هل تشعر أنك أصغر من عمرك الحقيقي؟ الإجابة تحدد مدى صحة عقلك

2020-11-09

ليلى علي

هل كذبت بشأن عمرك من قبل؟ ربما إن كان عمرك يزيد على 35 عاما، فقد تكون الإجابة نعم. للنساء حساسية خاصة تجاه أعمارهن، وقد يخجلن من ذكر عدد سنوات حياتهن كلها فيختصرنها قليلا أو يكذبن لجعل أنفسهن أصغر، وهو كذب مقبول بين النساء، مثلما هو ليس مقبولا أن يسأل رجلا امرأة ما عن عمرها.

ربما يعكس الكذب بشأن عمرنا الحقيقي حقيقة نفسية عميقة، هي أنه مع تقدمنا ​​في العمر غالبا لا نشعر بأننا تقدمنا فيه فعلا، فنحن نريد أن نشعر بالشباب والحيوية دائما، لأن ذلك يجعلنا سريعين وأذكياء ولدينا مرونة في العقل والجسم وحلاوة وأناقة في المظهر.

وجدت نتائج  دراسات عدة أن شعورك الداخلي بعمرك سواء كنت تشعر أنك أكبر أو أصغر من عمرك الحقيقي مسألة مهمة، ولها انعكاسات كبيرة على مستقبلك.

إن كنت ممن يشعرون أنهم أصغر من عمرهم الحقيقي فهذه علامة جيدة على صحتك العقلية، وعدم إصابتك بالشيخوخة الدماغية المبكرة، أما إن كنت ممن يشعرون بالعجز وكبر السن مبكرا، فيظن العلماء أن ذلك علامة ليست جيدة، وأنت بحاجة إلى تحفيز دماغك كي لا تقل القدرات المعرفية لديك في المستقبل.

وبالتالي إن كنت تشعر بأنك أصغر سنا وأن عمرك الحقيقي لا يمثلك فهذه علامة جيدة جدا على صحتك العقلية، ويمكنك مواصلة هذا الشعور.

العمر الذاتي مقابل العمر البيولوجي

"العمر الذاتي" (Subjective age) هو مصطلح يستخدمه العلماء للإشارة إلى مدى شعور المرء بالعمر، والذي من الممكن أن يختلف بمرور الوقت، فقد نشعر أننا أصغر أو أكبر من عمرنا الحقيقي. والعمر الذاتي بذلك يختلف عن العمر البيولوجي أو الزمني الذي يعبر عن تاريخ ميلادنا وعمرنا في شهادة الميلاد.

عندما يبلغ الناس منتصف العمر أو مرحلة الشيخوخة، فهم عادة ما يعبّرون عن شعورهم بأنهم أصغر بـ10 أو 20 عاما من عمرهم البيولوجي.

وفي بحث نُشر في "مجلة جيروتولوجي" (The Journals of Gerotology) عام 2016 وجد الباحثون أن العمر الذي يشعر به المرء مؤشر أكثر أهمية للصحة البدنية والعقلية العامة من العمر البيولوجي. ويعد الشعور بأنك أصغر من العمر البيولوجي علامة على الصحة وانخفاض معدل الوفيات والاحتفاظ بالقدرات المعرفية.

وفي الدراسة طرح على الأشخاص سؤال ليجيبوا بإحدى هذه الإجابات: "أنا أصغر من عمري الحقيقي"، أو "أنا في عمري الحقيقي"، أو "أنا أكبر من عمري الحقيقي".

أظهرت النتائج أن العمر الذي يشعر به الناس أو "العمر الذاتي" مؤشر قوي على صحة عقولهم الحالية. كان لدى أولئك الذين شعروا بعمر ذاتي أصغر بنية دماغية أكثر شبابا، وذاكرة أقوى من أولئك الذين شعروا بالعمر نفسه أو أنهم أكبر من عمرهم الزمني.

ومن المثير للاهتمام ارتباط العمر الذاتي الأصغر سنا أيضا بمهارات أفضل في الذاكرة والتخطيط بعد 10 سنوات، وعلى الرغم من أن قلة من الأشخاص الذين يصنفون عمرهم الذاتي على أنهم أكبر سنا قد يعانون مشكلة في الذاكرة أكثر، فإن معظم الناس ليسوا كذلك.

كيف تشعر بالشباب الدائم؟

هل يمكن للأشخاص ممن يشعرون أنهم متعبون ومجهدون وأنهم أكبر سنا مقارنة بعمرهم الحقيقي تحسين شعورهم ذلك، لينعكس على صحة دماغهم في المستقبل.

بالنسبة لنتائج الدراسات، فإن الشعور بالكبر في السن ينتج عادة عن الإجهاد المتراكم مدى الحياة والأمراض المزمنة المرتبطة بالعمر، ومن ثم فإن التحكم في المسببات قد يؤدي إلى نتائج أفضل.

وتقدم ميشال براون -الحاصلة على الدكتوراة- 3 نصائح مهمة تساعد في تقليل الشعور بأنك أكبر سنا من عمرك الحقيقي، وذلك في مقال لها على موقع "سيكولوجي توداي" (Psychologytoday) وهي:

لست وحدك: فلو سألت أصدقاءك الذين بعمرك عما يشعرون تجاه أعمارهم، هل يشعرون أنهم أكبر أم أصغر سنا، فستعرف أنك لست وحدك، ومعرفة ذلك قد تؤدي إلى الشعور بالراحة ومن ثم تجاوز هذه المرحلة وتقليل عمرك الذاتي وتحسين ذاكرتك على المدى القصير.

الانطلاق والحركة: وفقا للدراسة فإن الأشخاص ممن قاموا بنشاط بدني أكبر خلال أوقات فراغهم، صنفوا على أنهم ممن يشعرون بأن عمرهم الشخصي أصغر كما أن ذاكرتهم أقوى، وقد تتعلق هذه النتائج بتأثير ممارسة التمارين في الدماغ.

ممارسة التمارين لا ترتبط بنمو الحُصين فقط، وهي منطقة دماغية أساسية تشارك في معالجة الذاكرة، ولكن ثبت أيضا أنها تحسن مهارات الذاكرة وتقلل من شيخوخة الخلايا.

تمارين اليقظة، أي ممارسة التأمل بشكل دوري ومنتظم مهمة، فقد توصلت دراسة إلى أن المتأملين على المدى الطويل أظهروا معدلا أبطأ تدريجيا للشيخوخة مقارنة بأولئك الذين لم يمارسوا التأمل بانتظام، وثبت كذلك أن تمارين اليقظة تعمل على تعزيز مهارات الذاكرة.

البدء بشىء جديد: في دراسة أخرى عن مجموعة من الأشخاص الذين أطلق عليهم "Superagers"، أي البالغون الذين تظل أذهانهم وأجسامهم قوية حتى سن الشيخوخة، اتضح أن كل هؤلاء الأشخاص يشتركون في سمة واحدة، وهي أنهم يواصلون فعل أشياء صعبة يتحدّون بها قدراتهم، ويستمرون في وضع أنفسهم في مواقف يكونون فيها مبتدئين لا يعرفون كيف يتصرفون.

وجد الباحثون أن هؤلاء الأشخاص يتحدّون أنفسهم لتعلم مهارات جديدة، وإنشاء علاقات جديدة، والقيام بمهام جديدة، يتعلمون اللغات ويبدؤون وظائف جديدة، ويجربون ألعابا ورياضات مختلفة.

إذا كنت تريد حقا الاحتفاظ بشعور الشباب لأطول مدة ممكنة يجب أن تطوّر القدرة والرغبة لوضع نفسك عن طيب خاطر في الحالة "غير المريحة" لكونك مبتدئا لا تعرف شيئا عن موضوع أو مهارة جديدة تتعلمها، وذلك مرارا وتكرارا.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي