
صورة
(لطفل عراقي على الصفحة الأولى
من النيويورك تايمز)
جلس
على حافة الشاحنة
في السابعة أو الثامنة من عمره؟
أهله نيام حوله
أبوه
أمّه
إخوة خمسة
رأسه مدفون في يديه
كل غيوم الأرض تنتظر
على أعتاب عينيه
. . .
الرجل الطويل الواقف قرب الشاحنة
مسح العرق عن جبينه
وشرع يحفر
القبر السابع.
حقيبة في نيويورك
خضراء
تتدلّى كفاكهة استوائية
لمعان قشرها ينادي
فتمتد إليها يد
تقترب
تتحسسها
وتفكر بقطفها
يطأطئ الغصن رأسه
. . .
ما أبعدها الآن
أبعد ما تكون
عن الأصابع التي خاطتها بسرعة
والتي تتدلّى في ذات اللحظة
كأغصان يابسة
من جسد صغير
ينام على مرتبة
تئن خيوطها من تعبه
على الجانب الآخر
من الكرة الأرضية
رسالة إلى (شارع) المُتَنَبّي
كم كنْتَ على حقٍّ
كلماتُكَ ما زالتْ أجنحةً من ضوء
تحملكَ دائِماًً إلينا
وتحملنا أحياناً إليكَ
اسمكَ وشمٌ أخضر
على وجه بغداد المتعب
شارعُكَ جبين ٌ
على رأسٍٍ تُقْطَعُ كلّ صباح
إنّهُ فصل آخر
في مَلْحَمة الحبِْر والدم
التي تعرفُها جيداً
لا أُخفيك سرّاً يا سيدي
أنا متشائمٌ
فنحن هنا
ما زلنا نحفرُ
على جِدار هذا الكهف
الممْتدِّ منذ آلاف السنين
نقوشاً نظل نُعيدُ تَفْسيرها
وأساطير عن عالمٍ
لا نفترس بعضنا بعضاً فيه
شمسه ودودة
وبِحارُهُ لا تشكو الحمّى
و. . .
وما زال بعضنا يحفر
قبراً أعمق
أوشك أن يحتضننا جميعا
ولديهم نقوش جميلة
خرائط وفلاسفة وكتب
لكنّا لا نملك إلا أن نظل
نحلم بساحل للريح
وفي الظلام
بأظافر من عزلة وصمت
نحفُر بئراً وننسج من الحبر بحراً
لأساطيرنا
ومن اللغة شراعاً
أو كفناً يكفي للجميع
كل كتاب بئر نغرف منه
ونشرب نخبك
نتعلم كيف نعيش مع الموت وبعده
مَعْبَر.
في مطار El Paso ''
بانتظار؟ النتينا
التي ستأخذني إلى الجانب الآخر
'الجسر الذي يربط تكساس بالمكسيك اسمه: Cordoba
كل شيء هنا يهتف بهناكاته
تأخرت النتينا
والجنود يقفون
في طابور يمتد كثعبان
يتضاحكون
يداعبون بعضهم بعضاً
كنت سأشبّههم بقطيع ضباع
تكاد تشمّ صيدها
لكن على ألاّ أمحو إنسانيتهم
أليس كذلك؟
إنهم مسالمون الآن
ينتظرون بدلاتهم بلون الصحراء
رملٌ مبقّع
بساطيلهم نظيفة
كما يليق برمل الوجوه الذي ستطأه
على أرض بعيدة هناك
حيث يقف رجال آخرون
في طابور أطول بكثير
بانتظار الموت
*شاعر من العراق يقيم في أمريكا
'El Paso' تعني 'المعبر' بالاسبانية.