
بين عزلة سياسية وفرصة أخيرة من البيت الأبيض، تأخذ إسرائيل فرصتها الأخيرة لتصميم نهاية الحرب في غزة بالانتصار على حماس.
مصاعب احتلال مدينة غزة لم تعط بعد مؤشراتها في الميدان كما عرضت حول طاولة المداولات؛ فرئيس الأركان لم يبدِ اهتماماً بمعركة أخرى تقرب الجيش الإسرائيلي من حكم عسكري من جهة، في الوقت الذي عمل فيه الاتحاد الأوروبي بتسارع على قرارات من المتوقع أن تبقي إسرائيل منهكة في الميدان الاقتصادي.
الكتف الوحيدة التي أعطيت للمستوى السياسي برئاسة نتنياهو الذي قرر عدم التنازل عن هدف الحرب، تقويض حماس، هي كتف في مكان مهم، وربما أكثر بكثير – في إدارة ترامب.
ليست كبوة لفظية
كرر وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو تعهدات الإدارة في القدس بداية الأسبوع: إعادة كل المخطوفين، ومستقبل لقطاع غزة بدون حماس، والأهم – لإسرائيل.
وبينما يستند هو إلى ترامب، فإن نتنياهو قلق جداً ولا يفلح في إخفاء ذلك. هو قلق من عزلة سياسية ومن تحول إسرائيل إلى منبوذة بين أمم العالم الغربي. وبينما وزراؤه الكبار واثقون من أنها كبوة لفظية، يقول مقربوه إنه اعتراف بالتوقع.
دليل ذلك أنها ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها نتنياهو عن إسبرطة. في المساء السابق، في المداولات الأمنية الضيقة مع قيادة جهاز الأمن حول احتلال غزة، كرر نتنياهو التوقع المفزع أمام الحاضرين كلمة بكلمة: “علينا أن نكون جاهزين للاعتماد على أنفسنا”.
هذا الدرس تعلمه في عهد إدارة بايدن، حين فرضت عليه الإدارة السابقة حظر سلاح وحشي مغلق بكلمات جميلة، ما عرض مقاتلين للخطر في ميدان المعركة – بدون D9 جديدة ودون قذائف. في حينه، بدا نتنياهو قلقاً في الأحاديث معه، قلقاً جداً.
وإلى جانب الكشف عن المخزونات الأمريكية الفارغة في إسرائيل في 7 أكتوبر بسبب الحرب بين روسيا وأوكرانيا – وسعت إسرائيل خطوط الإنتاج وبدأت بالعمل على إنتاج الذخيرة 7/24.
إذن، ما مصدر التوقع المفزع الجديد؟ مصدرها التهديدات التي تطلقها دول أوروبية والتي هي -كما وصفها نتنياهو جيداً- خاضعة لابتزاز مهاجرين مسلمين من الداخل.
هذه الأمور سرعت الاعتراف الذي احتل مكاناً محترماً في استنتاجات لجنة نيغل – الانتقال إلى إنتاج أمني مستقل كي لا نحتاج إلى إذن على كل قذيفة يطلقها جنودنا في المجال في الحروب التالية. سلسلة تفسيرات نتنياهو فور النبوءة السوداء جاءت لمنع وضع من العزلة السياسية الناشئة من العدم بهراء لسانه. وقد كان ملزماً بذلك في المؤتمر الصحافي الذي عقده أمس، وشرح فيه مرة أخرى بأنه قصد موضوع الاستقلال الأمني فقط.
على حد قول نتنياهو، هناك تأثير على البورصة والأسواق، ويفضل إيضاحاً متأخراً على صمت طويل. ومع ذلك، لا يمكن تجميل الواقع السياسي التالي: قد يكون للخطوات المتخذة ضدنا في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي تأثير شال على إسرائيل في أرجاء العالم.
مع كل الاحترام للتهديد بالمقاطعة في مسابقة الإيروفيجين، فالحديث يدور عن أكثر من مسابقة تشارك فيها إسرائيل.
حل وسط – بكاء للأجيال
هذا هو السبب الذي على أساسه ستكون احتلال مدينة غزة مثال رهان كبير أصر نتنياهو عليه لاستمرار الحرب، في ضوء جر أرجل من جانب حماس ومطالبها الوقحة. في هذه المرحلة، كان يمكنه أن يخرج ويشرح بأن ائتمان مواصلة الحرب نفد وينبغي تقليص الخسائر وأخذ المخطوفين والإيفاء بمطالب حماس. لكن في نظرة مستقبلية، فإن حلاً وسطاً كهذا، لو استسلم له لكان بمثابة بكاء للأجيال. حماس كانت ستبقى على حالها، ومواطنو الغلاف كانوا سيبقون على بؤرة الاستهداف، ولاحقاً سكان إسرائيل كلهم.
فالجبن في المجال يعد ضعفا والهروب يستدعي الهجوم التالي. دخول الجيش الإسرائيلي إلى غزة بتعليمات من المستوى السياسي لن يكون سهلاً، وسيستغرق أكثر من شهرين. كما أنها ستكون معركة هامة وأخيرة في القطاع، وتستهدف تحقيق ما لم يتحقق حتى الآن: خضوع حماس لمطالب إسرائيل، وإعادة المخطوفين، وشروط نهاية تضمن أمناً طويل المدى.
لهذا الغرض، سيتعين على نتنياهو مواصلة حركاته في الساحة السياسية لمنع سيناريو عزلة مطلقة من جهة، وتوفير مستقبل ازدهار وأمن من جهة أخرى؛ من خلال إنهاء المهمة العسكرية.
شيريت افيتان كوهن
إسرائيل اليوم 17/9/2025