نصال محمّاة ومسبوكة من تعثره المعمول في مكائد السعي
كل المنافذ مغلقة في صيف وجهه الطويل والبحار صحارى ذئبية من ملح ونار
الاسمنت معجون حديد دائخ وقطر نحاس مغليٌ وعوّاء يسد نوافذ التوسل المرجأة إذ يغازلها، مفتون الترجي بلا سفهٍ فضاقت المضارب العمياء في صدور الجمال وكرائم النوق
رفع رأسه مفتخر الشدّ والمدّ في أفاعي الأقصى من أقاصي الجهات ملغوباً ولم يكن هو بإرتجاف الترقب المعلوط تصاوير ومسامير ظن وأطلق صقور اليأس مشقّرة بمووايل رعد قاهرة وصخّابة من سُم إلتفافاته المورقة في خراب الأمكنة وتهتك الأباد, ثم أنه أدار بصره الزائغ التصبر السفك لا يلوي ولا يَسأل في عتمة الامكنة الموبوءة أماكن تمّكُن صغير خباياها قصيرة السطع بمناف مُسنّنة التخرصات الوحش وبعر المطايا المرهقات وحبال مسد فتخطفته طيور جوارح الشماتات لا حول بيده يكفيه تسبّع النمل ولا زهرة منسية تمسح غبار قلبه المغتاب
كان عنيداً مثل أغنية جبلية مُحجّلة الشعاب والبوارق، هذبتها سيول صخر أعراب فتوات شهباء ومصقول مسك وزعفران في يمناه هديل جمر لا ينطفئ ومشموم أراك مُعشّق ونبات وصوته.. ياآآآآآآآ صوته الأسمر النايات والإرفاع
رغم حُزن فراشاته السماء والأرااضين السبع الكاذي وخرافة القمح ثقيل سحب كواعب منزوعة الجفاف وتضبّع الفلوات.
كان فزّاعاً في سغب اليبابات السود ببياض خبز كفيه الوفير المُزن والياقوت لم يزل شاهراً سيوف دمه على قصاص الرقاب
لا يبكي إن بكى أو تدركه صدفة إستراحة عابرة
تحاصره فجاج الحرمل بسؤ شظايا جذور كلبية الزفير الأدرم القطع والنباح وكذلك خنافس الأشواك الرمداء وأسيد تفاكير بائرة المنج وسدرة الحماط.
كان ماءً و"قوقح" منثور بطعم تمر الرمادات لم يزل
ومُشّكل عنفوانات بائدة الأوتار وهجعة ترنم مديد وممدود
تسطع مغناجة الشدف شموس ترقبه اللماحة النجم والمنشور
شاهقة التساؤل الأبلج ومؤكد ذكر وقيامات جلنار
هو معدوم إحباط مُسمى وقاهر ندامات
هو ما لم يرد ذكره في خافي الحكايا الطوال ومبستر القول
وآثار ظله ثيران هيل محوّج ومعمول
ولبان رياحين أفئدة حرى وبخور أوراد
هو فاصلة رقيم اللغات الباذخة البرقوق ولمعة العاج
أو كلمات مقدسة النُذر في كتب الكواكب وليال مسوّمة الأواخر وذهب مكاحل أو صلصال مشيئات مؤصلة التدوين فالق الإيجاز
أو إتكاءة ولي مشبوه اللؤلؤ على جدران صلوات عسل وبرقوق مآذن أو بهجة لوز مؤثث الشواسع وملوك همس شفيق الشم ولمس المطاعم يرمح رياناً بلحون حصادات غدقة الإكثار وكامل قرنفل وخضاب أو نداوة مواعيد عُشاق كُراّر ومناديل غرام سبأي وغابات حنين أو ممالك لبن مرقوم فوّارة المعدن بلا مسٍ مسبوق ومخدوش نادتها مساغب عجاف
واشفار جوع صرّاخ وضنك عوزٍ وإملاق.
هو الواحد المكسور في توحش عيون المها الضاريات التمنع ومقطّر العناد
هو المسكوب زلال الروح دفّاقاً على زهرة الوجد وما أخفقته رمانة الشهيق الاول المنذور والمذكور والمباح لسمك الدمع ومحارة السُهاد الآخر المسفوح فحولة ضرواته ونزو كرّاته على مفازة النحر الثري الكشف وجمر المشتعل من تأوه شفاه ضمأى ومجرة الأرداف وقذفة الصد وحش مياه نفّاع ومزهر النث بحمأة تهاطله الثلجي النار والجمر على خدعة النار ودخان البَردْ الفاتك الهز واللز وربكة الضم والإرعاش
هو السيرة الناقصة بإكتمالها المسهب التعدين والأوصاف
وهو المنسي غلاباً والمُتخم اللعن والهجر العنيد سبك نذالة مَنْ لعنوه
وسوس الخوف اليانع الافعال وفاكهة الريب الحامضة الإيقاع.
مَنْ له في عناد وقفاته المثمرة المطر وسُكّر الشوق على العتبات
إذ لا يواسي حمام وحشته الحمراء سواه
أسيان تشع مروج المواسم في أعناب عينيه
تدثره شزيرات قيظ حروق ورمال نسيان
تعبت جياد الضوء بضبح مواقعه الخضراء ولم يُذكر
ونامت عنه عصافير تين مسّوم وأفراخ بيد
وحده يدفع عن بحر أمانيه بمشاقر العين والنون
وحده عنيداً وجارحاً بسهام السفرجل وضجيج الزيتون
ودمن مقاصل وبقايا رماح
سلاحه فجر مخاتل الزحف والترتيل وعشّاق
وشهقاته إذ يدوي بمجامر الثأر على الأشهاد بها
سنونوات مهالك فضية العدو
وقصائد برتقال.
فارس الظل والـ"توفيق"* وما مادت به لعبة صداقة قاتلة
"إلى محمد العنسي بصفته لحناً محاصراً بالنسيان"
جالسٌ على سواد حظه المدولب
مثل سيل نبوي من فراش وماء
صدّته موانع تفاصيل حجرية وبياض عفو قاصر الاستعجال
كل يوم موبؤ بذحل الغبار يأتي إلى أول "التوفيق"
ويوزع عصافير نظراته الطرية سؤال الممكن المحال وفاتك الكدم*
على اخاديد وجوه متعبة وجداول تأسفات مالحة وبسباس*
شاخص التذكر تنبت بين أصابعه وريقات الشاي وجمرات التبغ
لم يكن نبياً غادره أتباع عصاة وجحافل ذنوب
لم يكن فارس صور رديئة الألوان ومشوش فلاشات ويود
لم يكن سيرة مليحة التفاصيل في كتاب العض وأوراق الزُعاف
كان هو لا غيره المعتلي شاهقة التصلب وعدوانية الثبات
عرفته مفاوز ظهيرات أضاعت في سؤة الصخب أسماءها
وتنادت بأسماءه نوافذ بيوت مغلقة وأبواب حوانيت خلفية وأرامل
اسمه مشارف تعللات تصبر وجذوات مشاعل لا تنطفئ
لم يكن في مدارات عبوره الشاسعة منكور تأمل وفصاحة صمت
إن نطق...
خرجت من كبده مواسم غناء وسكرة أوتار راعفة الإيقاع
في إلتفافاته تُنظر هبّات جياد لم تُسمع مقاتلها وعقيق صهيل وشواعط* غُلب
اسمه فصول زيزفون أُغلقت على إدرارها سرية الجريان
وحده أول "التوفيق" لا يتعب
يمنح فضة سكينته لخوف الإسفلت ومُشتّت الظلال
وعندما تزوره جنادب أول المساء
يطلق يديه في دائرية توقفه الحديدي المؤقت المدارك
ويسرج معارج وجهه بإتجاه سرير مثقل وثقيل وندّاح
بما فاض من مكتوم صرخاته الصغيرة كل حلم مشاكس وعقور
مكانه كالوقت لولا إختلاف كذبة التشابه في سواد البياض
اسمه شمس إرجوان وكباش نافرة
وإيابه غروب منفلت الصفات ومبعثر أصوات جامحة أو بقايا نهار.
التي كانت وغيبتها أحداث ثقال وبواتك
كانت مدينة دلافين ونوارس عُشب مرصود بلا أسوار
غزتها قبائل فيروسات حواسيب حاذقة النّيل ومعقد طلاسم
أبوابها جهات مدارية العناوين وأناشيد قيعان لازورد وتيجان صندل
أمها غمامة مشرقية الأغاني من نسل تخوم مصابة بفاضح الورد وجمهمرة الغّاب
أبيها ملك ملوك عاد وسهوب المرتفعات الندية الشجو وتحنن كافور اليراع
لها إخوة ألف مزنرين بفيالق قلاع قيد الإنشاء وأخوات قيان وصوارم
في البدء كانت عرق ياسمين على تاج دم الأخوين في المنسي من واضح سقطرة اختطفها قراصنة قشتاليون لهم رؤوس يابس جذوع وأذيال عناكب وألقو بها سكارى قصب الغزو في مهاوي ديربورن المهتوكة غزالة الحديد
كانت عذراء ممالك تاهت بها سفن في دوخة الخرائط وقباطنة شتات
غزتها رمال تعاويذ مجوسية وطلع شياطين
كانت مليكة فتنة النرجس الفتي الضوع وكوائن الزبرجد ومسك المحار
مسختها ساحرة وثنية عوراء إلى حمامة منافي وقلادة غياب
كانت أرخبيل مرجان وأغاني ويراع في بحرالعرب مزقتها طوفانات مبرمجة
كانت مطلوب فرسان غزل حشود ودساكر
وذهب معابد لم تُشيد
وطائر فينيق هجرته خفة الرماد
سيسبان مضارب ومعشوقة كُماة
الفيض الأول من سورة "لار" في تيه القحط وضيم الرمال
أنشودة سبأية هرّبها كهنة سؤ مُرد وكفّار نوايا
خارطة إمبراطوريات هُزمت ذات ليل جنوبي ودافق دنان
نخيل عينيها مشانق وجَدْ نُصبت بتروٍ صاعق على بوابات حواضر وعنيد أسوار طلح
رمان
ماء ونار مصارع
فروسية تين مُشقّر العصفر وغواية إناث
وداعة صلوات غابرة التسابيح
أطلال فجاج إخضرار مرقوم بسر تخضُرّه
وخرائب نهر قتلته حمولات ثقال وهالك أسفار
أين هي..
من يعرف أسرار فتنتها
وطيوب أعطافها على أسرّة إغفاءاتها المهلكة
وليل جعدها ومصقول قامتها في المرآة ؟!
سَمّاها عمرهُ الملون الأجنحة وسمّته فأس خُلاصة الفرح
لأنه معدم خربشة الطيور في قلبه الحديقة الثلج والشواظ
سمّاها الفراشة وأخلد لغزوات شقائق النعمان
فانتفضت مفزوعة بحار عمياء
وشهقت دناصير ملعونة الحرائق وأقراش
سمّاها ...!!!
... ثم تداعت مُغالبة مفاوز شحباء
وثمار إفك أعجم التشفير ونميمة قُطّاع
فأطبقت المضاعن الهُبل بأنياب مفازعها
وغارت مدن وجاهليات أجلاف وخباءات
السماء مسارب مسمومة القطر لا تنام
والآفاق براكين نوح عقيمة وشطح سواطير
لا نوافذ رمداء تطلق شحيح أغانيه
ولا أشهاد غُرل أو كلاب صيد وفير ومجذوم
تُنادي أشراكه وجينات الدمع في كبده
سمّاها فراشة الحُجب المصكوكة التطيّر
سمّاها مطر خلاسي مهرب الى مخابئ أمنيات سرية ومجهولة
سمّاها ترنيمة ليال غُلب مدججة الحواس
سمّاها ...!!
فأسمته فأس فرحها الشخصي وما تبقى من زاد المسافر البعيد
سمّاها "هاءٌ" و "نون"
فأطلقت مشارق بنات آوى وخالاتها صقيع شتاءاتها الموقوذة في وجهه
واجتاحته طوفانات زُمج ولازب جراد
سمّاها ...!!
ثم تراجع إثر لدغ العواقر خطوتين ولم ينظُر
تعثر
سقط
أختلت في نسغه جغرافيات ثبات وجبال
أنهار ظله المحزوز على رقبة فضاء ضيق ومخنوق
قبّلته سكينة طين مهدور ورماد إشفاق
أغمض عينيه في سماء أسماء كمال صفاتها مكسوراً وما هو
فسطعت قناديل حروفها الاسمى في قلبه ولم يسقط
ثم أنه لهديل أصواتها في دوحة الروح انتبه بفصاحة الرؤيا
ثن أنه نهض من صعقته
ثم وقف وقام و سمّاها ...
فلم يجرؤ عليه أحد!!!
صنعاء- في الشتاء
_____________________________
* التوفيق: شارع في مدينة صنعاء
* الكدم: خبز شعبي في اليمن
* البسباس: فلفل حار
*شواعط: قواطع في بعض اللهجات اليمنة