
من الصعب بلورة رأي بشأن الخطاب الحالي حول استمرار الحرب؛ لأن المخفي أعظم. وليس واضحاً لماذا إذا قررت الحكومة القتال والسيطرة على غزة، نجد أن سموتريتش بالذات غير راض ويعلن عدم ثقته برئيس الوزراء؟ ظاهراً، يقول هذا لأن الحكومة لم تقرر احتلال غزة، بل وقضت بأنه إذا وافقت حماس في أثناء القتال على صفقة جزئية، فستنفذ. لكن سموتريتش أيد دائماً التقدم خطوة إثر خطوة حتى الاحتلال الكامل. وإذا كان كذلك – فلماذا يطالب فجأة، الآن وفي الحال، حسم الاحتلال؟ ربما ينبع غضبه من سبب آخر: سموتريتش يفهم بأن صفقة كاملة لإنهاء الحرب على الطريق. وليس واضحاً أيضاً لماذا أعلن نتنياهو هذا الأسبوع، بخلاف امتناعاته السابقة كلها عن البحث في “اليوم التالي”، لأنه معني بتسليم غزة إلى حكومة مدنية، أي حكومة فلسطينيين تكنوقراط، وبعد ذلك لدول عربية، مثلما اقترح كثيرون عليه أن يقول منذ بداية الحرب. فالاقتراح إياه كان يمكن طرحه قبل سنة ونصف، وبذلك نيل تأييد العالم للمطلب الشرعي لاستبدال حماس بجهة عربية أخرى.
على أي حال، أقواله تعزز انطباعاً بأننا أمام صفقة واحدة تنهي الحرب، بتأخير واضح وزائد. وعليه، يسعى نتنياهو لاتخاذ صورة من حققها بفضل التهديد على غزة، وليس لأن الأمريكيين فهموا بأنه لا سبيل آخر لإنهاء الحرب إلا باتفاق شامل ويفرضون هذا عليه. من جهة أخرى، ربما يواصل نتنياهو الخداع ويلقي لكل طرف ما يريد أن يسمعه، بدون خطة.
وإذا حدثت صفقة، فإن ثلاثة مبادئ يجب أن تكون مطبقة فيها. حماس لا تحكم في غزة، كل المخطوفين يعودون، وإيجاد حل سياسي غزة يعيد بناءها بمشاركة الفلسطينيين. وإلا فإن ما هو مضمون أن الدمار والقتل اللذين خلفناهما في غزة سيضمنان 7 أكتوبر آخر في المستقبل. ربما يكون الجيل التالي من الغزيين، إذا لم يُعد بناؤها، يسعى ذات يوم إلى الثأر، وعقب ذلك سنرغب في الرد، وهكذا تتعاظم دائرة العداء إلى الأجيال التالية. وعليه، فإن النصر الحقيقي ليس منوطاً بعدد من يقتل من رجال حماس.
إشارة لما يمكن أن يحصل لغزة في المستقبل ستأتي يوم الجمعة، عندما يلتقي ترامب وبوتين للبحث في الحرب في أوكرانيا. من ناحية الأمريكيين، فإن الحرب في أوكرانيا وغزة على حد سواء، عقبة كأداء يجب إزالتها. إذا توصل الرئيسان إلى اتفاق تقبله أوكرانيا أيضاً، سيزداد الضغط لإغلاق القصة الإسرائيلية أيضاً. مشوق بالمناسبة أن ننتبه إلى أنه علم مؤخراً عن حديثين لم يسرب مضمونهما بين بوتين ونتنياهو.
بينما في الحالة الأوروبية، روسيا هي الجانب القوي، وفي حالتنا إسرائيل هي القوية. من جهة أخرى، بينما في حالتنا الجانب الضعيف، حماس، هو أيضاً الجانب الشرير أخلاقياً، في حالة روسيا فإن الضعفاء، الأوكرانيين بالذات، هم الأخيار. غير أن استمرار الحرب في غزة تسبب في أن يرانا العالم في دور روسيا.
آفي شيلون
يديعوت أحرونوت 14/8/2025