فوائد الحصار.. التكامل الخليجي سيكون أقوى مع استقلال الاقتصاد القطري

2021-01-23

كان حصار قطر فرصة لتعزيز اقتصاد البلاد ويمكن أن يكون ذلك إيجابيا للتكامل الإقليمي بعد المصالحة، حيث تحدث بيان قمة العلا عن تكامل عسكري وسياسي واقتصادي أكبر بين الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي.

ولكن كيف سيتحقق هذا؟ وكيف ستؤثر تجربة الحصار على جهود الاندماج؟ وكيف يمكن لمجلس التعاون الخليجي أن يصبح مؤسسة أكثر فاعلية؟

سيتطلب النجاح طويل الأمد لجهود التكامل من دول مجلس التعاون الخليجي العمل معًا كشركاء متساوين، والاتفاق على أهداف مشتركة، وتعزيز مؤسساتهم متعددة الأطراف.

ولم تكن الخلافات بين قطر وجيرانها الخليجيين جديدة، لكن حصار 2017 مثّل جهدًا أكثر قوة من جانب الرياض وحلفائها للضغط على سياسة قطر الخارجية المستقلة، وهو ما دفع في النهاية إلى هذا الشكل من الحصار.

تضمنت سياسة قطر دعم جماعة "الإخوان المسلمين" والحفاظ على العلاقات الاقتصادية مع إيران، التي تشترك معها قطر في أكبر حقل للغاز الطبيعي؛ ورعاية شبكة "الجزيرة" الإعلامية، التي ساهمت في إيصال صوت الاحتجاجات الشعبية وانتفاضات الربيع العربي.

وكان للحصار تأثير عكسي، حيث دفع قطر لتصبح أكثر استقلالية عن دول مجلس التعاون الخليجي.

لقد عززت قطر علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع تركيا، المنافس الإقليمي للسعودية والإمارات والداعمة لجماعة الإخوان المسلمين.

وطورت قطر أيضًا علاقات تجارية أوثق مع إيران، حيث أصبح المجال الجوي الإيراني ممرًا لقطر للوصول إلى بقية العالم.

واستمرت "الجزيرة" في تغطية القصص التي تنتقد جيرانها، بما في ذلك مقتل الصحفي السعودي "جمال خاشقجي" في عام 2018 في القنصلية السعودية في إسطنبول.

كما انفصلت قطر اقتصاديًا عن السعودية والإمارات والبحرين.

فقبل الحصار، كانت قطر تستورد الكثير من السلع والخدمات من جيرانها.

 ولكن بعد الحصار، اضطرت قطر إلى تطوير طرق إمداد بديلة بسرعة، وزيادة الإنتاج المحلي للسلع والخدمات الأساسية، وتوسيع ميناء "حمد" البحري، الذي بدأ عملياته في أوائل عام 2017.

 موضوع يهمك : هكذا يعتبر صراع النفوذ في سوريا فرصة لسلطان عمان

وفي حين أن هذه الخطوات تنطوي على تكاليف اقتصادية كبيرة، إلا أنها ساعدت قطر في أن تصبح أكثر اكتفاءً ذاتيًا ودفعت جهود التنويع الاقتصادي للدولة.

على سبيل المثال، تحولت قطر من الاعتماد على الحليب ومنتجات الألبان المستوردة من السعودية إلى دولة مكتفية ذاتيًا إلى حد كبير.

وفقدت الشركات في السعودية والإمارات والبحرين إمكانية الوصول إلى السوق التي وفرت هوامش ربح عالية، بالرغم أنها ليست كبيرة.

وبعد إعلان المصالحة، أشار وزير الخارجية القطري "محمد بن عبدالرحمن آل ثاني" إلى أن بلاده لن تخفض من وتيرة علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع تركيا أو علاقاتها التجارية مع إيران. ما يشير إلى تمسك الدوحة باستقلاليتها.

وتعتبر زيادة الاستقلال خطوة ضرورية نحو التكامل الحقيقي والاعتماد المتبادل.

ويمكن لقطر أن تطرح على الطاولة شبكة أقوى من العلاقات الدولية، فضلاً عن طرق التوريد المتنوعة والمنتجات والخدمات المصنوعة داخل حدودها.

ويمكن إقامة علاقة تجارية أكثر توازناً بين قطر وجيرانها لتحقيق منفعة متبادلة أكبر.

لدى دول مجلس التعاون الخليجي مخاوف أمنية وعسكرية مشتركة تتطلب تنسيقًا إقليميًا قويًا.

كما أن لديها مخاوف مماثلة تتعلق بالسياسة الخارجية، مثل العلاقات بين العمال المهاجرين وبلدانهم الأصلية، بالإضافة إلى الاتفاقيات التجارية مع أوروبا والصين والاقتصادات الآسيوية الأخرى.

ومع ذلك، لكي تساهم الدول بشكل جوهري في إطار أمني إقليمي متكامل، فإنها بحاجة إلى قطاعات أمنية قوية وجيوش وتحالفات وشبكات خاصة بها لتقدمها على طاولة المفاوضات.

وفضلا عن ذلك، تواجه دول مجلس التعاون الخليجي جميعها ضغوطًا اقتصادية بسببب انخفاض احتياطيات وعائدات الهيدروكربونات، ويتعلق الاختلاف بينهم بالإطار الزمني لهذا التراجع، لكن يجب عليهم جميعًا التعامل مع هذا التحدي.

وقبل أشهر قليلة من انتشار "كورونا"، نشر صندوق النقد الدولي تقريرًا توقع أن معظم دول مجلس التعاون الخليجي قد تستنفد ثروتها المالية في غضون 25 عامًا.

ولا شك أن الوباء وما نتج عنه من انخفاض في أسعار النفط ساهم في تسريع هذا الجدول الزمني.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي