لا أتذكّرُ من البحرِ شيئا

2020-09-10

 أديب كمال الدين*

 

عندَ كلّ غروب،

نُصلّي أنا والشّمسُ معا

بلغةِ البحر

عندَ شاطئ البحر.

٭

لا أتذكّرُ من الصّيفِ شيئا

سوى أنّني كنتُ أبحثُ عنكِ

تحتَ شمسهِ الهائلة

وقد امتلأَ قلبي بحروفِ الشّوق

ونقاطِ الرّغبة.

٭

كلُّ امرأةٍ نشرتْ قصيدتَها في كتابِ الكون.

أمّا أنتِ فلم تنشري شيئا.

اكتفيتِ بقطرةٍ من دمي عنوانا لقصيدتكِ

وبموجةٍ من حروفي سُطورا لها.

٭

يُقالُ إنَّ طائرَ الحُبِّ طائرٌ مُلوّن

يطيرُ دائما إلى الأعالي،

إلى الأعالي

حتّى لا يرى ظلَّ جناحيه على الأرض.

٭

كلّما رأيتُ الشّمس

تغرقُ في البحرِ وقتَ الغروب

تلمّستُ موضعَ القلبِ في صدري

وعدتُ مُرتبكا مُسرعا إلى البيت.

٭

عندَ البحرِ لا أحسُّ بجمالكِ المُثير

ولا أرى بوحَ عينيكِ الغامضتين.

ألأنَّ البحر يسرقُ جمالَكِ أمامي

أم لأنَّكِ تستلمين

لبريقه الذي يفوقُ كلَّ بريق؟

٭

طوابع طفولتي

أودعتُها عندَ امرأة عابرة ذاتَ ضياع.

وحينَ طالبتُها بها

لم تُنكرْ طوابعَ الطّفولةِ فقط

بل أنكرتْ أنّها رأتني من قبل.

٭

آثارُكِ على الشّاطئ اختفتْ، ففرحتُ.

ثُمَّ انتبهتُ إلى أنّها تحوّلتْ

إلى دموعٍ مُتحجّرة.

يا إلهي، أهي دموعي؟

٭

صنعتُ من وجهكِ دُمْية كبيرة،

ووضعتُها في حديقةِ قصيدتي القاحلة

حتّى تقف عليها الحروفُ التائهة

أو الجائعة

أو التي نسيتْ طعمَ الماء.

٭

حينَ تلتقي زرقةُ السّماء

بزرقةِ البحر

ما الذي يحدثُ لقصيدةِ حُبّي الزُّرقاء؟

٭

كيفَ حدثَ أنّكِ ضيعتِني إلى الأبد

كما تضيّعُ امرأةٌ طفلَها الوحيدَ في البحر؟

٭

كلُّ الذين تحدّثوا عن الحُبِّ بِعُمق

كانوا مجانين.

لا أشكُّ في جنونِهم

ولا في مِجونِهم.

٭

لو طُلِبَ مِن كلِّ امرأةٍ أن تحملَ مرآة،

فأنا متأكدٌ أنّكِ ستحملين قلبي.

٭

يا إلهي،

الورقة الخضراء لشجرةِ الحُبّ

زادها النّدى جمالا وغموضا.

٭

قريبا من البحر،

وعلى مصاطبِ بوذا الحجريّة

جلسَ الشّحّاذون يقهقهون

وهم يعدّون نقودَهم القليلة.

أمّا أنا فجلستُ أتأمّلهم

لأكتبَ قصيدةَ القهقَهة.

٭

الأرضُ تشبهُ القمر

والقمر يشبهُ النّجوم

والنّجوم تشبهُ البحر.

لكنَّ البحرَ لا يشبهني أبدا

فهو يتحرّكُ ليلَ نهار

وأنا ثابتٌ لا أتزحزح.

٭

كلّما وجدتُ قاربا مَهجورا

قربَ شاطئ البحر،

توقفّتُ وأخذتُ معهُ صُورة تذكاريّة.

٭

حينَ تنظرين إليَّ من ثقبِ الزّمانِ الطويل،

أتبكين أم تضحكين؟

*

تتكسرُّ الأمواجُ على شاطئ البحر

بسعادةٍ لا تُوصَف.

لماذا؟

ألأنّها تُقبّلُ الشّاطئ

أم لأنَّ الشّاطئ يشاركها التّقبيل

بدفءٍ ولذّةٍ وذهول؟

٭

عند شاطئ البحر،

وجدتُ عظاما عارية كثيرة

لكنّي وجدتُ أجسادا عارية أكثرَ بكثير.

٭

وضعوا للبحرِ سُلّما

لينزلَ النّاسُ برفقٍ إلى الماء.

كانَ السّلّمُ طويلا طويلا طويلا

حتّى أنّني حينَ استخدمتُ درجاته الحجريّة

التي لا نهايةَ لها،

أحسستُ أنّي ذاهبٌ إلى المجهول.

 

  • شاعر عراقي مقيم في أستراليا






كاريكاتير

إستطلاعات الرأي