
فنلندا - كشف باحثون من جامعة «آلتو» الفنلندية عن تطوير علاج جديد قد يسهم في إبطاء، وربما إيقاف، تدهور الرؤية الناتج عن الضمور البقعي الجاف المرتبط بالتقدم في العمر، حسب الشرق الأوسط.
وأوضح الباحثون أن العلاج يعتمد على تقنية مبتكرة لتقوية آليات الحماية داخل خلايا العين المتأثرة في المراحل المبكرة من المرض، ونُشرت نتائج الدراسة، الجمعة، بدورية (Nature Communications).
ويُعد الضمور البقعي الجاف المرتبط بالتقدم في العمر أحد أكثر أمراض العين شيوعاً لدى كبار السن، وهو السبب الرئيسي لفقدان البصر في الفئة العمرية فوق الستين عاماً. ويحدث المرض نتيجة تلف تدريجي في البقعة الصفراء، المسؤولة عن الرؤية المركزية الدقيقة في شبكية العين. ومع مرور الوقت، تتراكم رواسب دهنية خلف الشبكية، مما يؤدي إلى تراجع حدة الإبصار، وصعوبة في قراءة النصوص أو التعرف على الوجوه، بينما تبقى الرؤية الجانبية سليمة نسبياً.
وعلى الرغم من بطء تطور المرض، فإنه لا يتوافر له حتى الآن علاج فعّال، مما يجعل الكشف المبكر والتدخل الوقائي أمرين أساسيين للحفاظ على ما تبقّى من القدرة البصرية. ويعتمد العلاج الجديد على تحفيز الخلايا المتضررة باستخدام الحرارة المنضبطة عبر الأشعة تحت الحمراء القريبة، في محاولة لتعزيز قدرتها على إصلاح نفسها ووقف تطور التلف.
وتكمن صعوبة العلاج في أن رفع درجة حرارة الأنسجة خلف الشبكية يجب أن يتم بدقة متناهية، إذ قد يؤدي تجاوز 45 درجة مئوية لتلف دائم في الأنسجة. ولحل هذه المعضلة، طوّر الباحثون تقنية تتيح مراقبة درجة الحرارة في الوقت نفسه الذي تُجرى فيه عملية التسخين، ما يسمح بالتحكم الكامل في الأمان أثناء العلاج.
وأظهرت التجارب المعملية أن هذا النهج، الذي يعتمد على التسخين المعتدل، يعمل على تحفيز الاستجابات الخلوية للحرارة، إذ تنتج الخلايا بروتينات تساعد على إصلاح البروتينات التالفة. وإذا تعذر ذلك فإن الخلايا تتولى تفكيك هذه البروتينات إلى أحماض أمينية وإعادة تدويرها. كما يُفعَّل أيضاً نظام «الالتهام الذاتي»، وهي العملية التي حاز مكتشفها العالم الياباني يوشينوري أوسومي جائزة «نوبل للطب» في 2016، حيث تُغلف الخلايا التكتلات البروتينية بغشاء خاص وتبدأ في تحليلها والتخلّص منها.
العلاج الحراري
وقال الباحثون: «استطعنا إثبات أن العلاج الحراري لا يُنشّط فقط إنتاج البروتينات التي تساعد الخلايا على إصلاح التلف الناتج عن الأكسدة، بل يُحفّز أيضاً عملية الالتهام الذاتي، وهي أشبه بعملية تنظيف داخلية للتخلّص من الفضلات الخلوية».
ووفقاً للباحثين، من المقرر أن تبدأ التجارب السريرية على البشر في فنلندا خلال ربيع عام 2026، حيث ستركّز المرحلة الأولى على التأكد من أمان العلاج دون اختبار فاعليته بعد. وسيسعى الفريق لاحقاً إلى تحديد عدد الجلسات المطلوبة للحفاظ على استجابة الخلايا، إذ تشير النتائج الأولية إلى أن تأثير العلاج يبدأ في الانخفاض بعد بضعة أيام، ما يستدعي تكراره.