عملية تل أبيب خلقت ضغطا استثنائيا على حكومة بينيت

الأمة برس - متابعات
2022-04-10

رئيس وزراء اسرائيل نفتالي بينيت (أ ف ب)

تعرض رئيس الوزراء الاحتلال الإسرائيلي "نفتالي بينيت" لضغوط شديدة الأسبوع الماضي، حيث بذل جهودا مكثفة لوقف النزيف السياسي الهائل لحزبه "يمينا" وائتلافه الحاكم بعد الاستقالة المفاجئة لعضو الكنيست "إديت سيلمان" والتي أدت إلى فقدان الائتلاف الحاكم للأغلبية.

وأدت 3 أيام من المفاوضات المحمومة لاسترضاء أو تهديد أعضاء آخرين يُحتمل انشقاقهم إلى وقف النزيف السياسي، على الأقل في الوقت الحالي.

لكن بحلول نهاية الأسبوع، كان "بينيت" يواجه نوعا مختلفا من الكوابيس، عندما فتح فلسطيني من الضفة الغربية النار على حانة في أحد الشوارع التجارية الرئيسية في تل أبيب، ما أسفر عن مقتل 3 إسرائيليين وإصابة آخرين.

وسرعان ما تم إخلاء شوارع تل أبيب الصاخبة من رواد الحفلات الليلية وامتلأت بقوات الأمن والجيش وعملاء "الشاباك".

وتم بث مطاردة درامية لمنفذ العملية على الهواء مباشرة على القنوات التلفزيونية، ما جذب الإسرائيليين إلى الشاشات أثناء التزامهم بتعليمات الشرطة بالبقاء في الداخل وإغلاق أبواب منازلهم.

ويواجه "بينيت" ضغوطا وأعباء لا تطاق، وتثير خسارته للأغلبية داخل الكنيست التساؤلات حول احتمالات بقاء الحكومة التي تقوضها سلسلة الهجمات الفلسطينية التي أسفرت حتى الآن عن مقتل 13 إسرائيليا منذ 22 مارس/آذار.

وجاء الهجوم الأخير في تل أبيب قبل ساعات فقط من أول يوم جمعة من شهر رمضان المبارك، وهي فترة شديدة التوتر دائما بالنسبة للإسرائيليين.

وفي محاولة لنزع فتيل التوترات ومنع تكرار مثل تلك الأعمال التي حدثت في رمضان العام الماضي، قرر "بينيت" ووزير الدفاع "بيني جانتس" في وقت سابق من هذا الأسبوع تخفيف القيود على صلاة المسلمين في المسجد الأقصى والسماح للعمال الفلسطينيين الحاصلين على تصاريح بالعبور من الضفة الغربية إلى إسرائيل، وتجنب الإغلاق المفروض عادة على الضفة الغربية طوال هذه الفترة.

وكانت هذه هي الطريقة التي تعاملت بها إسرائيل مع الموجة السابقة من الهجمات في 2015 و2016، التي قُتل فيها 50 إسرائيليا، بسبب صعوبة التفريق بين منفذي العمليات المحتملين وعامة السكان الفلسطينيين.

وقد نجح هذا التكتيك في ذلك الوقت لكن الموجة الحالية من الهجمات مختلفة.

واستخدم منفذو هجمات 2015 و2016 السكاكين في الغالب، لكن البنادق والمسدسات هي الأسلحة البارزة في الموجة الحالية.

ويتعين على "بينيت" أن يقرر الآن ما إذا كان سيعكس قراره السابق ويغلق الضفة الغربية طوال شهر رمضان المبارك.

وقد يؤدي أي من القرارين إلى مزيد من العمليات.

ولا يعد "بينيت" الوحيد الذي يتعرض لضغوط شديدة وانتقاد لاذع.

فلقد تعرض جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي "الشاباك" لانتقاد كبير لفشله في إحباط الهجمات، أولا في بئر السبع يوم 22 مارس/آذار، ثم في بلدات الخضيرة يوم 27 مارس/آذار، ثم بني براك في 29 مارس، وأخيرا تل أبيب.

ونفذ الهجومان الأولان أفراد من عرب إسرائيليين عُرف عنهم سابقا التعاطف الأيديولوجي مع تنظيم "الدولة الإسلامية".

وكان الهجومان اللاحقان من عمل فلسطينيي الضفة الغربية.

وفي بني براك، يبدو أن المهاجم لم يكن له أي صلات تنظيمية معروفة.

أما منفذ إطلاق النار الأخير في تل أبيب فهو "رعد فتحي حازم"، البالغ من العمر 28 عاما.

ويجري الآن التحقيق في ملفه الشخصي، ولم يتضح بعد ما إذا كان ينتمي إلى أي فصيل.

ومثل نحو 40 ألف فلسطيني يعملون في إسرائيل بدون تصاريح، ويعبرون السياج الأمني و​​تتجاهلهم السلطات بشكل عام، لم يكن لدى "حازم" تصريح عمل.

ويزعم "الشاباك" أنه يحبط العشرات إن لم يكن المئات من الهجمات المماثلة كل عام.

لكن غياب الانتماء التنظيمي لمنفذي الهجمات الأخيرة يمثل تحديا لأي جهاز استخباراتي مهما كانت قدراته.

وواجه "الشاباك" مشكلة مماثلة في موجة 2015-2016، التي نفذها أيضا أشخاص منفردين ليس لديهم صلات معروفة بالبنية التحتية التنظيمية للفصائل.

لكن الجهاز الأمني الإسرائيلي تكيف بسرعة مع الظروف المتغيرة، حيث طور أدوات إلكترونية لمراقبة وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مكثف من أجل تحديد المهاجمين المحتملين قبل حمل السكين أو المسدس والانطلاق في تنفيذ المهمة.

وتواجه الحكومة التي يقودها "بينيت" ورئيس الوزراء المناوب ووزير الخارجية "يائير لابيد" عدة قرارات معقدة.

الأول كما ذكرنا هو ما إذا كان سيتم منع دخول عشرات الآلاف من فلسطينيي الضفة الغربية حتى نهاية أبريل/نيسان.

ويتزايد هذا الاحتمال مع اقتراب تاريخين مهمين في التقويم اليهودي، الاحتفال بعيد الفصح اليهودي الذي يستمر أسبوعا ويبدأ في 15 أبريل/نيسان، ثم عيد الفصح المسيحي بعد يومين.

ويتعين على الحكومة أيضا أن تقرر ما إذا كانت ستطلق حملة مكثفة للاعتقالات في مخيم جنين الذي ينحدر منه آخر منفذان للعمليات والذي يعد بؤرة للنشاط المقاوم لإسرائيل.

وكانت سمعة "الشاباك" شبه الأسطورية وخبرته التي لا مثيل لها تجتذب كبار مسؤولي مكافحة الإرهاب من أوروبا والولايات المتحدة ودول أخرى بما في ذلك بعض الدول الإسلامية.

وقد وضعت إسرائيل حدا لموجات من العمليات الاستشهادية على مر السنين، وخلقت قدرات اعتراض لإيقاف الصواريخ في منتصف الرحلة، وأنظمة دفاع جوي متعددة الطبقات، وربما تكون أكثر قاعدة بيانات استخباراتية تفصيلية في العالم حول طموحات إيران النووية وعملياتها خارج الحدود.

ولكن لا شيء من هذا يوفر لإسرائيل الأدوات اللازمة لللمعرفة المسبقة أن فلسطينيا يبلغ من العمر 28 عاما سيقرر يوما ما الحصول على سلاح وعبور الحدود إلى إسرائيل وقتل اليهود في قلب تل أبيب.

وسيكون هذا هو التحدي الرئيسي لأجهزة الأمن الإسرائيلية خلال الفترة المقبلة.

بن كاسبيت - المونيتور







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي