عون سيحفر الصخر..

استقلال لبنان الـ77 منقوص وكل طرف يغنّي لاستقلاله

2020-11-22

الرئيس ميشيل عون

سعد الياس

بيروت- إذا كانت مظاهر الاحتفال بعيد الاستقلال غابت بسبب جائحة كورونا، واقتصرت على وضع وزيرة الدفاع زينة عكر، وقائد الجيش أكاليل من الزهور على نصب شهداء الجيش بعد وضع ممثلين للرؤساء الثلاثة أكاليل على أضرحة رجالات الاستقلال، فإن حال هذا العيد الـ77 لم تكن لتسمح بالاحتفال بهذا العيد المنقوص في ظل ما آلت إليه أحوال الجمهورية بعد انتزاع الاستقلال الأول من الانتداب الفرنسي عام 1943 ثم الاستقلال الثاني بعد ثورة 14 آذار/ مارس 2005 من النظام السوري.

فلبنان اليوم يعيش في ظل دويلة يهيمن عليها حزب الله وفي ظل عجز الدولة عن فرض هيبتها، وآخر فصول انهيار الدولة وتلاشي سلطتها بعد انفجار مرفأ بيروت، فرار سجناء من سجن بعبدا.

وقد عبّرت المواقف السياسية والروحية عن عمق الأسى لهذا الواقع وعن رغبة في تغييره، وكان اللافت استحضار رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع مرة جديدة الحديث عن روح المقاومة اللبنانية لأننا نعيش في ظروف شبيهة بعام 1975، وغرّد قائلاً: “روح المقاومة حتى عيد الاستقلال”.

أما رئيس حزب الكتائب سامي الجميّل فذهب أبعد من جعجع بقوله: “لن نستسلم وهذا بلدنا ولن نتركه لأحد وندعو الجميع للدفاع عنه معنا”، مؤكداً “أنّنا نصطدم بحاجزين كبيرين للتغيير الأول هو السلاح والثاني هي المنظومة الفاسدة الحاكمة في لبنان”.

جعجع يستحضر روح المقاومة

وخاطب الجميّل قيادة حزب الله قائلاً: “أنتم تدخلون لبنان في صراعات خارجية وتعزلونه، وسلاحكم هو ضد السيادة ويقيّد الاستقرار، سلاحكم هو تقسيمي واللبنانيون من كل الطوائف لن يقبلوا التعايش مع سلاحكم. لن تخيفونا برفع الإصبع والأكبر منكم لم يخفنا وإرادة اللبنانيين بالحياة أكبر منكم”.

وإذا كان الجميّل هاجم المنظمة الفاسدة، فالمفارقة أن الرئيس اللبناني ميشال عون الذي وجّه رسالة إلى اللبنانيين لم يتطرّق إلى مَن وما يُفقد الاستقلال معناه، بل بدا متناغماً مع رئيس الكتائب في انتقاد منظومة الفساد، معتبراً “أن وطننا اليوم، أسيرُ منظومةِ فسادٍ سياسيٍ، مالي، إداري، مغطّى بشتّى أنواعِ الدروعِ المُـقَـوننة، الطائفية والمذهبية والاجتماعية”، الأمر الذي استدعى تعليقات مستهجنة من ناشطين ذكّروه بأنه وتياره من أركان هذه المنظومة، وبأنه رئيس منذ 4 سنوات، فماذا فعل لمحاربة الفساد؟

وقد عاهد عون اللبنانيين “البقاء على وعده بحفـرِ الصخرِ مهما تصلَّب لشقِّ طريقِ الخلاصِ للوطن”، معبّراً عن نكسة بعد انسحاب شركة التدقيق الجنائي “ألفاريز ومارسال” من مهمتها، وأشار إلى أنه “لن يتراجع أو يحيد عن معركته ضد الفساد المتجذّر في مؤسساتنا”.

وفي الملف الحكومي، تجنّب عون تسمية المبادرة الفرنسية بوضوح، لكنه غمز من قناة الرئيس المكلف سعد الحريري سائلاً: “أولَم يحن الوقت بعد في ظل كل تلك الأوضاع الضاغطة لتحرير عملية تأليف الحكومة العتيدة من التجاذبات ومن الاستقواء والتستّر بالمبادرات الانقاذية للخروج عن القواعد والمعايير الواحدة التي يجب احترامها وتطبيقها على الجميع كي يستقيم انشاء السلطة الإجرائية وعملها؟”.

وفي المواقف الروحية، رأى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي “أن استقلال لبنان لا يعني نهاية الانتدابِ الفرنسي فقط، بل خروج لبنان من سياسة المحاور إلى سياسة الحياد، فلا ينحاز تارة إلى الشرق وطوراً إلى الغرب. ولذلك شدّد بيان حكومة الاستقلال على أن لبنان يلتزم الحياد بين الشرق والغرب. ودلّت تجربة لبنان بعد استقلاله، أنه كلما كان يلتزم الحياد كان استقلاله ينمو، واقتصاده يزدهر. وكلما كان ينحاز كان استقلاله يخبو واقتصاده يتراجع. وها هو الواقع الحالي المتداعي يكشف مدى الدمار الوطني والسياسي والاقتصادي والأمني الذي أسفرت عنه ولا تزال سياسة الانحياز”.

وأضاف الراعي: “عيد الإستقلال، ولو أتى جريحاً ومهشّماً، فإنا ما زلنا نعول على إرادات حسنة مخلصة للوطن تعمل على استعادة قرار الدولة المستقل، وبناء دولة جيشها واحد لا أكثر، وقوميتها واحدة لا أكثر، وولاؤها واحد لا أكثر؛ دولة حدودها محصّنة، وسيادتها محكمة، وشرعيتها حرة، ودستورها محترم، وحكومتها استثنائية إنقاذية قادرة على النهوض بالبلاد، وعلى كسب الثقة الداخلية والخارجية العربية والدولية؛ دولة تعيد بناءها الداخلي على الدستور والميثاق نصاً وروحاً؛ دولة تصلح الخلل في هويتها الأساسية”.

من ناحيته، اعتبر مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان أن مناسبة ذكرى الاستقلال “تأتي هذا العام والوطن يعاني من انهيار لا مثيل له بغياب الدولة وعمل مؤسساتها الجاد”.

وأكد أن “لبنان في حال ضياع وعدم إيجاد حلول للأزمات المتراكمة على الصعد كافة، ونخشى الأعظم والأسوأ إلا اذا تشكّلت حكومة إنقاذ وطني تكتسب ثقة الناس والمجتمع العربي والدولي وإلا على لبنان السلام”. وأضاف: “لبنان الآن يواجه مصيره فهل سيكون اللبنانيون على مستوى إنقاذ مصيرهم ومستقبلهم بدءاً من تناسي خلافاتهم وأنانياتهم ومصالحهم الشخصية إنقاذاً لشعبهم وحفاظاً على وطنهم؟”.

أما المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، فهنّأ اللبنانيين بـ”عيد الاستقلال المحجور عليه بالتفليسة المالية السياسية، التي حوّلت الاستقلال إلى مأساة تاريخية”. ورأى في بيان “أن فرحة الآباء الأوائل بالاستقلال شكّلت لحظة تاريخية، سوى أن النظام السياسي العاجز عن تكوين سلطة عادلة ودولة قانون فوق الإقطاع السياسي والمالي، جعلت الدولة مزرعة، وسط مافيات مالية سياسية حوّلت الاستقلال إلى متاريس ومزارع وتبعيات استعمارية لنظام دولي يتقاسم الدول وشعوبها ومواردها”.

ولفت قبلان إلى أن “الاستقلال سيادة ووحدة شعب ومصالح وطنية وبذل تضحيات من أجل لبنان، وهذا ما قدّمه آباؤنا في سبيل الاستقلال الأول للبنان، ثم تابعت عليه أجيالنا المقاومة التي هزمت إسرائيل والتكفير في سبيل الاستقلال الثاني، فشكراً لمن ناضل لنستقل، وشكراً لمن قاوم لنتحرّر”.

وقال: “نحن اليوم مطالبون بتحرير لبنان من الداخل، وإنقاذه من العصابات المسؤولة عن انهيار البلد ونهبه، وهذا يفرض علينا أن نحرّر النظام السياسي من الطائفية البغيضة المسؤولة عن كل أزمات البلد، من فساد وصفقات وإتجار بالدولة ومرافقها ومؤسساتها وثرواتها”. وختم: “بئس الاستقلال أن نكون بلا حكومة، وبئس رجالات دولة تقرأ استقلالها وسيادتها من خلال فناجين الدول لكي تشكّل حكومة”.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي