عري

2020-11-19

سهيل نجم *

 

ليس الطفل الواقف عند شارة المرور
وحده رأى،
ولا الشيوخ
من خلف عيونهم الزجاجية
ولا عمال النظافة اللائذون
بظل الشجيرات السود،
ولا رجال الشرطة الظرفاء
ولا بائع الصحف المتهدلة الأخبار
ولا الموظفون العاطلون عند مكاتبهم
المنعزلة،
ولا كتاب العرائض
النائمون على أوراقهم المتطايرة
ولا الطلاب الذين كسروا
أحلامهم وجلسوا غاضبين في الساحة،
ولا السيدة التي تنشج وحيدة
عند قبر وحيدها،
ولا حتى الشحاذ الأعمى
المتكئ على الوهم
رأى وحده أن ساستنا عراة.
رأت ذلك أيضاً البنايات التي نخر
الرصاص وجوهها،
رأت ذلك مكاتب البورصة السرية
وأسواق النفط التي ترتادها الأشباح،
رأت ذلك سيارات الإطفاء وهي تعجز عن إنقاذ
شرف المانيكانات من الحريق،
رأت ذلك الكلاب السائبة
والقطط التي تعتلي قمم النفايات،
رأت ذلك حشود أعمدة الكهرباء
التي أجبرت على الانتحار،
رأت ذلك الأرصفة التي لطخوها
بعار الدخان،
رأت ذلك حتى مومسات المدن الكوزموبوليتانية
اللائي ناموا على أحذيتهن
وجبين كل واحد منهم ظهرت له القرون
من شدة العبادة.

* شاعر وترجم عراقي







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي