الغريب في أهله!
2021-04-13
  د. عبد الوهاب الروحاني
د. عبد الوهاب الروحاني

مليارا مسلم حول العالم (تقريبا) يتهيأون كل عام لإستقبال رمضان بروح يفترض فيها أن تكون مفعمة بالإيمان.. يظللها الخير ويحفها التسامح  والسلام.

تبدأ التهيئة لرمضان عادة بتبادل التهاني والتراشق بأجمل الصور وأرقى العبارات.. يكثر الناس من التودد لبعضهم ولرمضان هذا القادم الجميل.. يتحدثون كثيراً عن فعل الخير، وإشاعة المحبة، والتضرع إلى الله، وعون الفقراء والمحتاجين.. ولكنهم لا يفعلون.. أنهم على خلاف ومشغولون بقتال بعضهم!

كلهم في النار:

والمسلمون وفقاً لألاف المرويات والأحاديث ثلاث وسبعون فرقة، كل فرقة تنقسم لفرق شتى.. وكلها في النار إلا واحدة، وتلك هي الفرقة "الناجية"، التي تقف حيث وقف النبي واصحابه.. لكن يظل السؤال:

 ‏من هي هذه الفرقة؟

 ‏ما لونها؟

 ‏ما شكلها؟

 ما مذهبها؟

لقد تشابهت "الفرق" علينا!

أسئلة كثيرة تجدون اجابتها في أحكام الموت وفتاوى التكفير التي يصدرها شيوخ وفقهاء كل فرقة ضد اختها.. فكلهم يرى في نفسه "الناجي" وكلهم يرى في الأخر "الكافر".. وبالتالي كلهم في النار و(العياذ بالله) كما هم يقولون وليس كما أقول أنا.

‏غير أن لكل فرقة طريقتها في التعامل مع العبادات في رمضان وغير رمضان.. وكل له رأيه في من يستحق الوظيفة ومن لا يستحقها،  ومن يستحق الصدقة ومن لا يستحقها، ومن يستحق أن يجوع ومن لا يستحق أن يشبع.. هي عندهم اجتهادات وعقائد.

جبايات وتجويع:

- بعض هذه الفرق ترى أن إطعام الفقراء وسد حاجة المحتاجين هو من اختصاصها وحدها، وتمنع المجتمع المدني من المشاركة.. فذلك برأيها يدخل في إطار "التآمر" والاستقطاب السياسي المحرم في مذهبها ومعتقدها.

-البعض الأخر يجمع بين تحصيل الضريبة وجباية الزكوات، و الاعشار، والأخماس، والأثمان من أقوات الناس، لكنهم لا يطعمون مسكيناً ولا يشبعون جائعاً، ولا يتركون رحمة الله تنزل على عباده!

وهنا، لا أدري كيف أحل هؤلاء لأنفسهم الجمع بين كل هذه الجبايات بالتوازي مع تحصيل الضرائب القانونية وغير القانونية!

علما بأن الجبايات "الشرعية" كانت تجبى عندما لم تكن الدولة الإسلامية قد قننت الضريبة.

 أنا هنا لست في موقع الإفتاء، فهذا ليس مجالي، لكني كمواطن (صالح) ومسلم (مؤمن) أناقش ما هو معقول وغير معقول!

 وأرى في هذه الجبايات التي تنعكس على حياة البسطاء من الناس جوراً كبيراً وظلماً يتناقض مع جوهر الدين.. ولا بد من مراجعتها حتى وأن قننت.

غريب في أهله:

يروى أن "الإسلام ولد غريباً وسيعود غريباً وطوبى للغرباء" - كما جاء في الحديث، ولعل الغرباء هنا هم الفقراء والجوعى والمشردون.

فلا تجعلوا الإسلام غريباً في أهله!

ورمضان كريم وكل عام وأنتم بألف خير.

 

*كاتب يمني

*المقال يعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع



مقالات أخرى للكاتب

  • الوحدة.. إعادة الكرامة!
  • سبتمبر.. الذي يتجدد!
  • ابحثوا عن السلام في بطون الجياع!!





  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي