الوحدة.. إعادة الكرامة!
2023-05-22
  د. عبد الوهاب الروحاني
د. عبد الوهاب الروحاني

الوحدة اليمنية كانت حلما جميلا وتحققت وأغنية وجدانية غنيناها جميعا بلحن الأمل والمودة والطموح.. أتعرفون لماذا؟!

  • لأننا كنا نرى فيها إعادة الكرامة للوطن وللمواطن اليمني.
  • ‏ولأنها أوقفت نزيف الدم بين اليمنيين عند براميل ونقاط كرش والشريجا وسنح وقعطبة ومناطق الوسط.
  • ‏لأنها أوقفت نزيف الجهد والوقت والمال لنظامين شطرين كانا ينفقان كل ميزانياتهما للمسألة الأمنية والتآمر والحرب.
  • ‏ثم لأنها أعادت البسمة لوجوه اليمنيين، وجمعت شمل الأسر والعوائل التي مزقتها الحروب وشتتها التقسيم.

رأيت بأم عيني توترات آلة الحرب بين البيضاء وأبين، وقعطبة والضالع، وجيوب الموت في المناطق الوسطى التي أخافت المواطن وقتلت الأبرياء وشتت الأسر.

بين عامي 1987-1989م قبل الوحدة سمحت لي المهنة التي أعشق (الصحافة) أن أقف على حياة الناس ومعاناتهم في مناطق التماس، فوقفت على مآسي وعذابات مرعبة يعيشها اليمنيون.

كانت وأصبحت:

زرت عدنِ والضالع ولحج وأبين،  وطفت بالأحياء والشوارع والحارات، التي كانت خاوية بائسة.. فجاءت الوحدة وأورقت بيومها ثم أزهرت بربيعها، وحيت بحياتها.

حملت الوحدة معها الحلم والحياة، وعمّرت الجنوب كما لم يعمر من قبل، ووجهت ميزانية الدولة للمشاريع الحيوية خلال 20 عاماً من عمرها، وبنيت المدن، والطرقات، والمطارات، والمدارس، وأهلت مؤسسات الدولة والمجتمع.. واسترجعوا من الماضي صورة -إن أردتم- وسترون ماذا فعلت الوحدة في الجنوب؟، وكيف كانت الضالع والحبيلين، والمنصورة، والشيخ عثمان، والحوطة، وزنجبار، والمكلا، وعتق والغيضة وحديبو.. وقارنوا لتحكموا بأنفسكم..

‏في صيف عام 2001م حضرت مع عدد من الوزراء برفقة المرحوم رئيس الحكومة حينها عبدالقادر باجمال مهرجان يافع التراثي، وكان افتتاح أهم المشاريع في عدن.. زمن طه غانم وعبد الكريم شايف، وفي لحج والضالع، من بينها  كان مشروع مياه "يهر لبعوس"، وهو مشروع عملاق نفذ بتمويل كبير، ثم تحديث كهرباء المنطقة في زمن وزارة المهندس القدير يحيى الأبيض -رعاه الله-.. وفي حضرموت وبمعية الرئيس الشهيد -رحمه الله-، وحضور وحيوية رجل الدولة الأنظف والأنزه صالح عباد الخولاني -رعاه الله- شهدت مشاريع كبيرة.. مركز ثقافي المكلا.. مدينة فوه، مشروع الخور، حدائق وفنادق.. وطرقات.. كانت أيام تشرق بالوحدة والانجاز.

انتكاسة ولوحة دائل:

بالتاكيد لم يكن كل شيء ورديا فأي نجاح لابد يصاحبه بعض الفشل، وشخصيا رأيت العبث والفوضى المصاحبة من قيادات مدنية وعسكرية جنوبية وشمالية.. شوهت اللوحة وافسدت المسار.

شهدت نهب وتقاسم الأراضي، وبيع ممتلكات القطاع العام والخاص.. ضياع  المزارع التعاونية، والمنشئات الحيوية، ومصادرة مؤسسات الدولة وبيعها باسم "الخصخصة" الذي تورط فيها عبدالقادر باجمال -رحمه الله-.. ثم تسريح الموظفين، وتسريح القيادات الجنوبية من الجيش.. وأحياء نظام "المعقلة"، وإعادة إنتاج القبيلة.. الخ.

كل ذلك أحدث خدوشا كبيرة في لوحة الوحدة.. وأتذكر أن الفنان التشكيلي "الاشتراكي" المبدع عبده دائل -رعاه الله- أهداني لوحة زيتية لحصان يبدو منتكسا لا أزال محتفظا بها.. وكانت هديته عندي محل فهم واستيعاب وتقدير لقيمتها ومعناها ودلالتها.

من تلك الخدوش بدأت الانتكاسة، لكنها ليست الوحدة..  بل كان الفشل الذي صاحب إدارة الوحدة،  ثم التركيز على إعادة إنتاج القديم، من الاهتمام بالقوى السياسية التقليدية على حساب جيل الوحدة، وعدم القدرة على احتوائه وادماجه في الحياه السياسية إلى الغطرسة والاقصاء.

نعم حدث حيف وظلم كبير لكنه الظلم الذي لا ذنب للوحدة فيه، ولا يجوز أن يقود للانفراط.. ثم لا يجوز أن نتنكر للوحدة وصنيعها.. فالوحدة هي خيار اليمنيين، ومستقبلهم، ولكن في ظل قيادة وطنية وديمقراطية رشيدة، تحقق العدل والمساواة والحرية والمشاركة.

‏وكل عام والوحدة بأمان..

 



مقالات أخرى للكاتب

  • سبتمبر.. الذي يتجدد!
  • ابحثوا عن السلام في بطون الجياع!!
  • افتحوا مطار صنعاء!!






  • كاريكاتير

    إستطلاعات الرأي