متلازمة المحتال.. لماذا تنفر من شكر الآخرين ولا تستمتع بنجاحك؟

2021-04-04

مروة صبري

لا يُعدّ الطفل ناجحا إلا إذا تفوّق في دراسته، حتى وإن كان متفوقا في الرياضة أو الفن أو له ظروف أو قدرات خاصة، وتظل الدراسة هي المعيار الوحيد المقبول مجتمعيا حتى يتخرج الشخص في الجامعة، فيأتي نوع العمل ومقدار الدخل المادي فيستكمل الصورة الضيقة للنجاح.

وبعد إيجاد الوظيفة يكون النجاح هو الزواج والاستقرار والرزق بالأولاد الذين يبدؤون بدورهم نفس الدائرة. هذه هي النظرة العامة للنجاح، أما بعد الخبرة في الحياة والغربلة -من خلال اختباراتها الحقيقية- يجد كل إنسان تعريفه للنجاح الذي يؤمن به شخصيا والذي قد يختلف عن كل ما سبق.

ما معنى النجاح؟

النجاح في اللغة والاصطلاح هو الفوز والظفر والتوفيق وبلوغ الغاية.

وتقول المتخصصة في الموارد البشرية الدكتورة مآسر صبري إن "النجاح هو تحقيق الهدف وإدراك النتائج والشعور بالرضا عن النفس مع تقدير الذات".

وتوضح الدكتورة مآسر أن "الوصول للنجاح يحتاج لفكرة ولتخطيط، ولنضع مئة خط تحت العزم والاستمرارية وطول النفس، فلكي ننجح علينا التحدي والمواجهة ورفض الواقع لتغييره".

بينما تقول طبيبة الأطفال الدكتورة ماجدة عبد الفتاح "إن النجاح أسلوب حياة، نبدأ بالممكن، ثم نسعى لأهداف أصعب تحتاج إلى إعداد ورفع للقدرات، دون التعدي في الطريق على مكاسب أحد".

أما الدكتورة هبة علوي -وهي مدرسة الكيمياء الحيوية والبيولوجيا الجزيئية في كلية الطب بجامعة القاهرة- فتقول "مبدئيا ليس للنجاح علاقة بالنتيجة، ويجب أن ننتبه لذلك، لأن جلد الذات من أشهر أسباب الاكتئاب. النتيجة رزق".

وترى الدكتورة علوي أن "النجاح هو أن تخطط بشكل صحيح وتبذل جهدك كله دون كسل. النجاح هو الثبات على المبادئ والقيم التي تؤمن بها. النجاح هو المرونة والقدرة على التعايش مع الظروف بأحسن شكل".

مع اختلاف تعريفات النجاح، هل يمكن أن يصل الإنسان إلى درجة لا يعترف فيها بنجاحه؟

تجيب ريم عناني مدربة المهارات الحياتية بأن "النجاح مثل الظل. الإنسان يسير للأمام وكذلك النجاح، فلو توقف الإنسان عن التقدم يموت".

أما الدكتورة هبة فتقول "لا أعتقد، فكلما تحقق هدف نظر الإنسان للهدف التالي. أنا شخصيا أرى أن أكثر إنسان ناجح هو أكثر إنسان عادي في كل الاتجاهات، موازن حياته العملية والعلمية والعائلية والدينية والرياضية والاجتماعية إلخ.. وإذا وقع قام مرة أخرى بسرعة".

وتضيف الدكتورة مآسر "أتفق مع هذه النقطة، فالنجاح في جانب واحد على حساب جوانب أخرى هامة هو الفشل بعينه".

شكل النجاح

تقول ريم عناني "يختلف النجاح بحسب رغبة كل شخص ومنطقة تركيزه، فلو أرادت امرأة أن تركز في البيت والأولاد إذن فالنجاح بالنسبة لها هو تنظيف البيت وترتيبه وتربية أولادها. إن كان الشخص يعاني من قلة المادة فالمال هو النجاح بالنسبة له. النجاح يختلف بحسب ما نريده من الحياة، ولا يوجد له شكل معين".

هل يبحث الناس عن النجاح؟

تجيب عناني بأن "الناس لا يعلمون أنهم يبحثون عن النجاح، فهم يأتون إليّ يبحثون عن السعادة، وينقصهم شيء ما. عندي طبيبات يتساءلن لم لا يشعرن بالسعادة؟ فالنجاح يشمل السلام النفسي والسعادة. البعض يظن أنه فاشل في منطقة ما، بالرغم من أنه ناجح، لكن يوجد ما ينغص عليه حياته ولا يعرفه، يكون لديه رغبة داخلية إما واضحة أو تحتاج لبحث عميق، والنساء أكثر من يعاني من ذلك، لأنهن يعدون خلف العائلة. العائلة مهمة، لكنها لا تكفي".

إن كان للمجتمع صورة بعينها للنجاح فلماذا لا يشعر به الكثير ممن حققوه؟

تجيب عناني "قد يكون بسبب "متلازمة المحتال" أو "المنتحل" (Impostor Syndrome)، وهي معتقدات في عقل الشخص من الصغر أنه "لا يكفي"، ربما لأنه شعر أنه ليس جميلا، أو قد يكون قد تعرض للتنمر، أو كان يفضَّل عليه أخوتُه، أو أُجبر على دراسة شيء ما، أو عمل في مجال لا يريده، لذا قد تراه ناجحا من الخارج ولا يشعر بهذا في الداخل".

ظهر تعبير متلازمة المحتال أو المنتحل سنة 1878، حيث أطلقته المختصة بالصحة النفسية الدكتورة بولين كلانس والدكتورة سوزان أييمس للتعبير عن حالة داخلية؛ يظن المعانون منها أنهم لا يستحقون أي نجاح حققوه؛ ويرجع ذلك للشك في القدرات والشعور بالاحتيال. إنه شعور يؤثر بشكل غير متناسب على الأشخاص المتفوقين الذين يجدون صعوبة في قبول إنجازاتهم.

والمصابون بهذه الحالة يرفضون أي شكر أو تقدير على أعمالهم، لأن صورتهم الداخلية عن أنفسهم أقل بكثير مما يراه غيرهم، فيشعرون كأن ما هم فيه هو احتيال لا يعكس حقيقتهم.

وقد توصلت كلانس وأييمس إلى أن هذه المتلازمة ترتبط أكثر بنساء عاليات الإنجاز، ومن أخطر مشاكل هذه المتلازمة هو أنها حالة فكرية سلبية تحد من المزيد من الإنجاز وتعارض الشعور بالفرحة عند النجاح، مما يؤثر سلبيا على فرص النجاحات المستقبلية.

كيف يمكن التغلب على تلك الظاهرة؟

توضح عناني "بأن نعود لأصل الحكاية؛ لأول مرة شعرنا فيها بعدم النجاح أو بأننا لا نكفي"، وتتابع "هل كان في الطفولة؟ ربما يكون موقف في تقييمنا صغير لكنه مؤثر. قد تكون المقارنة مع الغير هي التي تشعرنا بذلك. أيا كان، لا بد من التعرف على الدافع وتفهمه والتصالح مع مسبباته. هذا الشعور لا يتولد فجأة، لكن لأن الشخص يعود إليه في كل مرة يواجه موقف مشابه، فإنه يرسخ ويقوى، لذا فالتخلص منه سيأخذ وقتا، لكنه بالتأكيد ممكن".







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي