
مرحلة الذروة في إعادة بناء دولة سوريا ستقع في الشهر القادم. كما اتفق أمس في لقاء ثنائي بين بشار الأسد ووزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، والذي عقد في قصر الرئاسة في دمشق، سيصل الأسد في زيارة ملكية رسمية إلى الرياض. سينتظره الملك سلمان بن عبد العزيز ونجله ولي العهد محمد بن سلمان، الحاكم الحقيقي. يمكن الآن أن نخمن بأن هذا سيكون حدثاً مليئاً بالطقوس، ودول العالم كلها ستتابع باهتمام كل التفاصيل صغيرة وكبيرة، وستبحث عن معان خفية في محاولة لانتزاع معلومات عن اللقاء المغلق الذي سيعقد في القصر.
حتى وقت غير بعيد كانت مثل هذه الخطوة فيلماً خيالياً. قبل 12 سنة طردت سوريا من الجامعة العربية عقب القتل الوحشي الذي نفذته قوات أمنها بعشرات آلاف مواطنيها. بالتوازي، هرب ثلاثة ملايين من سكان سوريا من الدولة. أضيفوا إلى ذلك الحرب الأهلية في سوريا وستحصلون على دولة نظرياً لا يفترض لأحد أن يكون في علاقة معها.
لكن، وهذه هي النقطة التي تلعب دوراً أساسياً، للإيرانيين مصلحة دائمة في سوريا، ترتبط بمعظمها بإسرائيل. والعلاقات مع إيران موضوع استراتيجي لدول عديدة في المنطقة. وقعت في الآونة الأخيرة “المصالحة الكبرى” بين الرياض وطهران. الدعم السعودي لسوريا سيعزز هذه العلاقة. وزيارة الأسد ستغير ميزان القوى في الشرق الأوسط: الطريق إلى الشرعية لم يعد يمر عبر القاهرة، بل عبر الرياض. والسعوديون يموضعون أنفسهم كقوة رائدة في المنطقة. في النهاية، المال يتحدث.
تحاول مصر أن تبقى ذات صلة، فقد سبق أن أعلنت بأنها ستأخذ على عاتقها حملة إعادة بناء سوريا بعد سلسلة هزات أرضية. الإمارات في الخليج، هكذا يتبين، ستمول معظم المشروع. وكل هذا يحصل بينما يحرص الأسد على أن يلعب دور من لا ينثني أو مستعد للتنازلات. ليس مهماً للعودة إلى الجامعة العربية، شرح أمس لوزير الخارجية السعودي. المهم أن ننجح معاً في بناء علاقات سوريا مع كل من دول العالم العربي.
في هذه الأثناء، تسير الأمور بشكل لا بأس به على الإطلاق. فقد سبق أن زار إمارتي عُمان وأبو ظبي. وتجول وزير خارجيته هذا الأسبوع في السعودية، وواصل إلى الجزائر وتونس اللتين أعلنتا عن فتح سفارة سورية. إلى الأردن، رغم تهريب المخدرات من سوريا عبر أراضيه إلى دول أخرى، لا مفر غير الانضمام إلى جوقة الدعم. العراق ولبنان صديقان منذ وقت مضى. إمارة قطر وحدها لم تقرر بعد موقفاً قاطعاً، لكن قربها من إيران سيدفعها على ما يبدو إلى اللين.
من المهم أن نفهم: يبنى أمام ناظرينا شرق أوسط جديد. إذا كانت كل الاتفاقات والتوافقات والتعاونات ستحصل بالفعل وتصمد، فسنرى شرق أوسط بنجومية السعودية، التي تبدأ بالاقتراب من إيران، مع مسارات التفافية على الولايات المتحدة.
السؤال الأكبر هو كيف سيؤثر كل هذا على علاقات إسرائيل والدول العربية. حالياً لا يوجد تردٍ في منظومات العلاقات مع الدول المجاورة. اقتصاديون في الدول العربية مستعدون أيضاً ليقسموا بأن العلاقات التجارية بين الإمارات وإسرائيل لن تتضرر. من جهة أخرى، لا يمكن تجاهل دعوات إبادة إسرائيل، التي تخرج من طهران. السؤال الكبير هو: كم سيرغب السعوديون في الاستثمار في هذه العلاقة، على حساب إسرائيل أيضاً؟ الأمر الوحيد الذي يمكن لإسرائيل أن تفعله كي توقف تحسين العلاقات تجاه أعدائها هو أن تبادر إلى خطوة مهمة مع الفلسطينيين. احتمال أن يحصل هذا مع الحكومة الحالية – صفري.
سمدار بيري
يديعوت أحرونوت 19/4/2023