إحداهن انتحرت بعد حرمانها من ابنها

معاناة المهاجرين لا تنتهي بعد سحب أطفالهم قسراً في السويد

عربي بوست
2022-02-09

السويد.. مظاهرة ضد خطف الأطفال قسراً

ازداد التفاعل خلال الأيام الماضية مع وسم "أوقفوا خطف أطفالنا"، الذي أُطلق للفت الانتباه إلى ما تتعرض له عائلات لاجئة في السويد من فصل السلطات أطفالها عنها بذريعة أن العائلة غير مؤهلة لرعايتهم.

وكانت استغاثة من الطفل السوري موسى الجعمو (11 عاماً)، الذي ظهر في مقطع مصور حصلنا عليه، وهو يطلب إعادته إلى أسرته بعدما تم إبعاده عنها بحجة تعرضه للتعنيف. حاول الطفل الهروب من الأسرة الحاضنة ولكن الشرطة السويدية أعادته إليها مرة أخرى، ولا يزال يحاول هو وأسرته التواصل مع المنظمات الحقوقية؛ للضغط على الحكومة حتى تعيده إلى عائلته، دون جدوى.

يختطف الأطفال بموجب قانون الرعاية الذي يكفل إلى هيئة الشؤون الاجتماعية سحب الأبناء ما إن أثبتت التحقيقات أن الأسرة الأصلية غير مؤهلة لحماية الطفل، هذا نص القانون، لكن ما يتم تطبيقه على الأرض يخرق القانون، إذ لا تجرى تحقيقات أصلاً في بعض الأحيان.

انتحار

ما يصيب الأهالى يتعدى سحب أطفالهم منهم، فالأضرار النفسية والمعنوية التي يواجهونها أوصلت أحدهم إلى الانتحار، إذ تنقطع كل سبل التواصل كأنما الأرض انشقت وابتلعت طفلاً أنجبته فذهب إلى أسرة أخرى دون أسباب مقنعة، أو دون تحقيق يقول أسر الأطفال إنه حيادي.

أعادت القضية الضوء على مأساة السيدة المغربية لينا، التي أنهت حياتها قبل عدة أشهر بعد معاناة مع السوسيال، الذي تحفظ على ابنها الوحيد، والتي حظيت بتفاعل واسع، إذ اعتبرها كثيرون رمزاً لظلم بيروقراطية التعامل مع قضايا المهاجرين في السويد.

بدأت لينا في نشر قصتها على مواقع التواصل الاجتماعي بعدما دشنت قناة على يوتيوب تحكي فيها معاناتها، وقالت إنها انفصلت عن زوجها في العام 2012، وإنها تكفلت برعاية ابنها آدم وحدها، وكافحت وتعلمت اللغة السويدية، ودرست وعملت كممرضة، وقالت لينا في تلك الفيديوهات إنها تعرضت لمعاملة عنصرية في السويد، والسبب أنها لم تكن تفقه جيداً بالقوانين، وأنها أخطأت عندما طلبت طواعية عوناً من السوسيال عندما شعرت بالتعب.

تضيف لينا "بدأت أحس بصعوبة أداء عملي، كنت أتوجه إلى الأطباء الذين كانوا يصفون لي الأسبرين فقط، بينما كنت أحتاج إلى الراحة والفيتامينات والرياضة والوقت لأعتني بابني، لذلك لجأت بشكل شخصي إلى أحد الأطباء النفسيين، وقام بإعطائي أدوية مضادة للاكتئاب، لكن هذا الطبيب لم يشرح لي الأعراض الجانبية التي تترتب على تعاطي هذه الأدوية، بدأت بعد فترة من الزمن أشعر بصعوبة في التفكير، لا أفكر بالمستقبل، بل أصبحت أفكر بالانتحار، ثم قررت إيقاف الأدوية لأنني أدركت تماماً أنها عقاقير تدمرني بدل أن تنقذني، ومع ذلك كنت أعمل في نفس الوقت وأحاول عدم الانقطاع عن عملي.

دخلت مصحة نفسية لكنها وصلت لحالة مزرية

بعد خروجها من مشفى الأمراض النفسية، ابتعد عنها أصدقاؤها، حسبما قالت، وخسرت عملها، ولم تستطع إيجاد عمل جديد، وبحسب لينا فإن المساعدة التي كانت تتلقاها كانت تقتصر على النصيحة باللجوء إلى الاختصاصيين النفسيين ومساعدة مادية بسيطة.

لكن الذي أثر على لينا بشكل أكبر هو موضوع ابتعادها عن ابنها آدم، لأن الحديث أصبح يتركز على ضرورة أن تدع ابنها لدى عائلة أخرى لتعتني به، وهو ما رفضته، وأصرت على الاحتفاظ به.

لم يستمع السوسيال لقصة لينا، ما دفعها مع الضغط النفسي وبعد عشرات المناشدات إلى الانتحار، ليلقي آدم عليها النظرة الأخيرة وهو يهيل عليها التراب، في مشهد مؤثر تفاعل معه آلاف المهاجرين في السويد وخارجها.

أم فقدت بصرها

تعاني زكية هي الأخرى، وهي أم ألبانية، بعدما سحب السوسيال ابنها الوحيد عبد الله، على إثر إنشائه جمعية خاصة بتعليم النساء والأطفال الدين الإسلامي، ما دفع أحد جيرانها لإبلاغ الشؤون الاجتماعية بأنها غير قادرة على تربية الأطفال، خاصة أنها كانت تعاني من مرض السكري.

يقضي عبد الله عامه الرابع بصحبة العائلة الحاضنة، فقدت زكية بصرها، ولا تزال تخوض معركة قضائية للحصول على حق حضانتها لطفلها مرة أخرى.

انقطاع تام

لا يتم إخبار الأسرة الأصلية عن مكان أطفالها، أو أي طريقة للتواصل معهم، أما الأسرة الجديدة فتحصل على امتيازات بموجب القانون السويدي، أهمها الإعفاء من الضرائب، بجانب راتب شهري يتراوح بين 20 و40 ألف كرون (4600 دولار).

ويُبرز تحقيق الصحفي السوري أرقاماً مفجعة عن عدد الأطفال المفصولين عن أهلهم، من السوريين وجنسيات أخرى، بينها السويدية، ففي 2010 سُحب 17200 طفل، وفي عام 2014 سُحب 32 ألف طفل.

وتم التواصَل مع مجموعة من المحامين بالسويد ومع أسر الأطفال الذين سحبت الدولة منهم أبناءهم، لمعرفة المزيد من التفاصيل عن القضية.

تقول الحقوقية زينب لطيف، منسقة مجموعة Barnens rättigheter لحقوق الأطفال، إن دائرة الشؤون الاجتماعية "السوسيال" والأسر الحاضنة يحققان مبالغ طائلة شهرياً نظير عملية اختطاف الأطفال تلك، مكاسب لا يمكن النظر إليها دون اعتبار.

إذ إن المسؤولين ينتفعون من تسليم الأطفال إلى أسر محتضنة، تدفع الدولة للأسر السويدية مبالغ كبيرة نظير استضافتهم الأطفال، تصل في بعض الأحيان إلى 7 آلاف دولار على الطفل الواحد، ويزيد المبلغ إذا استطاعت الأسرة إثبات أن الطفل يعاني أمراضاً نفسية تحتاج إلى علاج أو أعراض توحُّد، أموال يستفيد منها أيضاً المسؤولون الذين من المفترض أنهم يوكلون بمهمة الاحتضان إلى هذه الأسر.

ما قالته لطيف كان قد أشار إليه السياسي السويدي أوفه سفيدين، في كتابه "تجارة الأطفال المربحة"، والذي اتهم فيه قيادات في المؤسسة بالاتجار في الأطفال واستغلالهم جنسياً.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي