الجيش الإسرائيلي "الأخلاقي": نقتل أي فلسطيني.. ولا نشرب الكوكاكولا
2022-06-04
كتابات عبرية
كتابات عبرية

كلما ظهرت قصة عن جريمة أخرى ارتكبها الجيش في “المناطق” [الضفة الغربية]، كالقصة التي تناولتها هاجر شيزاف، أمس، عن الطفل الذي أطلق الجنود النار عليه وأصابوه في ظهره في الخضر، وغداً القصة التي سنقدمها عن إطلاق النار على شاب آخر، فإنك تسمع صافرة التهدئة على الفور: هؤلاء ليسوا الجنود، غير مذنبين، لا يمكن لومهم… هذا هو الوضع. حسناً، هؤلاء هم الجنود. يمكن ويجب ليس فقط لومهم، بل وتقديمهم للمحاكمة ومعاقبتهم على جرائمهم. إن رفع المسؤولية والتهمة عن الجنود هو وسيلة أخرى لإبقاء الجرائم يتيمة، وأن من ينفذونها أبرياء، وكل المجتمع يشعر بأنه على حق.

في أساس الادعاء بحصانة الجنود، يقف الافتراض بأن جنود الجيش الإسرائيلي يتجندون وهم جميعاً جنود مدللون، شباب أبرياء يعتقدون بأنهم يتجندون في جيش الخلاص، أو أتباع مهاتما غاندي، وتلاميذ ينوش كورتشاك. الزعرنة والعنصرية وكراهية العرب والعنف كلها أمور غريبة عليهم في البيت والمجتمع الذي تربوا فيه، وفي المدرسة. كانوا طاهرين عندما جاءوا إلى الجيش، وكانوا يحبون العدل والأخوة والسلام. بعد ذلك، تجندوا في الجيش، وانقلب عالمهم، انقلب مرة واحدة. تحولوا إلى وحوش بشرية، وحوش يطلقون النار على الأطفال ويركلون الشيوخ ويستفزون الكلاب ويعتدون على المعاقين. أصبحوا هم الضحايا، إذا لم تفهموا ذلك. ليسوا مذنبين بشيء، حتى إن أخذوا يطلقون النار على الأبرياء ولو بدون سبب، مثلما يحدث بشكل متواتر ومدهش.

من المذنب إذاً؟ الذين أرسلوهم إلى هناك. القادة هم المذنبون، لكننا لن نقدمهم للمحاكمة بسبب ما فعله الجندي العادي التابع لهم، الذي لم يكن سوى جندي استثنائي أخطأ. جيد، السياسيون هم المذنبون. من منهم؟ رئيس الحكومة الحالي أم وزير الدفاع الحالي؟ ما الذي تريدونه منهما. فهما أيضاً وجدا نفسيهما في الوضع الذي حصلا عليه كهدية من أسلافهما. يجب البدء بأسلافهم: موشيه ديان مذنب، إسرائيل جليلي مذنب، يغئال ألون مذنب، ونصل إلى دافيد بن غوريون وإلى الملك داود، والجريمة ما زالت تتثاءب بيتمها. إذاً، ربما هو الوضع؟ هذا الوضع غير ممكن، قوة عليا، قدر من السماء. وفي النهاية، لا يوجد من نتهمه ولا ما نتهمه به.

عودة إلى الحقيقة. جنود الجيش الإسرائيلي ينفذون كل يوم جرائم خطيرة، بعضها فظيع حقاً، حتى اليئور ازاريا ومنذ اليئور ازاريا، بقيت هذه الجرائم يتيمة بمستوى لا يصدق. لا يوجد مذنبون بشيء، لا توجد مسؤولية عن شيء. يمكن أن تقتل وتذبح ولا تقدم للمحاكمة. وعندما يطلقون النار، كالمجانين، ورصاص بالعشرات على طلاب اشتبهوا بأنهم رشقوا الحجارة، وعندما يوجهون نار القناصة إلى سيارة فيها نساء، وعندما يفتحون باب سيارة مسافرة ويطلقون النار ويقتلون ويواصلون الطريق، وعندما يعدمون كل مريضة نفسية تحمل سكيناً حتى بدون أي محاولة لوقفها… عند كل ذلك لا يعتبرون مذنبين بشيء! يقتلون وأحياناً مع سبق الإصرار، ثم يقفون فوق كل اشتباه، محصنين أكثر من أعضاء الكنيست. جنود الجيش الإسرائيلي هم الأكثر حصانة في دولة إسرائيل وهم الذين يتفوقون حتى على المستوطنين. عملياً، مسموح لأي جندي فعل أي شيء في “المناطق” [الضفة الغربية]، باستثناء سرقة عشرين شيكلاً لشراء الكوكاكولا. على هذه المخالفة سيقف للمحاكمة أمام الجيش الأخلاقي الذي يحرص فيه على الأمور الصغيرة قبل الكبيرة.

من السهل تغيير منظومة هذه القيم المريضة. يجب البدء بالجنود، المنفذين المباشرين للجرائم. وكما في عالم الجريمة، لا تهاون مع القتلة المأجورين الذين يرسلهم الآخرون، يجب وقف أسلوب كل شيء بالمجان للجنود في “المناطق”. حياة الفلسطينيين مهمة، ومن يسلبها بسهولة مثيرة للاشمئزاز كهذه –كما يحدث في الأشهر الأخيرة- يجب أن يعاقب. أرسلوا جندياً إلى السجن لمدة طويلة بسبب قتله طفلاً دون ذنب، وبسبب تحويل راعي أغنام إلى معاق طوال حياته، أو بسبب قنص قاتل لصحافية، عندها سيغير الجيش وجهه، وحينئذ سيتحسن الوضع الأمني، بالمناسبة.

 

بقلم: جدعون ليفي

هآرتس 3/6/2022



مقالات أخرى للكاتب

  • هل حققت إسرائيل هدفها بضربها راداراً للدفاع الجوي في أصفهان؟  
  • إسرائيل بعد ضربتها لأصفهان.. هز مقصود للسفينة الإقليمية أم لعب بالنار؟  
  • كيف واجه أهالي دوما والمغيّر إرهاب المستوطنين؟  





  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي