إسرائيل وألمانيا.. حب من طرف واحد
2023-03-01
كتابات عبرية
كتابات عبرية

في أيلول الماضي، عندما كانت في إسرائيل حكومة تقبلها المؤسسة الألمانية، نشر صندوق تجمع الإعلام الألماني الأكبر “برتلسمان” بحثاً جديداً عن علاقات ألمانيا وإسرائيل، عاد وأكد النتائج المقلقة للبحث السابق في الموضوع قبل سبع سنوات: بعد ثمانية عقود من بدء تنفيذ “الحل النهائي للمشكلة اليهودية”، الذي أدى إلى تصفية ثلث الشعب اليهودي، فإن منظمة العلاقات بين الألمان والإسرائيليين قصة حب من طرف واحد – للإسرائيليين تجاه ألمانيا.

حسب البحث، فإن لـ 46 في المئة فقط من الألمان رأياً إيجابياً عن إسرائيل، بينما لـ 34 في المئة من الألمان رأي سلبي عنها. 93 في المئة من الألمان لم يزوروا إسرائيل، 66 في المئة من الألمان لم يكونوا على اتصال مع إسرائيل و42 في المئة من الألمان ليسوا معنيين بالأخبار من إسرائيل.

في ضوء العلاقة الواهنة لمعظم الألمان مع إسرائيل والإسرائيليين، يتضح السبب من وراء رأي الألمان السلبي عن إسرائيل بهذا القدر: ليس لدى معظم الألمان فكرة عما يجري في إسرائيل. وأولئك الذين يسعون للاطلاع على ما يجري فيها، يتلقون معلومات من وسائل إعلام ألمانية ذات ميل مناهض لإسرائيل، مثل البث الألماني العام.

بالمقابل، لـ 63 في المئة من الإسرائيليين رأي إيجابي عن ألمانيا ولـ 19 في المئة فقط رأي سلبي. 58 في المئة من الإسرائيليين لم يزوروا ألمانيا قط، ولم يكن لـ 71 في المئة منهم أي اتصال مع ألمان، 58 في المئة من الإسرائيليين غير معنيين بالأخبار من ألمانيا. في ضوء العلاقة الواهنة للإسرائيليين مع ألمانيا، يثور العجب من أين لأغلبية متماسكة بهذا القدر في إسرائيل رأي إيجابي عن ألمانيا ومن المسؤول عن خلق هذا الانطباع الإيجابي، خصوصاً في ضوء حقيقة أن 35 في المئة فقط من الألمان يعتقدون أن بلادهم تتحمل مسؤولية خاصة ما بسبب الكارثة، 49 في المئة من الألمان يعتقدون أنه يجب التوقف عن الحديث كثيرا عن الكارثة بعد 80 سنة من الكارثة، و36 في المئة من الألمان يشبهون بين الكارثة ومعاملة إسرائيل للفلسطينيين.

لا توجد الإشكالية في منظومة العلاقات بين الدولتين فقط في أوساط الرأي العام الألماني، بل أيضاً على المستوى الحكومي – المؤسساتي. ويشهد على ذلك العناق الشديد الذي حظيت به حكومة بينيت-لبيد من جانب حكومة يسار – الوسط الألمانية للمستشار أولاف شولتس، ونهج الابتعاد الموبخ الذي تتخذه الحكومة الألمانية تجاه حكومة اليمين الحالية في إسرائيل. يمكن عزو فوارق المعاملة للطابع السياسي المختلف للحكومتين في برلين تل أبيب. ومع ذلك، حتى عندما كانت في برلين حكومة برئاسة مستشارة من الحزب المحافظ، أنجيلا ميركل، ساد توتر كبير بين العاصمتين، مع أن مستوى العلاقات الثنائية في مجالات عديدة نمت وازدهرت بشكل غير مسبوق.

بودي القول: لدى المؤسسة الألمانية مشكلة بنيوية مع حكومات يمينية إسرائيلية، تترجم إلى نشاط ألماني عملي لتغيير الواقع السياسي الإسرائيلي وتصميمه بحيث يتناسب واحتياجات السياسة الخارجية الألمانية. الوسيلة الأساس في خدمة هذا الهدف هي المال الألماني الكثير المستثمر في إسرائيل بتشجيع منظمات معارضة لليمين يضخ عبر الصناديق السياسية الألمانية من اليسار واليمين.

منذ اتفاقات التعويضات التي وقعت قبل 70 سنة، نشأ انطباع بأن إسرائيل متعلقة بالأموال الألمانية. هذه المعادلة التاريخية لم تعد ذات صلة: فألمانيا اليوم متعلقة بالعلم الإسرائيلي في مجالات عديدة، والتعاون مع إسرائيل هو مصلحة ألمانية حيوية؛ بمعنى أن ميزان التعلق تغير. لم يتبقَ الآن إلا تعديل القسم المتبقي من هذه المعادلة، والذي يسمح لألمانيا بالتأثير على السياسة الإسرائيلية بخلاف المصالح الحيوية الإسرائيلية: العمل على وقف التمويل الألماني الذي يقوض وجود إسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية.

لإسرائيل حق كامل للمطالبة بوقف هذا التمويل، بينما ليس لألمانيا مثلاً حق للتعبير عن الرأي في الإصلاح القضائي في إسرائيل. إذا كان للألمان مال فائض، فليستثمروه في جلب شبان ألمان إلى إسرائيل كي يتعرفوا على إسرائيل كما هي وليس كما يبلغ عنها في وسائل إعلام ألمانية.

 

بقلم: الداد باك

إسرائيل اليوم 28/2/2023



مقالات أخرى للكاتب

  • هل تؤتي ثقافة المافيا التي اتبعتها إدارة ترامب ثمارها في الشرق الأوسط؟
  • إسرائيل بـ"عرباتها" تخفق في تحقيق أهداف الحرب: غزة.. إلى متى؟
  • باحثاً عن مخرج.. هل تنكسر عصي نتنياهو في دواليب ترامب وخطته؟








  • شخصية العام

    كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي