النقيضان

الامة برس-متابعات:
2020-12-01

أحمد برقاوي:

وترتمي النفوس المطمئنة

الخائفة مما يبعث على الدهشة

الهاربة من الخطر

على أرصفة الوجود

تمضي زمانها غارقة في سبات

ولا تفتح عينيها على الوجود

إلا حين تقرع الأشياء الصغيرة أجراسها

عند رؤوسهم الخاوية

النفس المطمئنة

تحمل على ظهرها كسرة أملٍ

تقيها من سناءات الشمس

ترفع أياديها للسماء متضرعة:

قنا من المصادفات يا رب السماء

النفوس المطمئنة مرمية

على شواطئ الوجود الممتدة

أصدافاً فارغة

تخشى النظر إلى المحيط

وإن فعلت مرة فسرعان ما تٌصاب بالدوار.

النفوس المطمئنة

مبعثرة على السفوح

وتحفر كهوفها المزخرفة بالقار

عند أرجلها

خائفة من الأعلى والأعلين

متدرعة باليقين المطلق

ومتوسدة صندوقاً محشواً بالتمائم الواقية

يطل القَلِقُ من قلب البحر

محمولاً على الأمواج

ومن أعلى القمم

مزنراً بالريح والعاصفة

ينظر إلى الجثث المرمية على الأرصفة

واللاهية على الشطوط سعيدة

فيكتب سفر اللامعنى

القلِقُ لا يعرف الغروب

ولا ينتظر الشروق

هو في رحلة إلى الأعماق

والأعماق بلا جهات

تحف به الأسرار

ولا يغمض عينيه

إلا حين يصعقه السؤال

ويحمله على التفكير

القَلِق يطير بجناحين من الشك السعيد

ويترك خلفه الأجوبة الصفراء

مرمية في المراعي

ويمضي في فضائه الغامض

يتابع الرحلة

وفِي كل طيران من قمة إلى أخرى

يخلق ذاته من جديد

ويكتب سيرته المتجددة على الدوام

القِلِق جسوراً ينتظر العدم

ويحب الحياة ساخراً

وحين يلقيه الوجود في انفجاره النبيل

يلملم حمم البركان ويكتب سيرة المعنى

ثم يمضي مثقلاً بالهم

نحو المصير الذي يعرفه

متلهفاً للعناق

وساخراً ممن انشغلوا بالموت

وما بعد الموت

القِلِق يتجول في العتم غير هيْاب

مهتدياً بنور عقله

وحين ينجلي الغامض

ويعيش لحظة الكشف

يهزأ بالمعروف ويمضي إلى الماوراء

يقوده المجهول إلى ما يشتهي

سعيداً بالطريق

القلق نبع الفيض

يفيض بالوجود

والفائض لا يستعير نوره من أحد

فتمطر أسنيته على الحقول المظلمة

دون أن يدري

وحين تسري البرودة في أنحاء عقله

ويفقد قلبه رعشة الحب

وتخبو النار المتقدة في عينيه

وتطفو النفس على سطح المحيط

يكون القلِق قد لفظ أنفاسه الأخيرة

وذوت أزهار الشك

التي نمت في نهر الوجود

ولوح الفرح للأرض مودعاً

راحلاً للإقامة في الفضاء اللامحدود.

 

٭ أكاديمي فلسطيني







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي