فيزياء جلد الثعبان تسلط الضوء على أسرار الانزلاق الجانبي

متابعات الامة برس:
2021-02-06

طارق قابيل: ألقى العلماء نظرة مجهرية على جلد أفعى الصوندر (rattlesnake) لمعرفة ما إذا كان له دور في طريقة حركتها الفريدة، واكتشفوا أن بطونها‏ مرصّعة بحفر صغيرة ولديها القليل من النتوءات الصغيرة الموجودة بكثرة على بطون الثعابين الأخرى.

وسيُنشر هذا الاكتشاف في دورية "بروسيدنغز أوف ذا ناشيونال أكاديمي أوف ساينس"، (Proceedings of the National Academy of Sciences)، ويتضمن نموذجا رياضيا لإظهار هذه الحركة الفريدة التي يمكن استغلالها في بناء روبوتات يمكنها التحرك في البيئات الصعبة.‎

الانحراف الجانبي

عُثر على أفعى الصَوَنـْدَر أو لافّة الجنب (‎Crotalus cerastes) في صحارى جنوب غربي الولايات المتحدة وشمال غربي المكسيك، وهي واحدة من 3 أنواع معروفة من الأفاعي السامّة من جنسها، ولكنها تتحرك بطريقة مختلفة عن باقي الأفاعي.

وتنتقل معظم الثعابين من النقطة "أ" إلى النقطة "ب" عن طريق ثني أجسادها على شكل حرف "إس" (S) والانزلاق إلى الأمام أولا. ومع ذلك، فإن عددا قليلا من الأنواع -الموجودة في صحارى أميركا الشمالية وأفريقيا والشرق الأوسط- لديها طريقة غريبة للتجوّل تعرف باسم "سايدوايندينغ" (sidewinding) أو الانحراف الجانبي، وهو نوع من الحركات التي تنفرد بها الثعابين الحديثة (‏Caenophidia‏)‏، وتستخدم للتحرك إلى الجانب وليس إلى الأمام عبر الرمال الرخوة.

 

وتقول جينيفر ريزر في البيان الصحفي الصادر عن "جامعة إيموري" (Emory University) إن "الانحراف الجانبي تطور بشكل مستقل في أنواع مختلفة في أجزاء مختلفة من العالم، مما يشير إلى أن الانحراف هو حل جيد لمشكلة ما". وأضافت أن "فهم هذا المثال قد يسمح لنا بتكييفه مع احتياجاتنا الخاصة، مثل بناء الروبوتات التي يمكنها التحرك في البيئات الصعبة".

وتجمع الاهتمامات البحثية لريزر، الأستاذة المساعدة للفيزياء في جامعة إيموري والمؤلفة الأولى للدراسة، بين فيزياء المادة الناعمة -المواد القابلة للتدفق مثل الرمل- وبيولوجيا الكائن الحي، وقد تؤدي الأفكار المستقاة من بحوثها إلى تحسينات في التكنولوجيا.

دراسة ملهمة

تعدّ الثعابين مثيرة لاهتمام ريزر بوجه خاص، لأنها رغم تركيبة جسمها البسيطة نسبيا، فإنها قادرة على التنقل في مجموعة ‏متنوعة من الموائل بنجاح، وتلهم الدراسة المهندسين تصميم روبوتات على هيئة ثعابين تعمل في العمليات الجراحية ومهام البحث والإنقاذ.‎

وفي دراسة سابقة، وجدت ريزر وزملاؤها أن تصميم الروبوتات للتحرك بطرق أفعوانية قد يساعدها على تجنب الكوارث عندما تصطدم بأشياء في طريقها، ووفرت دراسة الانحراف الجانبي لهم فرصة للتعمق أكثر في كيفية تطوير الثعابين لطرق للتنقل عبر الرمال السائبة والمواد الناعمة ‏الأخرى‎.‎

 

افترضت الدراسات السابقة أن الانحراف قد يسمح للثعبان بالتحرك بشكل أفضل على المنحدرات الرملية، إذ تميل معظم الثعابين إلى إبقاء بطونها على اتصال إلى حد كبير بالأرض أثناء انزلاقها إلى الأمام، مما ‏‏يؤدي إلى ثني أجسادها من رؤوسها إلى ذيولها، وبحثت الدراسة الجديدة عن الدور الذي يؤديه الجلد في أسلوب حركتها الفريد.

وركّز الباحثون على 3 أنواع من الأفاعي ذوات الانحراف الجانبي، أفعى الصَوَنـْدَر الموجودة في صحارى جنوب غربي الولايات المتحدة وشمالي المكسيك؛ وأفعى المقرنة (Cerastes cerastes)، والحية القَرعاء (Cerastes vipera)، وهي أفعى لها نتوءان صغيران في رأسها كأنهما قرنان‏، وكلاهما من أفريقيا.

وجُمعت جلود الأفاعي ومُسحت ضوئيا باستخدام مجهر القوة الذرية، وهي تقنية توفر دقة نانومترية على المستوى الذري، وللمقارنة، مسحوا أيضا الجلود المتساقطة من الثعابين من أنواع أخرى.

نموذج رياضي

وكما هو متوقع، كشف الفحص المجهري عن نتوءات صغيرة من الرأس إلى الذيل على جلد أفاعي الانحراف الجانبي، ووجدت الدراسة أن لدى 2 من الثعابين الأفريقية حفرا صغيرة على بطونها وليس بها نتوءات.

وابتكر الباحثون نموذجا رياضيا لاختبار كيفية تأثير هذه الهياكل المختلفة في التفاعلات ‏الاحتكاكية مع السطح؛ وأظهر النموذج أن النتوءات ‏ الممتدة من الرأس إلى الذيل تعزز سرعة ‏ومسافة التموج الأمامي لكنها تضر بالانحراف‎.‎

وأظهر النموذج أيضا أن الهيكل المنتظم غير الاتجاهي للحفر المستديرة يعزز الانحراف الجانبي، ‏ولكنه لم يكن فعالا مثل النتوءات ‏للتموج الأمامي‎.‎ ويرغب المهندسون في تكييف تصميمات الروبوت وفقًا لذلك، فتقول ريزر ‏‏"اعتمادًا على نوع السطح الذي تحتاج إلى روبوت للمضي قدما فيه، قد ترغب في التفكير في ‏تصميم سطحه بحيث يكون له ملمس معين لتعزيز حركته".‏







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي