كُـتب عبدالناصر مجلي الشعرية 1990- مختارات - 2000 THE POETRY BOOKS OF ABDULNASSER MUGALI - 1990 SELECTIONS 2000

2020-07-13

 

 

 

 

 

الشعر
خيباتنا
المهملة
التي
ننشدها
بجرح
واحد
وبحور
متعددة..!!

 


عبد الناصر مجلي

 ................................................................

 

تنويه بصيغة لفت نظر


بكل بساطة واختصار، هذه تجربة شعرية أحسبها تستحق مني على الأقل والأكثر نظرة تفسيرية ضرورية، كونها كُتبت وما زالت في ظروف وأوقات وأحداث متنوعة ومتشابكة، وكذلك في مُدن وفجاج وجهات وأرجاء متعددة ومتصادمة، كُنت نقطة التقاءها الوحيدة، مثلما كانت هي عالمي الذي اشتبكت معهُ واشتبك بي ولم نزل حتى ما شاء الله.
لقد ترددت كثيراً قبل الإقدام على هذه الخطوة المتمثلة في شحن أكبر كمية من البروق والصواعق والجغرافيات والتضاريس والتواريخ والأوقات والشخصي اتوالمواجع والآمال والهزائم... الخ، التي كتبتها وكتبتني في ظروف شاء قدري أن تكون صعبة وغير يسيرة أو مريحة على الإطلاق، لذلك فقد كُتِبَتْ تحت عدة سماوات غريبة عني مثلما أنا غريبٌ عنها. كُتبت بكل ما في الإحساس من فجيعة وألم وعثرات وهزائم وانكسارات على المستوى الشخصي، وعلى المستوى العام بكل أبعاده.
أقول حاولت شحن كلما استطعت حمله باختياري له ليكون بين دفتي كتاب، ليس من باب تَسْطِيعِ الاسم وإشهاره، فقد تجاوزت بقصيدتي وتجاوزت بي مثل هذه الفرضيات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، ولكن من باب الشهادة على كُل ما مر وهو كثير لا قبل لي بحصره والتعبير عنه في هذا التنويه.
إن القارئ لهذه التجربة سيلاحظ فضاءاتها الإنسانية الواسعة،تلك الفضاءات التي عبَّرت عن العام أكثر من الخاص، ذلك إن ما التقطته روحي خلال هذه التجربة الشعرية أنساني نفسي بعدما وجدتني في حالة اشتباك غير متكافئة مع واقعي الذي وجدت ذاتي فيه على كافة الأصعدة بالنسبة لي كإنسان أراد الله له أن يكون شاهداً، أو حاضراً، أو على الأقل يعيش في هذا العصر.
لقد كنت -كما أزعم - منذ بداياتي وحتى كتابة هذه السطور على موعد مع الكتابة الاستباقية والمغايرة والصعبة، نظراً لنفوري من الكتابة السهلة واللينة، وعليه فقد حملت أزميلا وليس قلماً ولا زلت لكتابة قصيدة عبدالناصر مجلي التي تشبهه، بكل ما تحتمله من توجهات ورؤى لا تعني أحداً سواي على مستوى تجربة الكتابة نفسها، بحيث عند انتهائي منها تكون حقاً عاماً لم يعد لي منه سوى الاسم.
إن التمعن في قراءة هذه التجارب الشعرية ستصل بالمتابع والمهتم إلى حيث أردت أن أصل به عن سابق قصد وتصميم مُسبق، أي إلى نقطة اكتشاف كيف يمكن للقصيدة أن تكون مختلفة ومتلونة وغير مطواعة. بمعنى أن للشعر أبواب ومداخل كثيرة يمكن للشاعر أن يكتفي بطرق أحدها، لكنني لم أكن ذلك الشاعر الذي يرضى من الاكتشاف بالإياب، بل وتجريب هذا الاكتشاف بأكثر من طريقة في معمل تجربتي الشعرية ذاتها، هذه التجربة التي أتعبتني وأرهقتني ونزفت بين يديها وعلى جوانبها كل مشاعري وجوارحي سلبية كانت أم إيجابية في سبيل الوصول إلى حيث لا أدري!!.
الشعر كائن خرافي متشرط وفاتك إن لم يجد من يستطيع مسايسته بالقدر الذي يُشبع غروره الهائل، وأنا هنا لا أزعم أنني نجحت في ذلك فلا أحد قدر أو يقدر أو سيقدر، كون عظمة الشعر في استحالته ومنعته وجبروته ولا عاديته، وعليه فقد عشت فيه وعاش فِيَّ-ولا يزال- ومع ذلك لم أغترف منه إلا القليل، لكنه قليل أزعم أنه يرضيني ولو بنسبة ما، ففيه ومعه ومن خلاله اكتشفت نفسي والعالم من حولي ولولاه ما كنت لأعرفني وأقتنع بي ككائن حي يتنفس.
كان الشعر وما زال رفيق درب مزاجي، متقلب، عنيد، طمَّاع لا يرضى بالقليل أو قسمة الـ"نص،نص"، وقد أتعبني وأتعبته، إذ بذلك التعب تشكلت معارفي وتفتحت رؤاي وأزهرت حواسسي ومداركي.
لقد وجدت صعوبة كبرى في التوفيق بين تواريخ القصائد لا أدري لماذا؟!. ربما لأنني دون تواضع أظنني لم أشبع مما اغترفته من بحر الشعر الواسع، ولذلك شكلت لي التواريخ تلك المعضلة الفهرسية، التي لم أتغلب عليها إلا بواسطة تقديم مجموعة وتأخير أخرى، مُفسحاً المجال أمام النصوص لتُعبر عن وجودها بدون وسائط وإن اختلفت التواريخ.

إنه تأخير وتقديم المهنة وليس الضرورة، كوني أعلم أهمية التأرخة بالنسبة للأسبقية في كتابة أسلوب شعري بعينه، كقصيدة النثر على سبيل المثال، التي سيراها القارئ المتمرس تطارده عبر كل السطور وكل الصفحات وكل المجموعات، ولكن؛ وذلك ما عنيته بالضبط بصور مختلفة، لجهة اللغة والصورة والتكنيك اللوني لفضاءاتها المتعددة وإن كانت هي نفس القصيدة في طور تشكلها ومراحلها العُمرية المتصاعدة.
هنا أنا لا أصف نفسي بشاعر يكتب قصيدة النثر ، أو أي قصيدة أخرى،وإن كنت كذلك بالفعل، ولكن أوضح أنني شاعر يكتب الشعر بطريقته وأسلوبه ومسمياته الخاصة به،وهي في الأخير تُحسب لي أو عليّ، إذ أنها – القصيدة - هي ابنة شرعية لي كشاعر في المقام الأول ولا تمت إليّ بصلة كمنظر أو كناقد، فعندما أكتب الشعر أنسى ما حولي حتى نفسي تماماً، وعليه فإنني حتى هذه اللحظة أشعر بلذة الاكتشاف والتعجب عندما أسأل نفسي هكذا: تُرى كيف كتبت هذه القصيدة، وما هي أحاسيسي ساعة كتابتها و..... إلخ؟ فلا أكاد أجد إجابة محددة.
الكلام -ولا شك - سيطول، خصوصاً ونحن نتحدث عن الشعر، وما أدراك ما الشعر، لكنني سأقول: لقد كانت رحلة ممتعة بعذاباتها وعثراتها وهزائمها وانتصاراتها وفتوحاتها. وتكمن هذه المتعة في كونها لا تزال عند خطواتها الأولى على مضارب جمهورية الشعر المترامية الأطراف، وسيتم نشر بقية المجموعات والمختارات تباعا بمشيئة الله.
إذن فقد كتبت قصيدتي بهاجس إيماني بها كقصيدة وبي كشاعر وهو لقب أعتز به ولن أتخلى أو أبرأ منه أبداً.. فلولا الشعر ما كانت هذه السطور وما كنت أنا ، وبسيف هذا الكائن الخرافي استطعت - ولازلت –الدفاع عن كل ما يستحق أن يُدافع عنه ابتداءً بي شخصياً وانتهاءً بكل المثل والقيم والحقوق ............... إلخ.
إن الشعر لم يكن مجرد لغةٍ مسبوكة ترفع أعمدتها بذكاء وخبرة وصَنْعَةٍ، إنه أعمق من ذلك بكثير، إذ أنه بماهيته يصل إلى مستوى الكون المستقل بجغرافياته وتضاريسه، ومناخاته وكائناته، وعندما نطل على حدوده: لا نكون مجرد قوالين يرطنون باسمه، بل جزء لا يتجزأ منه كما صار هو جزء لايتجزأ منا كذلك ، ولهذا أقول: أن كتابة الشعر لا تعني التشدق به نيابة عنه حتى نكون شعراء، ولكن يجب أن يكون الشاعر وجه آخر للشعر كما هو الشعر ذاته وجهه له -أي جسدان بروح واحدة لا انفصام لها أو انقسام -.
لقد غامرت -ولا زلت -بالإبحار في أوقيانوس هذا الخرافي الهائل وله صرت مختلفاً وسباقاً في مناحِ كثيرة،ذلك أنني - كما أزعم –تلبسته وتلبسني فصرت لا أستطيع التفريق بيني وبينه إلا بعد صحوتي من غشية الإبصار فيه والإمساك بتلابيبه، كما يفعل هو معي تماماً!!

 


عبد الناصر مجلي - صنعاء - ربيع 2010م

 

 

ملف المختارات كاملا :

  https://thenationpress.net/pdf-4.pdf








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي