"سيدة أيلول" رواية المرأة والحرب والخسارات

2020-09-06

وجع إنساني منصهر

عمان- يوقظ الكاتب الأردني زياد محافظة في روايته الأخيرة “سيدة أيلول”، الصادرة عن دار فضاءات للنشر بعمّان، الحزن الأنثوي من غفوته العميقة، ويضيء مساحاته الشاسعة، داعيا القارئ ليتذوق مع بطلة الرواية من طبق المرارة والخيبات، ويشاركها تفاصيل يومياتها المعقّدة والمتشابكة، ويرافقها في هروبها المتواصل وهي تتوارى عن أنظار الحياة التي تترصدها وتفتح لها في كل مرة جرحا جديدا، دون أن تتيح لها الوقت الكافي لتخيط جراحها التي نزفت على امتداد السرد.

وتمتد الرواية التي تقدح شرارة السرد فيها مع اندلاع أحداث أيلول عام 1970 في مدينة الزرقاء، لتغطي تفاصيل وأحداث على امتداد أكثر من نصف قرن، حيث يمتزج فيها الواقعي بالمتخيل بطريقة عصية على التمييز.

تفاصيل يوميات امرأة

تتسيد المرأة النص في عالم يغدو فيه الأدب وجها للسياسة والسياسة مرآة للأدب، إذ تقتفي الرواية أثر فتاة تقرر في لحظة فارقة من حياتها، الهروب من قريتها، والقدوم للزرقاء في ذروة أحداث أيلول، لترتبط برجل تحبه وتبدأ معه فصلا جديدا من قصتها، فتشيح المدينة المشغولة بعراك أبنائها ولملمة جراحها، وجهها عنها، وتمضي لترسم لها مسارا مغايرا تماما لذاك الذي كانت تراهن عليه، فتتشابك تفاصيل الحياة أمامها وتتعقد، وتأخذها إلى عالم مليء بالوجع الإنساني، والحزن والمتاهة.

ورغم الوجع الإنساني المنصهر في ثنايا الرواية، وألم الفقد والخوف والانكسار، تعاود البطلة النهوض في كل مرة، وتمضي غير عابئة بالانهيارات التي ألمّت بها، على أمل أن تتخلى الحياة يوما عن قسوتها وبشاعتها فتتركها تكمل ما تبقّى من حياتها براحة وهدوء.

 

الأنثى التي تسرج عربة السرد في رواية "سيدة أيلول" تمثل صورة المدينة والحكاية والحلم والرهان على غد أفضل.

وتمثل الأنثى التي تسرج عربة السرد في الرواية، صورة المدينة والحكاية والحلم، والرهان على غد أفضل، في أزمنة وأمكنة تسيدت فيها الحروب والحرائق والأوجاع وملأت المشهد برمته.

تقول بطلة الرواية “عرقلتني الحياة كثيرا، لكني عاودت النهوض من جديد، وعشت في دوامة اقتلعت كل ما يقف في طريقها، قد يأتي يوم وأسرد لك حكايتي إن كان بها شيء يستحق السرد، لكن حتى يأتي ذاك النهار، أريدك أن تعرف أني لست نادمة على شيء”.

ووفقا لمحافظة، فإن الرسالة التي يحملها الروائي، لا بد أن تكون “واضحة، وجارحة أيضا”، وأن الترميز “لم يعد يجدي إذا أردنا الوقوف في وجه العبث الذي نعشيه”.

ويؤكد أن خيال الروائي مهما جنح نحو الغرائبية أو الأفكار المجنونة، سيجد أن الواقع المغلوب على أمره قد تفوق عليه، وسبقه بأشواط كثيرة.

يشار إلى أن محافظة أصدر سابقا رواية “حيث يسكن الجنرال” التي تمثل بحثا عميقا في فكرة الوطن والمصير والخلاص، و”نزلاء العتمة” التي نالت جائزة أفضل رواية عربية في معرض الشارقة الدولي للكتاب (2015) وتدور أحداثها حول موضوع الموت وأسئلته الكبرى، و”أفرهول” التي تتخذ مدينة عمّان دور البطولة فيها، و”بالأمس كنت هناك”، و”أنا وجدّي وأفيرام”، و”يوم خذلتني الفراشات” التي اختيرت ضمن القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد للكتاب (2012).







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي