"الصهيونية".. أول كتاب عربي عن يبصر النور بعد قرن على تأليفه

متابعات الامة برس:
2021-02-03

 

بيروت: مخطوطة قيّمة، وذات أهمية تاريخية كبيرة، تضيء على دخول الحركة الصهيونية إلى فلسطين وانتشارها في العالم من منظور أحد أهم المؤرخين العرب، في مطلع القرن العشرين، تبصر النور في كتاب.

ويُنشر اليوم هذا الكتاب، للمرة الأولى منذ تأليفه قبل قرن، وعنوانه «السيونيزم أي المسألة الصهيونية: أول دراسة علمية بالعربية عن الصهيونية»، وهو من تأليف محمد روحي الخالدي،، حرره وقدم له المؤرخ الفلسطيني وليد أحمد سامح الخالدي. الكتاب هو عبارة عن مخطوطة غير منتهية، أنجزها المؤلف قبل وفاته سنة 1913، وقد حفظت بين أوراقه الشخصية وكتبه في أرشيف المكتبة الخالدية.

في تقديمه للكتاب، يشير البروفسور وليد الخالدي، الذي عمل على تحقيق المخطوطة وجمعها وتدقيق وضبط نسخها، إلى أن تحليل روحي الخالدي يعكس نظرة رجل دولة عربي في الصهيونية قبيل اندلاع الحرب العالمية الأولى وقضائها على النظام الدولي الأوروبي القائم قبلها، بما في ذلك الدولة العثمانية ذاتها، وبروز الولايات المتحدة الأميركية لاعباً جباراً في النظام الجديد الذي انبثق من الحرب».

أدرك روحي الخالدي مدى النشاط الصهيوني في فلسطين وتنوعه، بل كان أول من قام برصده منهجياً، وأدرك كذلك مدى فساد الأجهزة التنفيذية المحلية وتواطؤها مع سماسرة الصهيونية في التحايل على سياسة الدولة المعلنة للحد من الهجرة اليهودية، وانتقال الأرض العربية إلى أيديهم، وعزم على فضح هذا كله. كما اعتبر استقبال الولايات المتحدة للملايين من يهود روسيا القيصرية، وإيثارهم الجماعي للهجرة إليها على هجرتهم إلى فلسطين، المؤشر الأكبر إلى إمكان حصر الصهيونية في فلسطين ضمن حدود تحول دون استطراد تقدمها.

يتحدث الكتاب عن الوعود الصهيونية في التوراة، ويخصص صفحات، ليهود العراق ويهود الحجاز واليمن قبل ظهور الإسلام، ثم بعد البعثة النبوية، قبل أن يبدأ بالمرحلة الحديثة وتيودور هرتزل. وثمة سرد مفصل حول مؤتمر هرتزل، ومؤتمر بازل الأول عام 1897، وما حدث بين المؤتمرين، ومن ثم المؤتمر الثالث والرابع، ولقاء هرتزل مع السلطان عبد الحميد. ويتابع الكتاب الخطوات الصهيونية والمؤتمرات المتعاقبة، متتبعاً تمدد الحركة الصهيونية في شمال أفريقيا، وتشكيل جمعيات الطلبة اليهودية، وتأسيس البنك اليهودي الاستعماري، وجمعية عزرا، والجمناز العبرية في يافا، وينتهي بالمؤتمر الصهيوني العاشر الذي عقد في 9 أغسطس (آب) من عام 1911.

ولد محمد روحي الخالدي سنة 1846 في حارة باب السلسلة بالقدس القديمة في جوار الحرم الشريف وحائط البراق. وفي المسجد الأقصى حضر حلقات التدريس وتابع دراساته العليا في «المكتب السلطاني» في إسطنبول، ثم في جامعة السوربون في باريس، قبل أن يُعيّن سنة 1900 قنصلاً عاماً للدولة العثمانية في مدينة بوردو في فرنسا. وفي سنة 1908 انتخب الخالدي نائباً عن القدس في البرلمان العثماني الذي انتخبه بدروه، سنة 1912 نائباً لرئيسه. نشر الخالدي أبحاثاً مهمة في السياسة الدولية والأوضاع الإسلامية والأدب المقارن، أهّلته لاعتباره رائد البحث التاريخي الحديث في فلسطين. عاجلت محمد روحي المنيّة سنة 1913 قبل إتمامه دراسته عن الصهيونية.

يأتي الكتاب ضمن سلسلة من ستة كتب ترمي إلى إلقاء الضوء على تاريخ القدس وتراث المدينة الحضاري العربي الإسلامي العظيم الغني والأثري، وهي تصدر بشكل مشترك عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية والمكتبة الخالدية. وتهدف هذه السلسلة إلى توجيه الأنظار نحو بعض نواحي تاريخ القدس التي لم تلقَ حتى اليوم ما تستحق من اهتمام، وإلى دور المكتبة الخالدية في ذلك التاريخ. وكان قد صدر كتابان ضمن هذه السلسلة، هما: «فضائل القدس: دراسة تحليلية» مع تجميع لنص كتاب «فضائل بيت المقدس للوليد بن حماد الرملي»، من تأليف سليمان علي مراد؛ وكتاب «القدس الأُخرى» باللغة الإنجليزية، حرره رشيد الخالدي وسليم تماري.

هذه السلسلة من المنشورات تدين بوجودها إلى منحة من الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي أشرفت عليها مؤسسة «التعاون»، وتشرف عليها علمياً لجنة الأبحاث في مؤسسة الدراسات الفلسطينية واللجنة الأكاديمية التابعة لمؤسسة «أصدقاء المكتبة الخالدية» المسجلة في الولايات المتحدة بتعاون وتشاور وثيق مع متولّي المكتبة في القدس.

أما وليد الخالدي محرر الكتاب، فهو مؤرخ بارز ومرجع في القضية الفلسطينية معروف على نطاق واسع. ولد في القدس سنة 1925، وتخرج في جامعتي لندن وأكسفورد. عمل أستاذاً في جامعة أكسفورد، والجامعة الأميركية في بيروت، وجامعة هارفرد، وزميلاً باحثاً في جامعة برنستون، وزميلاً باحثاً متقدماً (Senior Research Fellow) في مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة هارفرد طوال الفترة 1982 - 1996. وهو عضو منتخب في الأكاديمية الأميركية للآداب والعلوم. كما أنه عضو مؤسس في مؤسسة الدراسات الفلسطينية وأمين سرها منذ تأسيسها سنة 1963، ومنذ سنة 2016 اختاره مجلس الأمناء بالإجماع رئيساً فخرياً للمؤسسة.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي