فورين بوليسي: لا يمكن لإسرائيل إخفاء أدلة احتلالها بعد الآن

2020-08-04

قالت زينة أغا، الكاتبة في شبكة السياسات الفلسطينية "الشبكة"، إنه لم يعد بإمكان إسرائيل الآن إخفاء الأدلة على احتلالها للأراضي الفلسطينية.

وأشارت في مقال نشرته مجلة فورين بوليسي (Foreign Policy) إلى قانون أميركي غامض أخفى لأكثر من 20 عاما صور الأقمار الصناعية لأنشطة إسرائيل في الأراضي المحتلة، وقالت إنه بسبب تعديل مفاجئ يمكن الآن استخدام تكنولوجيا الأقمار الصناعية للدفاع عن حقوق الإنسان الفلسطيني.

وذكرت أغا أن ثمة فهما عاما شبه راسخ طوال العقدين الماضيين بأن صور الأقمار الصناعية محظورة فوق إسرائيل والأراضي الفلسطينية والسورية التي تحتلها، وأن هذا كان بسبب قانون أميركي لعام 1996 يعرف باسم تعديل كايل بنغامان (KBA)، وقد حد من جودة وتوافر صور الأقمار الصناعية عالية الدقة التي تنتجها الشركات الأميركية التي تغطي إسرائيل (ومن خلال السياسات الضمنية، الأراضي الفلسطينية المحتلة ومرتفعات الجولان المحتلة).

وكانت النتيجة أن الصور المتاحة للجمهور على منصات مثل "غوغل إيرث" (Google Earth) كانت رديئة وضبابية بشكل متعمد.

وأشارت الكاتبة إلى أن قانون (KBA) كان نتيجة ثانوية لآثار الحرب الباردة عندما كانت صناعة صور الأقمار الصناعية لا تزال جديدة وكان القانون، الذي طبق تحت ستار حماية الأمن القومي الإسرائيلي، في الواقع أقرب إلى قانون رقابة. وأضافت أنه طوال 24 عاما طمس القانون الآثار المدمرة للاحتلال الإسرائيلي بإخفائها حرفيا عن الأنظار.

وهذه الرقابة على إسرائيل والأراضي المحتلة كانت لها آثار أثرية وجغرافية وإنسانية سلبية، وأكثرها وضوحا هو آثارها على مراقبة الاحتلال الإسرائيلي المستمر منذ عقود، بما في ذلك توثيق عمليات هدم المنازل والنزاعات الإقليمية وتغول المستوطنات.

وبالتالي فإن الصور الضبابية أحبطت الجهود المبذولة لتحديد انتهاكات حقوق الإنسان والتحقق منها، خاصة في المناطق التي يصعب الوصول إليها مثل قطاع غزة المحاصر منذ عام 2007.

المساءلة التاريخية

وفي 25 يونيو/حزيران الماضي، بعد عامين من الضغط المستمر من الأوساط الأكاديمية والمجتمع المدني، تم إصلاح قانون (KBA) بحيث أصبحت صور الأقمار الصناعية الواضحة متاحة قانونا وللجميع.

وذكرت الكاتبة أن الآثار المترتبة على هذا التعديل واسعة النطاق وأكثرها وضوحا أن شركات التكنولوجيا الأميركية ستكون أكثر قدرة على المنافسة ضد الشركات الأجنبية. ومن منظور علمي سيؤدي الإصلاح إلى تحسن كبير في القدرة على مراقبة هذه المنطقة الهشة بيئيا.

وإلى حد كبير سيؤدي هذا الإصلاح إلى تمكين الجماعات الحقوقية التي تعمل على محاسبة إسرائيل على انتهاكاتها للقانون الدولي، بما في ذلك عمليات القتل غير المشروع وبناء المستوطنات (التي تشكل بموجب اتفاقية جنيف الرابعة جريمة حرب).

وربما لهذا السبب أدى التعديل في قانون (KBA) بالفعل إلى بعض القلق في الأوساط العسكرية الإسرائيلية. كما أن له آثارا جيوسياسية حيث سيجعل التغيير في القانون صور الأقمار الصناعية للمناطق الحدودية للأردن وسوريا ولبنان ومصر -التي كانت رديئة وتغطى بشكل سيئ وغير خاضعة للرقابة- واضحة، ويسمح بمراقبتها واستقصائها، ولا سيما حول القضايا البيئية مثل استخراج المياه.

ومن منظور العدالة والمساءلة التاريخية، فإن الصور عالية الدقة غير الخاضعة للرقابة، تمكّن الفلسطينيين من تصنيف بقايا القرى والبلدات التي دمرت خلال أحداث عام 1948 وما بعده بدقة.

كما أن الدور الذي يمكن للتقدم التكنولوجي أن يلعبه في حماية حقوق الإنسان يستحق التأمل. وسواء كانت مراقبة اضطهاد الإيغور في الصين أو التطهير العرقي للروهينغا في ميانمار أو ضربات الطائرات الأميركية المسيّرة في الصومال، فإن صور الأقمار الصناعية طالما استخدمت من قبل المنظمات الحقوقية الدولية والباحثين والصحفيين والمدنيين لتوثيق ورصد الفظائع وجرائم الحرب.

وختمت الكاتبة مقالها بأن التراجع في قانون (KBA) بعد 24 عاما، قد مهد الطريق وأعطى أولئك الذين يعملون من أجل الحرية والعدالة والمساواة أداة حيوية، ولكن المراقبة وحدها لا تكفي، إذ إن صور الأقمار الصناعية عالية الدقة وسيلة لمتابعة المساءلة وليست غاية لتحقيق العدالة.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي