
علقت دولة إسرائيل، ربما، لأول مرة، في واقع ذي تحديات أمنية في القدس والضفة، وحيال عرب إسرائيل، وغزة، ولبنان، وحيال نشاط إيراني من سوريا. هذه هي الظاهرة الأولى المقلقة- توحيد الساحات. الظاهرة الثانية هي التغير في سلوك شباب الضفة، الذين منذ نحو سنة لا يثقون بالسلطة الفلسطينية. فقدوا الأمل في مستقبل أفضل، لا يكتفون بوضع اقتصادي معقول، وباتوا اليوم أقل ردعاً. الظاهرة الثالثة هي القدرة الإيرانية على التأثير على كل الساحة، وإضافة إلى خلق تهديد عسكري مباشر على إسرائيل، من سوريا أساساً.
في هذا الوضع على إسرائيل أن تحاول الفصل بين الساحات، وعليها أن تقوم بستة أمور: الأول: إصلاح الضرر الذي نجم عن جملة تصريحات غير مسؤولية لوزراء ونواب فيما يتعلق بالحرم، والأردن، والإمارات والولايات المتحدة، فحين تكون إسرائيل منعزلة سياسياً فلا يمكن خلق الفصل اللازم. لتهدئة الفلسطينيين في الضفة والقدس هناك حاجة لمساعدة نشطة من الأردن وأبوظبي والسعودية. ولتهدئة غزة نحتاج إلى مصر، ولتهدئة إيران نحتاج أيضاً إلى الولايات المتحدة. الأمر الثاني: تسوية الوضع في الحرم مرة واحدة وإلى الأبد. فمتحدثون إسرائيليون يعودون ليقولوا: “نحافظ على الوضع الراهن”. لكن ما هو الوضع الراهن؟ لا أحد يعرف واحد لم يُعرف، وعليه فإن تعريفاً مشتركاً إسرائيلياً – أردنياً في هذا الموضوع هو أكثر من مطلوب. الأمر الثالث: عدم الإعلان عن ضم غور الأردن؛ لأن مثل هذا الإعلان لن يحسن الواقع الأمني قيد أنملة بل سيسيء إليه.
الأمر الرابع يتعلق بغزة. يبدو أنه من الصواب ممارسة ضغط أكبر عليها، اقتصادياً كان أم عسكرياً. حتى لو أدى الأمر إلى الحاجة لحملة كبيرة أقدر بأن “حزب الله” لن ينضم؛ إذ إن مشاكل لبنان والحاجة إلى شرعية شعبية ستمنعه من محاولة “إنقاذ غزة”. الأمر الخامس يتعلق بلبنان: إذا نشبت حرب في الشمال لا حاجة لتكون بين إسرائيل و”حزب الله” بل بين إسرائيل ودولة لبنان. كما أن هذا سيكون الأمر الصواب عمله في المستقبل، ومن الصائب قوله اليوم أيضاً، لأن “حزب الله” بإدراكه أن “حرب لبنان الثالثة” ستدمر الدولة، فسيبقى أمامه ردع فاعل. الأمر السادس: الضفة. اعترف أنه ليس لدي جواب جيد على سؤال كيف نوقف موجة العمليات، لكنه سبب لإجراء “إعادة تقويم”. ربما لم تعد القدرات التكتيكية والاستخبارية الفائقة التي لدينا كافية.
في إعادة التقويم، من الصواب بسط كل مجال الإمكانيات: من محاولة إنعاش السلطة الفلسطينية (التي ى نجحت نسبياً قبل سنتين) وحتى العكس التام – الذي سينطوي على تنفيذ حصار حقيقي على قسم من مدن الضفة أو حتى “سور واق 2”. هذا التقدير، مثل باقي الأعمال، يجب القيام به بصبر وليس اعتباطاً، والأهم التشديد على أنه لا يمكن النجاح بدون تجنيد شرعية دولية. يجدر بنا أن نتذكر حملة “الرصاص المصبوب” في غزة عام 2009. رغم مئات القتلى الفلسطينيين، جاء ستة رؤساء الوزراء الأهم في أوروبا في زيارة تأييد وتشجيع إلى إسرائيل. لخلق مجال مناورة عسكرية في لبنان، نحن بحاجة إلى تأييد الولايات المتحدة، وفرنسا والأمم المتحدة. في المجال الفلسطيني نحن بحاجة أيضاً إلى الأردن ودول معتدلة أخرى، وحيال إيران إلى دول أخرى أيضاً.
غيورا آيلند
يديعوت أحرونوت 9/4/2023