هل كان نتنياهو محقاً باتهامه لبيد خطأ التوقيع على اتفاق الغاز مع لبنان؟
2023-04-16
كتابات عبرية
كتابات عبرية

كل شيء بسبب مسمار صغير… تقول كلمات القصيدة الإنجليزية الشهيرة.

لكن هل كان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو محقاً بالتهمة التي وجهها لحكومة بينيت – لبيد في أن التصعيد على الحدود الشمالية في الأسابيع الأخيرة مغروس في اتفاق الغاز مع لبنان، التي وقعت عليه الحكومة السابقة في تشرين الأول الماضي؟ اتدل لحقائق على خلاف ذلك، ومع ذلك فالصورة العامة أكثر تعقيداً بكثير.

اتفاق الغاز لم يكن اتفاق استسلام، ولم يكن فيه تنازل عن مصالح إسرائيلية حيوية – أمنية أو اقتصادية. عموم الجهات المهنية أيدته، وينبغي الافتراض أن نتنياهو نفسه كان سيعطيه مباركته في ظروف أخرى. لكن في نفس الوقت، لم يكن إنجازاً إسرائيلياً غير مسبوق، وليس خطوة فيها ما يضمن الهدوء في الحدود الشمالية، إذ إن هذا سرعان ما انتهك.

كما هو دارج في مطارحنا، فإن الجوانب الأقل راحة للاتفاق أخفاها الناطقون بلسان الحكومة السابقة. أولاً، حقيقة أن تهديدات نصر الله الحربية هي التي أدت أو على الأقل سرعت التوقيع على الاتفاق، الأمر الذي منح التنظيم ريح إسناد وعزز ثقته بنفسه.

وفضلاً عن ذلك، أتاح الاتفاق لإسرائيل البدء باستخراج الغاز من حقل كاريش، لكن إنتاج الغاز من الجانب اللبناني من الحدود موضوع طويل ومركب وسيتطلب زمناً طويلاً إلى أن تبدأ الدولارات تضخ إلى جيوب السياسيين الفاسدين في لبنان. من هنا، لا توجد للبنان بعدُ حقول غاز خاص به ربما تتضرر في حالة التصعيد، الأمر الذي كان يمكنه أن يلجم “حزب الله”.

وبعد كل هذا، فإن التصعيد الحالي في الحدود الشمالية لا يرتبط باتفاق الغاز، بل بتقييم نصر الله للوضع، وبموجبه إسرائيل مشغولة بمشاكلها الداخلية، لذا ستمتنع عن الرد على هجماته.

لكن النقاش في اتفاق الغاز فوت الأمر الأساس الذي هو القصور المتواصل لكل حكومات إسرائيل من صف 2006 – كل رؤساء الوزراء وكل وزراء الدفاع – الذين تركوا “حزب الله” يتعاظم ويضع يده على ترسانة قرابة 200 ألف صاروخ.

لقد خلقت حرب لبنان الثانية ميزان ردع ورعب أمام “حزب الله”، وترك حدود الشمال هادئة على مدى سنوات طويلة. لكن ليس “حزب الله” فقط هو من ردع، بل أيضاً إسرائيل، والدليل – حتى في جولة المواجهة الأخيرة، وبخلاف تام مع ادعاءات رئيس الوزراء نتنياهو امتنعت إسرائيل عن مهاجمة أهداف “حزب الله” على أراضي لبنان. وهكذا، بخلاف سوريا التي صممت إسرائيل على ألا تدع إيران تتموضع وتنصب فيها منظومات سلاح وصواريخ، حصل العكس تماماً في لبنان.

لكن بعد كل هذا هناك مبالغة كبيرة في التحذيرات من حرب قريبة في الحدود الشمالية.

الحقيقة أن لـ”حزب الله” قوة تدمير كبيرة يمكنها أن تلحق بإسرائيل ضرراً جسيماً. إضافة إلى ذلك، ليس له أيضاً ما يخسره، إذ إن لبنان اليوم دولة تعيش في الخراب. لكن لإسرائيل أيضاً قوة نار وتدمير تفوق ألف ضعف “حزب الله”، ويمكنها، إن شاءت، أن تلحق بلبنان وأساساً بأبناء الطائفة الشيعية مؤيدي نصر الله، ضرراً لا مرد له.

لهذا السبب، يتبجح نصر الله ويهدد، لكنه عملياً يحسب خطواته بحذر؛ فهو يسعى لضرب إسرائيل مستغلاً الضعف الذي تظهر حكومتها، وبهذا يعزز مكانته كرجل “المقاومة”، ولكنه في الوقت نفسه لا يريد مواجهة شاملة تكلفه حياته وثمناً باهظاً لمؤيديه.

غير أن نصر الله مغامر في طبيعته، ويتحرر أيضاً رويداً رويداً من صدمة صيف 2006. كل ما هو مطلوب هو رهان مغلوط واحد من جانبه كي نجد أنفسنا على شفا مواجهة متجددة. من الجهة الأخرى، كشف رئيس الوزراء نتنياهو على مدى سنوات ولايته عن حذر محسوب، ويقال في صالحه إنه رغم خطاباته الحازمة، يمتنع دومًا عن استخدام القوة والتدهور إلى مواجهة غير مرغوب فيها.

فهل يمكن تغيير الواقع في لبنان من الأساس على مدى العقدين الأخيرين؟ يبدو أن لا. لكن قوة الردع أمام “حزب الله” ممكن بل ومن الضروري ترميمها وتعزيزها.

أيال زيسر

إسرائيل اليوم 16/4/2023



مقالات أخرى للكاتب

  • هل تؤتي ثقافة المافيا التي اتبعتها إدارة ترامب ثمارها في الشرق الأوسط؟
  • إسرائيل بـ"عرباتها" تخفق في تحقيق أهداف الحرب: غزة.. إلى متى؟
  • باحثاً عن مخرج.. هل تنكسر عصي نتنياهو في دواليب ترامب وخطته؟








  • شخصية العام

    كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي