للإسرائيليين: أمامكم أحد خيارين.. إما الحرب الدائمة أو "حل الدولتين"
2023-04-14
كتابات عبرية
كتابات عبرية

ثمة مشكلة لا يجب الالتفاف عليها. وهذه ليست أفضل ساعة لمن اقترحوا علينا الاكتفاء بـ “إدارة النزاع” أو بـ “تقليص النزاع”. فجأة يخيل لنا بأننا قادرون على تخفيض مستوى اللهيب، وبأن لنا “سلاماً” مع دول عربية لم يسبق أن كانت في حرب معنا، وأننا سنتمكن عبر هذه الدول من الالتفاف على المشكلة الفلسطينية، أو نصل إلى الفلسطينيين مع قوة أكبر فنفرض عليهم حلاً.

فجأة، مع أو بدون صلة بآثار النية لمهاجمة جهاز القضاء، نجد أنفسنا في ساحة متعددة الجبهات من الجنوب، والشمال ومن الضفة الغربية. يدعى الخبراء إلى أستوديوهات التلفزيون كي يشرحوا من أي زاوية يفضل الدخول إلى الأقصى، وأن الوقت حان لمهاجمة “حزب الله”، وأنه يجب العمل بشكل أكثر حزماً تجاه حماس وعدم الاكتفاء بقصف أراض فارغة.

لكن بعد سنوات حاول فيها اليمين إقناعنا جميعاً بأن المشكلة الفلسطينية ليست لب الموضوع (وكأن أحداً ما يمكنه أن يساعدنا في ضمان إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية)، يتبين حتى لمن أراد رؤية أنها حقيقة، بأنه هو المفتاح بالفعل. كل محاولة للالتفاف على المشكلة الفلسطينية – مهما كانت مهمة وجيدة بحد ذاتها – لا يمكنها أن تشكل بديلاً عن معالجتها. فحل النزاع الإسرائيلي – العربي متعلق بحل النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني.

لإسرائيل شريك في رام الله، مستعد للتوصل معها إلى اتفاق سلام على أساس حل الدولتين. وسيحترم العالم توقيعه، بما فيه العالم العربي، حتى إذا لم تضم حماس للخطوة، بل وحاولت عرقلتها. في هذه اللحظة، لا يوجد في القدس شريك مستعد لحل الدولتين، حتى لو كان هذا الحل (في إطار كونفدرالية) سيمنع الحاجة إلى إخلاء مستوطنين من بيوتهم. إذا ما انفصلت الحكومة الحالية عن اليمين الهاذي وعادت إلى خطاب بار إيلان من العام 2009، فسيكون بوسعها أن تغير الوضع الخطير الذي علقت فيه إسرائيل، برمشة عين. أؤمن بأن المحافل المركزية في المعارضة ستمنحها شبكة أمان في فترة الحوار السياسي، بحيث لا يتسبب التحرر من اليمين المتطرف في إسقاطها.

ما لم يكن سلام إسرائيلي – فلسطيني، فسنعيش في المعركة التي بين الحروب، وسيقتنع الجيل بأن العيش على الحراب هو الوضع الطبيعي لمن يعيش في هذه البلاد. وما لم تكن لإسرائيل حدود شرقية، سنشرح لأنفسنا وللعالم كيف تحكم أقلية يهودية أغلبية عربية، في دولة تدعي أنها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط؛ لماذا يضطر شرطتنا إلى الدخول للمسجد الأقصى؛ لماذا يطرق جنودنا أبواب عائلات فلسطينية في منتصف الليل؛ ولماذا يبقى فلسطينيون كثيرون بهذا القدر قيد الاعتقال الإداري دون أن يعرفوا تهمتهم. لم تكن هذه هي الرؤية الصهيونية، وهذا ببساطة لا نستحقه.

اتجاه الريح. الاستطلاع الذي نشر في بداية هذا الأسبوع، بإدارة البروفيسور كميل فوكس في القناة 13، كفيل بأن يكون أنباء اللحظة ويختفي في غياهب النسيان، مثلما هو كفيل بأن يكون نقطة انعطافة تحول منها التردي في التأييد لحكومة نتنياهو إلى منزلق سلس. من السابق لأوانه أن نعرف، لكن سلسلة من الصدوع المشابهة في قنوات مختلفة كفيلة بأن تجعل حكومة “اليمين بالكامل” نوعاً من الميت السائر، حتى مع أغلبية مستقرة.

أعرف الإحساس؛ فحين تنظر كل الساحة الإعلامية والإدارية إلى الحكومة كمن حسم مصيرها؛ وحين يعتبر كل قرار مؤقتاً؛ وحين يقتنع كل المساعدين بأنه من الأفضل القفز من القارب قبل أن يعلن مقدم الأخبار عن التحول وتمتلئ السوق بأمثالهم. الاستطلاعات تبقى استطلاعات، لكن من الواضح أنها ليست الوحيدة التي تعكس مواقف الجمهور، بل تخلقها أيضاً.

لكن هذا الوضع المحبط لا يستدعي رفع الأيادي فقط، فهو يسمح أيضاً بخطوات شجاعة ليست شعبية بالضرورة، لكن مساهمتها للدولة لا تقدر بثمن. مثلاً، بيير مانديس فرانس، رئيس حكومة فرنسا (اليهودي) الذي تولى منصبه 36 أسبوعاً فقط، أخرج بلاده من فيتنام، ومنع بذلك الأزمة التي وقعت في الستينيات في الولايات المتحدة في هذا الموضوع. يمكن أن نتعلم من تجربته.

يوسي بيلين

إسرائيل اليوم 14/4/2023



مقالات أخرى للكاتب

  • هل تؤتي ثقافة المافيا التي اتبعتها إدارة ترامب ثمارها في الشرق الأوسط؟
  • إسرائيل بـ"عرباتها" تخفق في تحقيق أهداف الحرب: غزة.. إلى متى؟
  • باحثاً عن مخرج.. هل تنكسر عصي نتنياهو في دواليب ترامب وخطته؟








  • شخصية العام

    كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي