
يتباهى مسؤولو حماس و”حزب الله” أنهم “يعرفون الإسرائيليين”. الأمين العام لـ “حزب الله”، حسن نصر الله، يفعل هذا منذ سنوات عديدة. قائدا حماس في غزة والخارج، صالح العاروري ويحيى السنوار، يتباهيان بالعبرية الطليقة على لسانيهما بأنهما “يفهمان الكيان الصهيوني”، أو بكلمات أخرى، إسرائيل. ولا تزال هذه العصبة تعاني غير مرة من عدم فهم الوضعية والواقع في السنوات الأخيرة. فلئن كانت حماس بالفعل تقف من وراء النار الكثيفة من جنوب لبنان نحو إسرائيل، انطلاقاً من أن يمنع الوضع السياسي الداخلي في القدس إسرائيل من الرد ضد حماس في غزة، فهو رهان غبي ومغرور. تفعل حماس غير قليل في الآونة الأخيرة كي تبقي القطاع خارج صورة القتال في أعقاب المواجهات داخل الحرم. ويمتنع التنظيم نفسه عن إطلاق كثيف للصواريخ من غزة نحو إسرائيل، والمقذوفات الصاروخية التي أطلقت ليلة الأربعاء – الخميس كانت صواريخ مضادة للطائرات اتخذت صورة رائعة في مواقع الأخبار الفلسطينية وأحدثت الكثير من الضجيج، لكن ليس أكثر من ذلك. بدلاً من هذا، يلوح أن حماس عولت على أن إشعال الساحة الشمالية لن يؤدي بإسرائيل إلى معركة أوسع تجاه القطاع، أو مثلما كتب أمس د. ميخائيل ملشتاين، رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز ديان بجامعة تل أبيب “يدور الحديث عن تطوير لسياسة التفريق التي يفرضها التنظيم على إسرائيل”، بمعنى، أن تعمل حماس ضد إسرائيل في الضفة الغربية والقدس، والآن أيضاً من جنوب لبنان، وتبقي إسرائيل غزة خارج صورة الرد. سوء تقدير.
هناك غير قليل من أوجه الشبه بين تطورات الأيام الأخيرة والأحداث التي سبقت “حارس الأسوار” في أيار 2021. تصعيد على خلفية أعمال رجال اليمين المتطرف (في حينه برئاسة إيتمار بن غفير) في أثناء شهر رمضان، حول القدس والحرم، تؤدي بحماس إلى العمل. في حينه، أطلق التنظيم وابلاً من الصواريخ نحو القدس انطلاقاً من الافتراض بأن جولة قتالية ستجديه سياسياً. منحت الجولة حماس نقاط استحقاق عديدة على المستوى السياسي، وأساساً حول نجاحها في توحيد الساحة الداخلية – العربية الإسرائيلية مع الفلسطينية، على خلفية عنف شديد داخل المدن المختلطة في إسرائيل، لكن أقل في الساحة العسكرية. هذه المرة، وأيضاً على خلفية نية نشطاء اليمين المتطرف تقديم القرابين، والعنف الشرطي داخل المسجد الأقصى، حاولت حماس العمل بشكل أكثر ذكاء. فرضية عمل التنظيم تقول إن حكومة إسرائيل برئاسة نتنياهو تعيش في أزمة داخلية قاسية جداً، وبالتالي لن ترغب في الرد بشكل واسع تجاه لبنان خوفاً من حرب مع “حزب الله”. وبالتوازي لن ترغب أيضاً في الدخول إلى جولة قتال قاسية مع حماس في غزة في أثناء إجازة الفصح، بينما الشرعية الدولية التي تحظى بها إسرائيل تقترب من الصفر، والتأييد في إسرائيل لنتنياهو في درك أسفل غير مسبوق.
بنية حماس العسكرية في جنوب لبنان ليست أمراً جديداً. فمنذ سنين والتنظيم يعمل هناك بكل النشاط لتثبيت قدرة صاروخية. كما تعرف حماس بأن حكومة لبنان ضعيفة جداً، ويمكن لحماس أن تعربد هناك بقدر ما تشاء تقريباً. وهنا يبقى السؤال الكبير مفتوحاً: ما مدى دور “حزب الله” في الهجمة من جنوب لبنان؟ من الصعب أن نصدق بأن التنظيم الشيعي لم يعرف شيئاً عن نية مجموعات من حماس لإطلاق الصواريخ، رغم النفي القاطع من جانب التنظيم بشأن دوره. من الصعب التصديق بأن حماس (أو أياً من قبلها) أطلق صلية كهذه بينما زعيم حماس إسماعيل هنية يزور بيروت، ولعله يفترض أن يلتقي بنصر الله، دون أن يعرف “حزب الله” بنية حماس. ولا تزال المناطق المظلمة كثيرة في لبنان، ومن الصعب فهم مدى التنسيق لمثل هذه الخطوة.
الواضح هو أن تركيز إسرائيل على حماس بالذات يساعد رأس الأخطبوط، أي إيران. ففتح جولة قتال بين إسرائيل وحماس في غزة كفيل بنظر إيران بصرف الانتباه الإسرائيلي عن سوريا ومحاولات إيران و”حزب الله” التموضع هناك، باتجاه الجنوب. سوء تقدير؟ ليس مؤكداً.
آفي يسسخروف
يديعوت أحرونوت 7/4/2023