زيارة بايدن الأوروبية الناجحة
2021-06-26
جيفري كمب
جيفري كمب

تكللت أول زيارة يقوم بها جو بايدن إلى الخارج كرئيس بالنجاح، إذ حسّنت زيارته إلى بريطانيا وبلجيكا وجنيف صورته، وخاصة بين أولئك الذين كانوا يشككون في كونه ما زال يتمتع بالطاقة والقدرة اللازمتين للتعامل مع الزعماء الأجانب.
وكانت بداية زيارة بايدن جيدة مع زعماء مجموعة السبعة الآخرين في كورنوال، حيث أعلن أن «أميركا عادت». وبالنظر إلى أجواء الدفء والتفاهم التي سادت الاجتماعات، فقد كان واضحاً أن زملاءه كانوا مسرورين جداً لوجودهم إلى جانب زعيم أميركي يعتبرهم جميعاً حلفاء وأصدقاء. كما شكّلت زيارتُه إلى قلعة ويندسور، حيث استُقبل من قبل الملكة وتشكيلة من حرس الشرف الملكي بزيهم الأحمر وخوذاتهم المصنوعة من فروة الدب، نجاحاً كبيراً وحظيت بتغطية مميزة في وسائل الإعلام البريطانية والأميركية.
النتائج الإيجابية نفسها حققتها زيارته إلى قمتي «الناتو» والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في بروكسل، حيث تنفس الجميع الصعداء وانتابهم شعور بالارتياح لعدم اضطرارهم للوقوف موقف التلميذ أمام معلمه والاستماع إلى دونالد ترامب وهو يلقي عليهم الدروس في التجارة وميزانية الدفاع. والواقع أنه ما زالت هناك بعض نقاط الخلاف الجدية بين هؤلاء الأصدقاء والحلفاء، غير أن الجو العام الذي أحاط بهذه الاجتماعات كان يؤشر إلى رغبة ونية حسنة جديدة يبدو في الوقت الراهن أنها سادت داخل هذه التجمعات الحصرية.
أما اللقاء الذي ترقّبه الكثيرون، فهو ذاك الذي عقد في جنيف يوم السادس عشر من يونيو مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وفي تباين مع لقاء الرئيس ترامب الشهير مع بوتين في هلسينكي عام 2018، فقد خُطط لهذه القمة بعناية من قبل كلا الجانبين، ولم يكن هناك اجتماع خاص رأساً لرأس بين الزعيمين. وكان بايدن صريحاً جداً بشأن خلافاته مع الزعيم الروسي بخصوص حقوق الإنسان، والأزمة بشأن أوكرانيا، والإرهاب السيبراني. غير أن كل هذه القضايا لا يبدو أنها أثّرت سلباً على الانطباعات الإيجابية في كل من الولايات المتحدة وروسيا. بل كان هناك اتفاق على أن يكلّف الرئيسان حكومتيهما بالعمل معاً من أجل استئناف المحادثات حول الحد من الأسلحة النووية، والأهم من ذلك ربما، معالجة التحديات المرتبطة بالهجمات السيبرانية التي أضحت تشكّل تهديداً وجودياً لكل بلد ومجتمع في العالم. كما اتفق الزعيمان على إنشاء مجموعة عمل مشتركة من أجل دراسة المشكلة. واتفقا أيضاً على إعادة سفيريهما على التوالي إلى موسكو وواشنطن عقب سحبهما المتبادل بعد أن قال بايدن في الثامن عشر من مارس الماضي، رداًّ على سؤال، إنه يعتقد أن بوتين «قاتل»!
والواقع أنه ما زال من المبكر جداً معرفة ما إن كانت هذه الرغبة والنوايا الحسنة الجديدة التي ظهرت في قمة جنيف ستفضي إلى اتفاقات جدية حول القضايا المذكورة، إلا أنه مما يُحسب للزعيمين أنهما لم يسمحا بانزلاق اللقاء إلى مستوى سيئ. ولدى عودته إلى واشنطن، تلقّى بايدن تقييمات وردود فعل إيجابية من كل منتقديه تقريباً، وإن كان من غير المؤكد أن تفيده تلك الانطباعات الجيدة في التعاطي مع القائمة الطويلة من المشاكل الداخلية التي يواجهها.
والواقع بالنسبة لبايدن وإدارته هو أنه لقي ترحيباً حاراً في بريطانيا والاتحاد الأوروبي، وكان من المتوقع أن يتحاشى الاجتماعُ مع بوتين أيَّ حوادث خطيرة. غير أن التنبؤ بنجاح الزيارات المقبلة إلى آسيا والشرق الأوسط وأفريقيا وأميركا اللاتينية سيكون أكثر صعوبة، بالنظر إلى الوجود الإقليمي والدولي المتزايد لمنافس كبير هو الصين التي ما فتئت تسعى لفرض نفسها وتأكيد قوتها والدفع بمبادرتها العملاقة المتعلقة بالبنية التحتية «الحزام والطريق».
والحق أن أميركا تمتلك الكثير من الحلفاء والأصدقاء حول العالم، ومنهم قوى كبيرة مثل اليابان والهند، غير أن الانطباع المتزايد بتراجع الوجود العسكري الأميركي في الشرق الأوسط وجنوب غرب آسيا وتوسع القدرات الاقتصادية والعسكرية للصين، عاملان يضعان أصدقاء أميركا إزاء مأزق حقيقي. فما حجم الثقة التي يستطيعون وضعها في التزامات أميركا العالمية باتفاقاتها الدفاعية واستعدادها للدفاع عنها؟
لحسن الحظ أنه في ما يتعلق بمسألة أمن الولايات المتحدة، يحظى بايدن بالدعم من «الجمهوريين» البارزين الذين يعارضونه بخصوص كل أجندته الداخلية تقريباً.

هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن الأمة برس



مقالات أخرى للكاتب

  • «الانعزاليون الجدد» في الحزب الجمهوري
  • القوة الأميركية بعد «عاصفة الصحراء»
  • نهر نهاية العالَم الجليدي





  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي