مهاجرٌ يُكلّمُ صورةً نُزعت من مجلّةٍ إباحيّة

2008-06-25
غُوْرَان سِيمِتْش ترجمة: تحسين الخطيب

إنّه يومُ الأحدِ، يا ماريْ لُوْ،
أكثرُ أيّام الأسبوعِ فظاعةً حينَ تبدوْ حتّي الزّجاجاتُ الفارغةُ سعيدةً بصحبةِ العناكبِ أسفلَ سريريْ.
هُنَّ لا يعرفنَ شيئاً عن عزلتي
التي شكّلتها وسائدُ مبتلّةٌ وملاءاتٌ مُجعَّدة،
لا شيءَ عنِ الفراغِ الذي يجتاحني
وأنا أشاهدُ برامج التّلفاز الليليّةَ
بيدٍ علي ورقةِ اليانصيبِ
وأخري علي الزّجاج.

إنّه يومُ الأحدِ يا ماريْ لُوْ،
وأنا الآنَ مُتعبٌ من الحديثِ مع أسلافٍ
مُختبئينَ في السلّة المليئةِ بثياب عملي المُتّسخة.
إنّها زائفةٌ، يخبرونني كلّما قبّلتُ صورتكِ.
كما لَوْ أنني لا أعرفُ ذلك.
ليسَ شعركُ الأشقرُ الطّويلُ بلونِ دغلِ عانتكِ الذي يرزحُ مُذعناً تحتَ يدِ شخصٍ ما. مثل حَمَلٍ.

ولا يبدوْ نهداكِ الكبيرانِ المكانَ الملائمَ كي ينامَ طفلٌ بقطرةِ حليب بين شفتيه.
حتي إنّ رقم هاتفكِ المطبوعِ في قاع ساقيكِ المُنفرجتينِ زائفٌ.
أوْ لأحدٍ لَمْ يتوجّب عليَّ مهاتفتَه.

زوجةُ جاري السّاكنِ في الشقّةِ المجاورة،
تبدوْ سعيدةً وهي تُنَزِّهُ أطفالها مساءَ الأحدِ:
أستطيعُ رؤيتها في ضوء المقاطعة الأحمر كلَّ ليلةٍ.
حتّي المرأةُ بالغة الصِّغَر التي تُجاورني،
والتي تُمسكُ بيد حبيبها الخارجِ للتوِّ من السّجن تقولُ مرحباً يومَ الأحد.
فأتظاهرُ بأنّني لا أعرفُ بأنّها ترتديُ قُبّعةً كبيرة لتُخفي الكدمات الدّاكنة أسفل عينيها.

حتّي كلبُ صاحبة البيتِ،
الخامسُ في السّنةِ الفائتةِ،
يَعرجُ في مشيتهِ قَبْلَ أنْ يلعقَ يدي.
يومَ الأحد.
لكنَّ أسلافي لا يرغبونَ في رؤيةِ ذلك المشهد فيغوصونَ في جيوب ثياب عملي المُتّسخة.

إنّه يوم الأحدِ يا ماريْ لُوْ، الأحدُ الوحيدُ حينَ تبدو الحياةُ مختلفة
ويكونُ لعزلتي شكلُ زجاجةٍ فارغة
تُخَادِنُ عناكبَ وأوراقَ يانصيب مُجعَّدة
تحتَ سريري.

إنّه يومُ الأحدِ يا ماريْ لُوْ،
ولا أحدَ يَرانِي حينَ أُعيدُ صورتكِ
إلي محفظتي لترافق صورةَ محبوبتي
التي وعدتني مرّةً أنْ تنتظرني
حتّي أعود.
لا أحدَ يري عينيَّ الشاحبتين ترقبان صورتين شاحبتين غير قادرتين علي معرفة أيّ الصورتين لحبيبتي
وأيهما لكِ، يا ماريْ لُوْ.
إنّه يومُ الأحدِ. الاحد الوحيد.

*غوران سيمتش Goran Simic شاعرٌ، قاص ومسرحيّ ولد في البوسنة سنة 1952. هاجر إلي كندا، سنة 1996، تحت رعاية اتّحاد الكتاب الكنديين، وما زال يقيم هناك.

 له أحد عشر كتاباً في الشّعر، والقصّة والمسرح، منها: دُوار (1977)، خطوةٌ في الظلام (1978)، أَسي سراييفو (1995)، الحرب والسلام (1998)، كتابُ الحِيرة (2002)، وبلوز المهاجر (2003).







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي