"إشارات آرتميس" قصائد تبحث عن المعنى في الأساطير

العرب
2021-01-04

لوحة فؤاد حمدي

تونس - تبدو الشاعرة التونسية بسمة مرواني عاشقة للغوص في تفاصيل الأحاديث الماضية في مجموعتها الشعرية الجديدة المعنونة بـ”إشارات آرتميس”، والصادرة عن دار عليسة للنشر في 84 صفحة من القطع المتوسط.

ضمت المجموعة 44 قصيدة ومن عناوينها يمكننا أن نفهم عوالمها قبل دخولها، فنجد مثلا “أحلام في حدائق الشعر”، “قاب حرفين من قلبه”، “سماء تعانق كلماتي”، “أشرقت نفسي”، “نبوءة المنفى”، “ليل الحياة قصير”، وغيرها التي تدور أغلبها حول عالم الرؤى.

 

شعر محمل بأنين الزمن المختلف والعاكس لذكرى الفقد والغياب في أجواء أسطورية.

كتلك الرؤى التي تأتي في الأحلام العاكسة لكل كوامن النفس المنهارة عشقا وحبا والعابرة للأزمنة المحسوسة والشاردة في ظلال سرمدية، تبدو قصائد الشاعرة التونسية بسمة مرواني محملة بتجليات الماضي العميق، هناك حيث الأحلام تتجلى كصورة مهزوزة وحكايات جامعة لكل المصائر الإنسانية والمؤججة لنيران الفقد والغياب.

في سطورها الشعرية تختبئ الأصوات المحملة بأنين الزمن المختلف والعاكس لذكرى الفقد والغياب في أجواء أسطورية، تقول مرواني في قصيدة “إشارات آرتميس”:

“على ضفاف/ معبد مهترئ، كذب/ مشيت، رُميت بقطوف الظل/ ولي في الروح/ إشارة الحدس/ لم أطلب من الله غير استطاعته”.

تبتعد المحسوسات كثيرا لتنطلق المعاني الغائرة في أخاديد الزمن وتجاعيد التفاصيل حتى تتحد الجسور المقطوعة لتكوّن طريقا واحدا لا نلمس فيه تلاقيا، فهو الفراق إذن بعد أن أعلنت الشاعرة أن المشاعر لن تحيي الموتى.

معاني الغياب تملأ صفحات المجموعة

معاني الغياب تملأ صفحات هذه المجموعة التي تحاول فيها الشاعرة أن ترصد معنى الحياة وقدسية الموت، بينما تبدو الشاعرة في العديد من المواطن تائهة بين الحاضر والماضي، فهي لا تظل ساكنة في قصائدها، بل تبدو كريشة في مهبّ الريح تحملها هنا وهناك، قلقة لا تستطيع أن تجد النهايات الوردية.

لا تمتثل قصيدة مرواني لقوانين مضبوطة ولشروط مقيّدة لقلمها، فيما تبدو وكأنها تنتظر المستقبل بكل ما فيه من مجهول، فـ”الصوت آت من آخر نواحي الآلهة” كما تقول.

هموم الوطن تبدو بارزة ومن المشاغل الأساسية للشاعرة، ففي قصائد عدّة نشعر بأن مرواني تحمل روحا مهمومة أمام المصير والمآل، فوطن الشاعرة ضعيف ومنهك كأحلام الشعب، والأيام لا تبدو واضحة المعالم أمام انسداد الآفاق وانعدام الرؤى.

في المجمل حاولت الشاعرة أن تكتب الماضي بروح الحاضر، وأن تنهل من الأساطير، بينما لا يمكننا أن نسم نصوصها بأنها قصائد نثر لها اشتراطاتها، وربما هي أقرب إلى القصائد خارج الوزن.

من جهة أخرى لم تحد قصائد المجموعة عن النفس الأنثوي الذي اعتاده القارئ عند الكثير من الشاعرات سابقا، فحتى دخول عالم الأسطورة ومحاولة محاكاة الواقع والقضايا السياسية والوجودية عند مرواني كانت من باب شعوري ورؤى حالمة، لم تكتسب قوة الحفر والتعرية والكشف، وفضلت الغنائية والانسياب.

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي