الوزن (مع درع حراري كافٍ).

نظام دفع عالي الكفاءة (عادة محرك سكرامجت).

الحمولة.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في 20 نيسان/أبريل لعملية إطلاق الصاروخ البالستي العابر للقارات "سارمات". (ا ف ب)

إضافة عنصر الدفع ينضم إلى المشكلات المذكورة للمركبة الانزلاقية الفرط صوتية، كما يتضح من النموذج الأولي الأمريكي (X-51A Waverider) (والذي يمكن أن يكون صاروخ كروز تفوق سرعته سرعة الصوت). وصمِّم (X-51A) فقط لإثبات عمليات سكرامجت لبضع دقائق من طيران يفوق سرعة الصوت دون القدرة على حمل حمولة أسلحة. ووحدة صاروح (X-51A) الذي بلغ طوله أكثر من أربعة أمتار، كانت معبأة بالكامل، مع عدم وجود مساحة إضافية للحمولة. ويوضح هذا القيود الشديدة فيما يتعلق بالوزن والحجم لأي من عناصر النظام الفرعي في صواريخ كروز الفرط صوتية.

وكما هو الحال مع المركبات الانزلاقية الفرط صوتية، ينشأ عديد من المتطلبات التكنولوجية نفسها لصواريخ كروز الفرط صوتية. وقد تكون الأحمال الحرارية قابلة للمقارنة (اعتمادًا على المهمة)، ويجب أن تفي أجهزة الاستشعار، وكذلك نظام التوجيه، بالمتطلبات المماثلة. وتُعد التكنولوجيا المتقدمة المطلوبة لنظام الدفع التضاغطي فوق الصوتي «سكرامجت» العملي حاليًا عقبة رئيسة أمام جهود تطوير صواريخ كروز الفرط صوتية.

ويمكن أن تختلف إمكانيات المركبات الانزلاقية وصواريخ كروز الفرط صوتية في الدول المختلفة، اختلافًا كبيرًا اعتمادًا على تطور التكنولوجيا والتصميم والخيارات الهندسية. ولذلك، فإن تقييم القدرات الحقيقية ومقارنتها لأي من هذه الأنظمة يجب أن يكون أعمق من القدرة على الوصول إلى سرعات أكبر من 5 ماخ ودرجة معينة من القدرة على المناورة.

الاستنتاجات

بالعودة إلى اختبارات الصواريخ الفرط صوتية التي أجرتها كوريا الشمالية، في كلتا الحالتين، يبدو أن تمكين القدرة على المناورة هو أحد الأهداف الرئيسة وراء خيارات التصميم الواضحة. لذلك، فإن مجرد وصف هذه الأنظمة على أنها «صواريخ تفوق سرعة الصوت» لا يقدم الفهم اللازم لسرعتها الفعلية، ولا قدرتها على المناورة أو نوع نظام الأسلحة الفرط صوتية الذي تعمل به. وهذه الأمثلة هي أيضًا تذكير بأنه يمكن تحقيق درجات مختلفة من القدرة على المناورة باستخدام أنواع مختلفة من مركبات العودة إلى الدخول إلى الغلاف الجوي للأرض أو الانزلاق وأن السرعة – وحتى القدرة على المناورة – ليست سوى سِمَتين من الخصائص الرئيسة لنظام الصواريخ. وبينما تواصل كوريا الشمالية دورة الاختبار المكثفة، من المهم النظر في خصائص أنواع الأنظمة وتقييمها لمعرفة قدراتها ومهامها المحتملة – بما يتجاوز تسمية «التفوق على سرعة الصوت».

إن التركيز المفرط على «الصواريخ الفرط صوتية»، لا سيما في بعض وسائل الإعلام الشعبية، واقترانه بعدم فهم حدود هذا الوصف، يعني أن المناقشات حول المخاطر القائمة والاستجابات المحتملة قد ركَّزت تركيزًا مفرطًا في بعض الأحيان على التهديد المتمثل في تقليص أوقات الاستجابة، أو التأثير في الدفاعات الصاروخية والتدابير المضادة الأخرى. إن التساؤل عن سبب تبني جهات فاعلة معينة – سواء كانت دولًا أو صناعة – لهذه المصطلحات يمكن أن يساعد في الكشف عن الدوافع والمصالح الخاصة في الضجيج حول الصواريخ الفرط صوتية، أي الظهور بمظهر التهديد أو جذب التمويل.

وقد استكشفت مناقشات أكثر استنارة، على سبيل المثال، التأثير المحتمل لقدرات المناورة الكبيرة، بما في ذلك غموض الهدف وتجنب الرادارات وأجهزة الاستشعار الأخرى. وبالطريقة التي يُستخدَم بها حاليًا، غالبًا ما يكون لمصطلح «يفوق سرعة الصوت» معنى ضئيل أو معدوم وفي الوقت نفسه يغذي الديناميكيات التنافسية والخوف من التأخر في التكنولوجيا. والتغلب على هذا النقص في الفروق الدقيقة يمكن أن يساعد في وضع حد لبعض الديناميكيات التنافسية والإنفاق العسكري الذي يحركه الضجيج.

ومثالًا لما سبق، غالبًا ما توفر قدرات بعض الصواريخ الموجودة بالفعل القدرات المطلوبة. وعلى العكس من ذلك، فإن مزايا الصواريخ المستقبلية الفرط صوتية مقارنةً بالأنظمة الأخرى تكون موضع مبالغة أحيانًا وتأتي بسعر باهظ. إن النظر في التحديات التقنية والاقتصادية لتطوير أنظمة أسلحة الفرط صوتية ونشرها يمكن أن يساعد في توجيه جهود الحد من التسلُّح وعدم الانتشار والتي تتصدى للمخاطر التي تشكلها الصواريخ التي تفوق سرعتها سرعة الصوت.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي