حواراتشخصية العامضد الفسادإنفوجرافيك أسلحة وجيوشرصدإسلاموفوبياضد العنصريةضد التحرش

أسباب تعثر الجهود الدولية لاستعادة الهدوء في قره باغ

2020-10-07

يواصل الأرمن والأذربيجانيون القتال العنيف في منطقة قره باغ لليوم العاشر على التوالي

لليوم العاشر على التوالي، يواصل الأرمن والأذربيجانيون القتال العنيف في منطقة ناغورنو قره باغ، من دون أية استجابة للدعوات الدولية لوقف إطلاق النار. وبينما يتبادل الجانبان الاتهامات بتعمد تصعيد القصف على المدن المأهولة، وإعلان كل جانب تحقيق انتصارات مع إبداء تصميم على الاستمرار في المعركة، يطرح عجز المجتمع الدولي في الضغط لعودة هدوء الأوضاع، السؤال حول عدم قدرة العالم على إحلال السلام في ذلك الجيب الجبلي في جنوب منطقة القوقاز لأكثر من 28 عاماً.

ومنذ قرار وقف إطلاق النار عام 1994، لم يتمكن المجتمع الدولي، وتحديداً ما يعرف بمجموعة "مينسك" التي تضم فرنسا وروسيا والولايات المتحدة، في إحلال السلام بين يريفان وباكو، اللتان ظلتا في حال حرب بسبب إقليم قره باغ، ذي الغالبية الأرمينية، والذي انفصل عن أذربيجان مطلع التسعينيات، ما أدى إلى حرب تسببت بسقوط 30 ألف قتيل. وفيما تتجدد المناوشات بين الحين والآخر، تبقى المحادثات بين البلدين لحل النزاع على الإقليم مجمدة، ما جعل ذلك النزاع من أسوأ النزاعات الناجمة عن انهيار الاتحاد السوفياتي عام 1991.

محاولات "مينسك" لم تكتمل

وبالرغم من مرور حوالى 28 عاماً على تأسيسها، لا تزال مجموعة "مينسك"، الخاصة بحل نزاع إقليم "قره باغ" بين أذربيجان وأرمينيا، عاجزة عن إحلال السلام في الإقليم.

فتلك المجموعة التابعة لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، والتي تشارك منذ ديسمبر (كانون الأول) 1994 الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا في رئاستها، جاء تأسيسها عام 1992 بهدف إيجاد حل سلمي للأزمة.

وطوال تلك السنوات، لم تحقق "مينسك" أي نتائج على صعيد حل المشكلة، إذ اكتفى الرؤساء المشاركون في المجموعة خلال زيارتهم البلدين بشكل دوري، بتحذير الطرفين من انتهاك وقف إطلاق النار في كل مرة.

وبالتوازي مع فشلها في حل النزاع الممتد منذ سنوات، تحركت الدول الحلفاء لكل من أرمينيا وأذربيجان، لاسيما تركيا وروسيا، لعسكرة جنوب القوقاز، عبر تسهيل صفقات عسكرية بمئات ملايين الدولارات، ما عقّد سبل الحل في الإقليم المضطرب.

ومراراً، أعلنت باكو التي تطالب بعودة الإقليم إلى سلطتها، عدم فعالية مجموعة "مينسك"، وإخفاقها في إنتاج أية حلول، معتبرة أن مسألة "حياد" واشنطن وموسكو وباريس، تتعرض لانتقادات واضحة ومتكررة، بسبب غموض مواقف العواصم الثلاث. في المقابل، تتمسك يريفان بحق انفصال الإقليم عن أذربيجان، وتقدم مساعدات لسلطته التي غيّرت اسمه إلى "آرتساخ".

وفي أحدث المواقف الصادرة عن المجموعة، مع تجدد المعارك في قره باغ منذ نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، دعا الرؤساء الأميركي دونالد ترمب، والروسي فلاديمير بوتين، والفرنسي إيمانويل ماكرون، في بيان حول تصاعد التوتر والاشتباكات المسلحة بين البلدين، إلى ضرورة وقف إطلاق النار وعودة الهدوء للإقليم. وقال الرؤساء في بيانهم المشترك، "نحث قيادة أرمينيا وأذربيجان على تحمل مسؤولية استئناف المفاوضات من دون شروط مسبّقة لحل النزاع". وقال القادة الثلاثة، إن المجموعة هي عنوان الحل.

المخاوف تتسع من تدهور الأوضاع

وتعد المعارك التي استؤنفت في 27 سبتمبر، الأخطر منذ إقرار وقف إطلاق النار بين باكو ويريفان عام 1994. ففي حين تعهد الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف الذي أنفقت دولته الغنية بالنفط بسخاء على شراء أسلحة حديثة خلال السنوات الأخيرة، استعادة قره باغ، مستبعداً التوصل إلى هدنة من دون تلقي وعد بانسحاب عسكري أرميني من المنطقة، وتقديم "اعتذار" من رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان، تجاهلت يريفان وباكو حتى الآن الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار، وخصوصاً من روسيا، القوة الإقليمية التي تبذل جهوداً في الوساطة، إلى جانب فرنسا والولايات المتحدة منذ ما يقارب الـ 30 عاماً.

وتحظى أذربيجان بدعم صريح من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي يدعو إلى استعادة المنطقة عسكرياً. وبينما تتمتع روسيا بعلاقات جيدة مع كلا البلدين، فإنها تظل أقرب إلى أرمينيا التي ترتبط معها بتحالف عسكري. ودعا بوتين أمس الإثنين إلى وقف "فوري" للمعارك خلال اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الأرميني.

وفي حصيلة جزئية لعدد ضحايا الاشتباكات الراهنة، فقد قتل 265 شخصاً منذ اندلاع الاشتباكات قبل عشرة أيام، فيما يؤكد كل جانب أنه قتل من الطرف الآخر من 2000 إلى 3000 مقاتل. ويتبادلان الاتهامات حول مسؤولية بدء الأعمال العدا

ويثير احتمال وقوع حرب مفتوحة بين البلدين الواقعين جنوب القوقاز، واللذين كانا سابقاً ضمن الاتحاد السوفياتي، مخاوف من زعزعة الاستقرار بشكل أوسع، في ظل تنافس قوى متعددة في المنطقة، منها روسيا وتركيا وحتى إيران والغرب، في وقت تُتهم أنقرة بصب الزيت على النار من خلال تشجيع باكو على شن هجوم عسكري، ويشتبه بأنها أرسلت مرتزقة سوريين موالين لها إلى قره باغ، قتل منهم العشرات.

بوتين وأردوغان وجهاً لوجه في قره باغ

على وقع التوتر الذي يشهده قره باغ، يثير النشاط التركي حول الإقليم الذي يعد الحديقة الخلفية لروسيا، مخاوف المراقبين من حدوث مواجهة بين عسكرية بين أنقرة وموسكو.

ووفق محللين، نقلت عنهم وكالتا "الصحافة الفرنسية" و"رويترز"، فإن بوتين الذي ينظر إلى منطقة القوقاز المضطربة على أنها جزء من "الخارج القريب" لموسكو، يريد أن تدفن أذربيجان المسلمة وأرمينيا المسيحية عداوتهما التاريخية ليحل السلام، لكن أردوغان لا يريد الأمر نفسه، فهو يحض أذربيجان على مواصلة حملتها.

وقال مدير مكتب أنقرة في صندوق مارشال الألماني-الأميركي أوزغور أونليسار شيكيلي، "إن تركيا وروسيا منخرطتان في علاقة يمكن وصفها على أفضل وجه بأنها تعاون تنافسي". مضيفاً، "تعد منطقة جنوب القوقاز من المناطق التي تشتد فيها هذه المنافسة".

ويزود الكرملين بالأسلحة كلاً من يريفان وباكو، علماً أن أرمينيا بالرغم من أنها أفقر وأصغر من جارتها الشرقية الغنية بالموارد، فهي أيضاً جزء من تحالف دفاعي تسيطر عليه موسكو، وتستضيف قاعدة روسية.

في غضون ذلك، تنظر تركيا إلى أذربيجان كدولة شقيقة من واجبها الدفاع عن مصالحها على الساحة العالمية. وفي حين أن خلافاتهما في القوقاز لم تكن شديدة كما كانت في سوريا وليبيا، بحيث تدعم موسكو وأنقرة طرفين متعارضين، قال محللون إن الوضع محفوف بالأخطار.

ووافق محلل شؤون الشرق الأوسط في مجلس الشؤون الدولية الروسي، أليكسي خليبنيكوف، على أن الموقف الدبلوماسي التركي في ناغورنو قره باغ قد يؤثر في علاقاتها مع روسيا في مناطق ساخنة أخرى، لاسيما سوريا. وأضاف، "ليس بشكل كبير، لكن سيكون هناك بعض التأثير. نعلم أنه في السنوات الماضية مرّت روسيا وتركيا بعدد من الأزمات لم تتمكن من إحداث شرخ بين البلدين".

وقال الخبير في مركز دراسات الاقتصاد والسياسة الخارجية في إسطنبول، إمري كايا، إنه من المرجح أن ترد روسيا إذا تجاوزت أنقرة إمداد باكو بالدعم الاستخباراتي واللوجستي، أو إذا حققت أذربيجان مكاسب عسكرية سريعة. وأضاف، "عندها يمكننا بالتأكيد توقع هجوم مدعوم من روسيا على القوات التركية المتمركزة في سوريا أو ليبيا".







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي