هل يمكن محاكمة بوتين بتهمة ارتكاب جرائم حرب؟

الأمة برس - متابعات
2022-04-07

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (د ب أ)

نشرت صحيفة «الجارديان» البريطانية تقريرًا لديفيد سميث، مدير مكتب الصحيفة في واشنطن، تحدث فيه عن دعوة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، لمحاكمة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بتهمة ارتكاب جرائم حرب، والسيناريوهات المحتملة لحدوث أمر كهذا.

يستهل الكاتب تقريره بالقول: دعا جو بايدن إلى محاكمة فلاديمير بوتين بتهمة ارتكاب جرائم حرب بعد اكتشاف مقابر جماعية وجثث لمدنيين مقيدين أُعدِموا رميًا بالرصاص من مسافة قريبة في مدينة بوشا في أوكرانيا، ولكن إخضاع الرئيس الروسي للمحاكمة لن يكون مهمة سهلة أبدًا.

ما هي جرائم الحرب؟

يشير الكاتب إلى أن المحكمة الجنائية الدولية (ICC)، أول محكمة جرائم حرب دائمة في العالم، وتُعرِّف جرائم الحرب بأنها «انتهاكات جسيمة» لاتفاقيات جنيف، وهي مجموعة من القوانين الإنسانية التي يجب مراعاتها أثناء الحرب، وقال جوناثان هافيتز، الباحث في القانون الجنائي الدولي والأمن القومي في كلية الحقوق بجامعة سيتون هول، لوكالة «رويترز» للأنباء إن إعدام المدنيين كما يُزعم في بوشا يُعد «جريمة حرب مكتملة الأركان».

في غضون ذلك، تواصل روسيا إنكارها ارتكاب هذه الجرائم، وأصرت وزارة الدفاع الروسية يوم الأحد الماضي على أنه «لم يواجه ولا حتى مدني واحد أي عنف من طرف الجيش الروسي».

كيف تتشكل قضايا جرائم الحرب؟

يلفت الكاتب إلى ما قاله جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأمريكي، للصحافيين يوم الاثنين من أن هناك أربعة مصادر رئيسة للأدلة: المعلومات التي جمعتها الولايات المتحدة وحلفاؤها بما فيها مصادر المخابرات، والجهود الأوكرانية على الأرض لبناء القضية وجمع الأدلة الجنائية حول عمليات القتل، والمواد التي تجمعها المنظمات الدولية بما فيها الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، والنتائج التي توصَّلت إليها وسائل الإعلام العالمية المستقلة من الصور والمقابلات والتوثيقات.

هل يمكن أن يتحمل بوتين شخصيًّا نتائج تصرفات قواته؟

يمكن أن يجادل الادِّعاء بأن بوتين والمقربين منه ارتكبوا جرائم حرب إما لإصدارهم أمرًا مباشرًا بشن الهجوم غير القانوني، وإما لعلمهم أن هناك جرائم تُرتكب وفشلهم في منعها. وربما يكون من الصعب إثبات هذه الحالة بمعزل عن غيرها، ولكن إذا كانت تتوافق مع نمط أوسع ارتُكب في جميع أنحاء أوكرانيا، فإنها تصبح أكثر إقناعًا. وكانت الولايات المتحدة قد اتهمت روسيا بارتكاب جرائم حرب حتى قبل ما اكتُشِف في مدينة بوشا.

وقال فيليب ساندز، الأستاذ في كلية لندن الجامعية، لوكالة «أسوشيتد برس»: «عليك أن تثبت أنهم كانوا على علم بشأن جرائم الحرب هذه أو كان من الممكن أن يعرفوا أو كان عليهم أن يعرفوا، وهناك خطر حقيقي من أن ينتهي بك الأمر بمحاكمة أشخاص في مناصب متوسطة في الحكومة بينما المسؤولون الحقيقيون عن هذا الرعب، وهم بوتين ولافروف ووزير الدفاع ورجال المخابرات والعسكريون والممولون الذين دعموا الحرب، ينجون بلا عقاب».

مَنْ يستطيع أن يُجري محاكمة كهذه؟

يقول الكاتب إن المحكمة الجنائية الدولية افتُتحت قبل 20 عامًا لمحاكمة مرتكبي جرائم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية. بيد أن الولايات المتحدة والصين وروسيا وأوكرانيا ليسوا أعضاءً في المحكمة، التي واجهت انتقاداتٍ بسبب تركيزها الكبير على أفريقيا وتطبيق «العدالة الانتقائية».

وقال المدَّعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، في فبراير (شباط) بأنه فتح تحقيقًا في جرائم حرب استجابة للغزو الروسي لأوكرانيا. ومع أنها ليست دولة موقِّعة، فإن أوكرانيا قد وافقت سابقًا على تحقيق يعود إلى عام 2013، حول ضم روسيا لشبه جزيرة القرم.

وستصدر المحكمة الجنائية الدولية أوامر توقيف بحق المسؤولين إذا استطاع المدَّعون إبداء «أسباب معقولة» للاعتقاد بأن هناك جرائم حرب قد ارتُكبت بالفعل، ولكن هناك احتمالًا ضئيلًا بشأن امتثال روسيا لأمر المحكمة بينما لا تستطيع المحكمة أن تُحاكم شخصًا غيابيًّا. كما أن عدم رغبة الولايات المتحدة في الانضمام للمحكمة أمر محرج من الناحية الدبلوماسية ومن المرجح أن يثير تنديداتٍ بشأن النفاق الغربي، وفقًا للتقرير.

وقد قال دونالد ترامب للجمعية العامة للأمم المتحدة ذات مرة: «عندما يتعلق الأمر بأمريكا، فإن المحكمة الجنائية الدولية ليس لها صلاحية ولا شرعية ولا سلطة عليها»، وأعلنت إدارته أن الولايات المتحدة ستحظر منح تأشيرات لمسؤولي المحكمة الجنائية الدولية الذين سيشاركون في التحقيق المحتمل حول ارتكاب أمريكا جرائم حرب في أفغانستان.

ولكن سوليفان قال يوم الاثنين: «كانت الولايات المتحدة في الماضي قادرة على التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية في سياقاتٍ أخرى مع أنها ليست دولة موقِّعة. ولكن هناك مجموعة من الأسباب التي تجعل الشخص يفكر في جهات بديلة أخرى».

ما هي هذه «الجهات البديلة»؟

يجيب الكاتب: تبدو الأمم المتحدة نقطة انطلاق واضحة، لكن إحدى المشكلات المتعلقة بالاستعانة بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة هي أن روسيا عضو دائم في المجلس، «ومن الصعب أن نتخيل أنهم لن يحاولوا استعمال حق النقض (الفيتو) لمنع أي إجراء بحقهم»، كما يضيف سوليفان. وربما يكون الخيار الآخر هو إنشاء محكمة خاصة من تنظيم مجموعة من البُلدان، فقد أنشأت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والاتحاد السوفيتي محكمة نورمبرج لمحاسبة القادة النازيين بعد الحرب العالمية الثانية.

وتشمل النماذج الأخرى المحتملة التي قد تلجأ إليها أوكرانيا: المحاكم التي أُنشئت لمحاسبة جرائم الحرب التي ارتُكبت خلال حروب البلقان في أوائل التسعينيات والإبادة الجماعية في رواندا عام 1994. ومن الأمثلة الأخرى أيضًا المحكمة الخاصة بسيراليون المدعومة من الأمم المتحدة والتي تأسست عام 2002 لتقديم المسؤولين عن الفظائع التي ارتكبت خلال الحرب الأهلية في البلاد عام 1996 إلى العدالة.

ماذا لو وُجِّهت لبوتين تهمة أخرى؟

سيكون من الأسهل محاكمة بوتين بجريمة العدوان بعد أن شن حربًا دون استفزاز على دولة ذات سيادة. ولا تتمتع المحكمة الجنائية الدولية بصلاحية إدانة روسيا بقضية العدوان لأن روسيا ليست دولة موقِّعة في المحكمة. وفي الشهر الماضي، أطلق العشرات من المحامين والسياسيين البارزين، بمن فيهم وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا ورئيس الوزراء البريطاني السابق جوردون براون، حملة لإنشاء محكمة خاصة لمحاكمة روسيا بجريمة العدوان في أوكرانيا.

ما المدة التي قد تستغرقها المحاكمة؟

يجيب الكاتب موضحًا: ربما عدة سنوات، فقد وجَّهت المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة لائحة اتهام ضد أول رئيس للدولة، الرئيس اليوغسلافي آنذاك سلوبودان ميلوسيفيتش، عام 1999 واحتجزته عام 2001، وبدأت محاكمته في عام 2002، وكانت لا تزال جارية عندما توفي في لاهاي عام 2006.

وأُدين تشارلز تيلور، الرئيس السابق لليبيريا، بالمساعدة في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والتحريض عليها لدعم المتمردين الذين واصلوا ارتكاب الفظائع بعد أربع سنوات من جلسات الاستماع في المحكمة الخاصة بسيراليون في لاهاي، بحسب ما يختم الكاتب.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي