هل سيكون للأحزاب العربية دور في تشكيل الواقع المدني داخل إسرائيل؟
2025-10-30 | منذ 4 ساعة
كتابات عبرية
كتابات عبرية

مفهوم “دولة يهودية وديمقراطية” في الخطاب الإسرائيلي وفي تشكيل الواقع المدني في إسرائيل بمثابة أداة للتحايل. وأسلوب إسرائيل المجدي، “السير مع والشعور بـ لا”، هو المضي بالتفوق اليهودي مع تسهيلات طفيفة هنا وهناك بوسائل إجرائية للديمقراطية الليبرالية من أجل الحفاظ على الصورة الذاتية الثمينة، التي تمس القلب الإسرائيلي، “الديمقراطية الوحيدة في الشرق الاوسط”.

في الوقت نفسه، هذا المفهوم مكن من التحدث عن التوترات الداخلية العميقة في الواقع الإسرائيلي، التي تعكس المفهوم ثنائي الأبعاد يهودية وديمقراطية، ولكن مع تطبيق سياسة مركزية عرقية خالية من الشك والتعقيد: ديمقراطية لليهود ويهودية للعرب.

لكن المفهوم مزدوج الأهمية والغامض والمراوغ لم يلب طموحات أتباع التفوق اليهودي. فيما يتعلق بفرض الهيمنة القومية – العرقية – اليهودية، اعتبر دعامة ضعيفة ومفهوم ديمقراطي جدا. هؤلاء عملوا على سحق الحقوق الأساسية للمواطنين العرب الفلسطينيين بدون أي رادع أو تحفظ، لكن المكونات المدنية الليبرالية لصيغة “يهودية وديمقراطية” لم تسمح لهم بالانطلاق بحرية.

هذا هو السبب الذي جعلهم يركلون هذه الصيغة بصورة نهائية بسن قانون القومية، الذي ينص فعلياً على أن “يهودية وديمقراطية” ستخلي مكانها لـ “يهودية ويهودية”. وكإضافة، عمقوا هذه التوجهات القمعية في إطار الانقلاب النظامي.

لذلك، إذا كان أنصار الدولة اليهودية والعنصرية قد تنازلوا عن فكرة الدولة اليهودية والديمقراطية، فهل ما زالت هذه الفكرة تنطوي على إمكانية تمكنها من النضال ضد العرقية اليهودية بأمانة؟ هل هناك فائدة من أن يتوقف أنصار المساواة المدنية الحقيقية عن التهرب من هذا المفهوم، بل ويتمسكون به بكل القوة ويضعونه في مواجهتها بكل عنصريتها؟

هذه ليست قضايا نظرية، بل أسئلة سياسية عملية يجب طرحها على الأحزاب العربية. إن أعداء الديمقراطية يزدرون وثيقة الاستقلال علناً، وهي المصدر الرسمي وشبه الدستوري لفكرة الدولة اليهودية والديمقراطية. وهذا يعود جزئياً إلى أن الالتزام بمبدأ المساواة الموجود فيها يقيد أيديهم عن طريق سحق حقوق المواطنين العرب الفلسطينيين. على خلفية ذلك، ألم يحن الوقت لممثلي المواطنين العرب الفلسطينيين، الحاليين والمستقبليين، في الكنيست لإضافة المبادئ الديمقراطية في وثيقة الاستقلال الإسرائيلية إلى ذخرهم من المفاهيم السياسية، ودعم مفهوم الدولة اليهودية والديمقراطية علناً ضد من قاموا بالانقلاب، الذين تخلوا عنها؟

إن المكاسب السياسية الفورية لهذه الخطوة اليوم، قبل الانتخابات المصيرية القادمة، واضحة: إذا أظهرت “القائمة المشتركة” التي سيتم تشكيلها، دعماً مطلقاً للدولة اليهودية والديمقراطية، فإن ذلك قد يدفع أحزاب الكتلة المناهضة لبيبي إلى التوقف عن استبعاد الأحزاب العربية من الائتلاف في المستقبل. مع ذلك، لا أعتبر فكرة انحياز “القائمة المشتركة” الجديدة إلى الراية اليهودية الديمقراطية خطوة سياسية انتهازية، بل محاولة أخرى لتقديم أنفسهم كـ “عرب جيدين” مع إذلال ذاتي وطني.

حجتي، أنه في واقع وجود دولة يهودية عنصرية، سيكون هذا خياراً استراتيجياً، أخلاقياً ووطنياً، شجاعاً، والخيار الواقعي الوحيد في النضال ضد سحق الحقوق الفردية والجماعية للأقلية العربية الفلسطينية في إسرائيل – وهو خيار دعم صيغة غير مهيمنة من الدولة اليهودية.

إن الدولة اليهودية والديمقراطية تستطيع بالفعل خدمة الديمقراطيين، اليهود والعرب، في إسرائيل، كصيغة غير مهيمنة ومتسامحة للدولة اليهودية. السبب الرئيسي لفشل صيغة تعزيز المساواة المدنية في الدولة، يكمن في استخدامها لتعزيز الهيمنة اليهودية. مع ذلك، عندما تبين أنها صيغة لا تقل ديمقراطية عن اليهودية، فإن العنصريين ألقوها جانباً، وهي الآن تنتظر الفرصة لشن حملة شاملة ضد دولة العرق اليهودي.

هذه الفرصة لن تسنح لهم ما لم يدعمها ممثلو المواطنون العرب.

هل سيشمرون عن سواعدهم؟ هل سيكونون مستعدين من خلال الثقة الوطنية الأصيلة لصياغة وثائق رؤى جديدة ومحدثة، بحيث يكون لها احتمالية حقيقية في ترجمتها إلى لغة الواقع، كي تواجه في المعركة ضد دولة التفوق اليهودية؟

 ديمتري شومسكي

هآرتس 29/10/2025



مقالات أخرى للكاتب

  • هكذا يصبح ترامب بطل إسرائيل
  • سيادة على الضفة والمريخ بـ "تصويت رمزي".. ماذا عن توسيع "أوسلو" بمناطق "د"؟
  • عن أي "غزة جديدة" تتحدث الولايات المتحدة؟









  • شخصية العام

    كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي