كيف قد تبدو السياسة الخارجية لمارين لوبان حال أصبحت رئيسة فرنسا؟

الأمة برس - متابعات
2022-04-17

مارين لوبان تجلس مع ابنة أختها ماريون في نيس ، جنوب شرق فرنسا ، في عام 2016 (أ ف ب)

نشرت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية تقريرًا أعدَّه كولم كوين، كاتب النشرة الإخبارية في المجلة، سلَّط فيه الضوء على المؤتمر الصحفي الذي عقدته مارين لوبان، مرشحة الرئاسة الفرنسية، لشرح شؤون السياسة الخارجية في حال وصولها إلى قصر الإليزيه.

سياسة لوبان الخارجية

استهل الكاتب تقريره بالإشارة إلى أن مواجهة الرئيس الفرنسي الحالي إيمانويل ماكرون والسياسية الفرنسية مارين لوبان في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية تضع فرنسا على مفترق طرق فيما يتعلق بشؤون السياسة الخارجية. وعلى الرغم من أن ماكرون لا يزال يحتل الصدارة، فإن فوز مارين لا يزال ممكنًا، وزعيمة حزب «التجمع الوطني» تعي ذلك.

واستقبلت مارين عددًا من أسئلة الصحافة بشأن مواقفها في السياسة الخارجية، إذ أنها تسعى إلى تقديم نفسها بديلًا لرئيس الجمهورية الحالي. ولذلك، ما هي التغيرات التي تطرأ على موقف فرنسا تجاه العالم في حال صعود مارين إلى رئاسة البلاد؟ وكما نرى حاليًا وفي انتخابات عام 2017، تصب مارين جل تركيزها على الشؤون المحلية، بينما تأتي شؤون السياسة الخارجية في كثير من الأحيان عندها في مرتبة متأخرة.

وفي هذا الصدد، يقول فيليب لو كوري، مسؤول حكومي فرنسي سابق وزميل غير مقيم في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، لمجلة «فورين بوليسي» إنه: «من وجهة نظري، تبدو سياستها الخارجية غامضة أو قابلة للتغير حسب الظروف». وضرب لو كوري مثالين على ذلك، قائلًا إن: «مارين كانت تؤيد التخلي عن عملة اليورو في الانتخابات الأخيرة (بينما تريد حاليًا الاحتفاظ بها)، وأثناء حملتها الانتخابية هذا الشهر، أعلنت أنها «غيَّرت رأيها» في الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بصورة جزئية بعد قراره (الذي لا يمكن الدفاع عنه) بغزو أوكرانيا».

ويوضح التقرير أن الناخبين الفرنسيين لا يبدو أنهم يهتمون بذلك؛ إذ حصلت (ومعها ماكرون ومرشح اليسار المتطرف جان لوك ميلينشون) على الدعم في الجولة الأولى من سباق انتخابات الرئاسة الفرنسية، في حملة انتخابية ركَّزت في معظمها على القضايا المحلية، وجاءت تكلفة المعيشة في طليعة هذه القضايا. وفي حين يصعب تحديد توجُّه مارين، إلا أن هناك بعض الجوانب في نظرتها الدولية التي ظلت ثابتة وتختلف بصورة ملحوظة عن منافسها ماكرون.

الاتحاد الأوروبي والناتو

يلفت التقرير إلى أن هناك بالفعل إصلاحات سياسية ملموسة يُفكر ماكرون فيها لتقوية الاتحاد الأوروبي واستخدامه أداةً لتحقيق المصالح الفرنسية. وأكدَّ مارتن كوينز، نائب مدير مكتب باريس لصندوق مارشال الألماني، لمجلة «فورين بوليسي» أن: «مارين عكس ذلك تمامًا»، وعلى الرغم من أنها ليست مؤيدة صريحة لـ«الفريكسيت (خروج فرنسا من الاتحاد الأوروبي)»، إلا أن مارين انتقدت القيود التي قد تضعها قوانين الاتحاد الأوروبي على أجندتها.

وعلى غرار زملائها اليمينيين في بولندا، تعترض مارين على سيادة قانون الاتحاد الأوروبي، بحجة أن الدستور الفرنسي يجب أن يأتي أولًا. أما آراؤها بشأن إجراءات مراقبة الحدود فقد تصطدم بصورة مباشرة بمبادئ حرية التنقل في الاتحاد الأوروبي، فضلًا عن دعمها للسياسات الحمائية لدعم العمال الفرنسيين. وفيما يتعلق بحلف الناتو، تشاطر مارين ميلينشون، منافسها صاحب المركز الثالث، وجهة النظر ذاتها في أن فرنسا ستكون أفضل حالًا من دون حلف الناتو، وبذلك، «لن تنشغل فرنسا بعد الآن في صراعات ليست جزءًا منها»، على حد قول مارين لوبان.

أوكرانيا

يرجح التقرير أن فرنسا، في حالة صعود مارين إلى سدة الرئاسة، ستؤدي دورًا مُثبِّطًا عندما يتعلق الأمر باستجابة أوروبا الموحَّدة إلى حد كبير للحرب في أوكرانيا. يقول كوينز إنه: «من المحتمل أن تذهب إلى أبعد مما فعله رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، بل إنها قد تمنع في بروكسل بعض القرارات التي يتعين اتخاذها للوقوف إلى جانب أوكرانيا».

وكان موقف مارين، مثل موقف أوربان، واضحًا بشأن عمليات نقل الأسلحة الأوروبية، قائلة إن: «إرسال أسلحة إلى أوكرانيا يخاطر بتحويل فرنسا إلى دولة مشاركة في الحرب»، ويعلق الكاتب بأن هذا الموقف ليس موقفًا فريدًا من نوعه بالضرورة، إذ كان هذا هو موقف ألمانيا حتى أسابيع قليلة مضت).

صعود اليمين

يؤكد التقرير أنه على غرار فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية الأمريكية في عام 2016، فإن فوز مارين لوبان في الانتخابات الرئاسية الفرنسية من شأنه أن يُظهر قوة الزعماء اليمينيين على مستوى العالم ويمنح الزعماء المستبدين في أوروبا (بولندا والمجر) نصيرًا مهمًّا.

ولكن كما هو الحال مع كل شيء تقريبًا، تسببت الحرب في أوكرانيا في قلب بعض الديناميكيات القديمة لليمين الأوروبي رأسًا على عقب. وربما لا تزال مارين تجد أرضية مشتركة مع أوربان، لكن القصة مختلفة في بولندا. ويوضح كوينز قائلًا إنه: «سيكون من الصعب على مارين العثور على حليف في العاصمة البولندية وارسو، وقد غيَّر الغزو الروسي لأوكرانيا كل ذلك».

وبغض النظر عن مدى حجم التحالف، فإن وصول مارين إلى قصر الإليزيه سيكون مفيدًا جدًّا للمستبدين خارج الاتحاد الأوروبي، ويقول لو كوري: «من وجهة نظر بوتين، ومن وجهة نظر الرئيس الصيني، شي جين بينج، من المحتمل أن يكون وجود هذا النوع من القادة الأوروبيين من الأخبار السارَّة لهم. وقد عمل بوتين على زعزعة استقرار أوروبا على مدى السنوات العشر الماضية أو نحو ذلك، وأي فوز لمثل هؤلاء الزعماء قد يساعد في ذلك».

هل تستطيع مارين الفوز؟

ينوه التقرير إلى أنه في ظل نتائج استطلاعات الرأي الحالية التي تتنبأ بفوز ماكرون بالانتخابات الرئاسية بفارق ضئيل، فإن طريق مارين للفوز أصبح معقدًا. وسيعتمد الأمر في معظمه على تصرفات ناخبي ميلينشون، الذين أفادت استطلاعات رأي حديثة أنهم يفضلون غالبًا عدم التصويت على الإطلاق في الجولة الثانية؛ إذ قال 44% منهم إنهم ينون الامتناع عن التصويت، بينما قال 33% إنهم سيصوتون لماكرون، في حين رجَّحت نسبة 23% المتبقية التصويت لمارين. وقد بدأ ماكرون بالفعل مغازلة ناخبي ميلينشون من خلال تخفيف حدة مواقفه بشأن إصلاح نظام التقاعد.

ومن خلال تركيز قدر كبير من حملته الانتخابية حاليًا على شؤون السياسة الخارجية في محاولة لتشويه صورة مارين بسبب علاقاتها مع بوتين، قد يُظهر ماكرون نفسه ساذجًا بعض الشيء ويحافظ على حظوظ زعيمة اليمين المتطرف في فرص الفوز بالانتخابات، ويوضح كوينز قائلًا: «أشعر شخصيًّا بالقلق بعض الشيء من حقيقة أن حملة ماكرون الانتخابية تُركِّز بقوة على السياسة الخارجية في الوقت الحالي، ويبدو أنهم اعتقدوا أن العلاقة بين مارين وبوتين ستكون كافية لفوز ماكرون ونيل ثقة الناخبين. إلا أنه بالنظر إلى استطلاعات الرأي، سنجد أولوية الناخبين الفرنسيين هي حل مشكلة التضخم وارتفاع الأسعار (وليس السياسة الخارجية)»، بحسب ما يُختم التقرير.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي