
ستتشكل البيئة الجيوسياسية في عام 2021 من خلال تطورين عالميين مهمين هما مسار جائحة "كورونا" والجهود التي ستبذلها إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب "جو بايدن" لاستعادة العلاقات التعاونية في جميع أنحاء العالم.
وفيما يلي توقعات مركز الدراسات الاستراتيجية والأمنية الأمريكي "ستراتفور" لمنطقة الشرق الأوسط في2021.
المنافسة السنية واضطراب المنطقة
ستؤدي المنافسة بين القوى السنّية في الشرق الأوسط إلى إذكاء عدم الاستقرار الإقليمي في عام 2021، ورغم أن تركيا والإمارات والسعودية ومصر وقطر ستخفض بعض الخلافات الدبلوماسية لتسهيل إقامة علاقات جديدة مع إدارة "بايدن"، إلا إن المنافسات ستبقى دون حل.
سيزداد التنافس بين تركيا والإمارات على وجه الخصوص، حيث تنتهج كل منهما سياسات خارجية توسعية وتسعى إلى منع الأخرى من نشر أيديولوجيتها السياسية المنافسة.
وستتضح المنافسة في البحر الأبيض المتوسط ، حيث ستزيد الإمارات من دعمها للجهود الأوروبية لاحتواء التنقيب التركي عن النفط والغاز في المياه المتنازع عليها.
كما ستتجلى المنافسة في ليبيا والصومال، حيث تدعم أبوظبي وأنقرة القوات العسكرية المتصارعة، وستمتد المنافسة إلى النشاط الاقتصادي مما يؤثر على قطاعات مهمة مثل الطيران والسايبر، حيث يتصارع كل منهما لزيادة قوته الناعمة.
أما مصر، التي تعارض الهيمنة التركية لأسباب اقتصادية وأيديولوجية، فستنسجم بشكل وثيق مع الإمارات في العام المقبل في محاولة للحد من التغول التركي في مجالات النفوذ المصرية التقليدية، بما في ذلك الشؤون المتوسطية والفلسطينية.
تركيا وسياسة خارجية مبادرة
يبدو أن تركيا مستعدة لتبني سياسة نقدية أكثر تقليدية وصداقة للسوق في العام المقبل، مما سيشجع الاستثمار ويساعد على استقرار الليرة التركية.
لكن التقلبات الاقتصادية المستمرة بسبب عوامل الاقتصاد الكلي عالميًا ستدفع أنقرة إلى اتخاذ مواقف مبادرة في الخارج لتعزيز وضعها السياسي في الداخل.
وسيتعين على أنقرة معالجة الضغوط التضخمية المستمرة التي ستؤدي إلى تفاقم حالة عدم اليقين الاقتصادي التي يشعر بها الأتراك، مما يهدد دعم حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، حيث ستحاول المعارضة السياسية الاستفادة من حالة عدم الرضا الاقتصادي للضغط من أجل إجراء انتخابات مبكرة، لكن من غير المرجح أن يوافق حزب "العدالة والتنمية" الحاكم على التصويت قبل الموعد المقرر في عام 2023.
وهكذا، ستدفع الحاجة إلى صرف النظر عن السخط المحلي بشأن الاقتصاد إلى تكثيف المواقف الإقليمية المبادرة لتركيا، حيث ستعمل بثبات على تعميق تنقيبها عن النفط والغاز في البحر المتوسط بالرغم من تزايد الشكاوى الأوروبية والإقليمية، وستتقدم في جهودها لسحق العنف الكردي في العراق وسوريا على الرغم من المقاومة الغربية وخطر الاشتباكات مع القوى الأخرى في ساحات القتال، مثل الروس في سوريا.
ومن غير المرجح أن ينجح غضب الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة في إثناء تركيا عن استراتيجيتها الإقليمية طويلة المدى التي تعتبرها أكثر أهمية من الإضرار بسمعتها على المدى القصير أو الضرر المالي بسبب العقوبات.