عشر قصص قصيرة جدا لباولو كويلو

2020-06-25

باولو كويلو

ترجمة عبده حقي

1

اقترب تلميذ من معلمه وقال له: منذ سنوات وأنا أبحث عن التنوير. وأشعر بأنني على وشك الوصول إليه، وأنا في حاجة الآن إلى معرفة المرحلة المقبلة. قال المعلم «كيف تعيل نفسك؟». فرد التلميذ: «لم أتعلم بعد كيف أعيل نفسي فوالداي هما من يساعدانني، لكن هذه مجرد تفاصيل». وقال المعلم «إن الخطوة المقبلة تتطلب منك أن تنظر مباشرة إلى الشمس لمدة نصف دقيقة». حينذاك لبى التلميذ طلب الأستاذ. وعند انصرام نصف دقيقة طلب منه المعلم وصف الحقل الذي يحيط بهما. قال التلميذ: «لا أستطيع رؤيته فقد أثرت الشمس كثيرا على ناظريّ». قال المعلم: «إن الرجل الذي لا يبحث سوى عن النور فقط وهو متملص من مسؤولياته، لن يجد التنوير أبداً.. ومن يركز عينيه على الشمس كثيرا سينتهي به المطاف إلى شخص كفيف».

2

قال التلميذ لمعلمه: « لقد قضيت معظم اليوم في التفكير في أشياء ينبغي لي أن لا أفكر فيها وأرغب في أشياء ينبغي لي أن لا أرغب فيها وأفعل أشياء لا أريد أن أفعلها». ثم دعا المعلم التلميذ إلى جولة معه في الغابة خلف بيته. في طريقهما أشار المعلم إلى نبتة وسأل التلميذ إذا كان يعرف اسمها. قال التلميذ: اسمها «بيلادونا» ثم أردف «يمكن لهذه النبتة أن تقتل أي شخص يأكل أوراقها .قال المعلم : لكنها لا تستطيع أن تقتل شخصا يكتفي بملاحظها ببساطة فقط، الشيء نفسه فالرغبات السلبية لا يمكن أن تسبب أي ضرر إذا لم يخضع الإنسان لإغراءاتها .

3

زار مريض يبلغ من العمر اثنين وثلاثين عامًا الطبيب ريتشارد كراولي. قال له مشتكيا: لا أستطيع أن أتوقف عن مص إبهامي. فرد عليه كراولي: لا تقلق كثيرا بشأن ذلك لكن حاول أن تمصّ كل يوم إصبعًا مختلفًا .حاول المريض أن يفعل ما أمره به الطبيب غير أنه في كل مرة كان يضع يده على فمه كان يجب عليه أن يختار بوعي أي إصبع من أصابعه يجب أن يكون محط اختياره في ذلك اليوم . في نهاية الأسبوع توفق المريض في علاج عادته. قال الطبيب كراولي: عندما يتحتم علينا بلورة مواقف جديدة واتخاذ قرارات جديدة واختيارات جديدة، ندرك جيدا كم أن هذا لا يستحق كثيرا من العناء.

 4

وعد مستكشف أبيض كان يرغب في الوصول إلى عمق إفريقيا أن يدفع أموالا إضافية إلى مرافقيه إذا أسرعوا وعملوا على ربح الوقت. تحرك مرافقوه الحمالون لعدة أيام بشكل أسرع . ولكن بعد ظهيرة أحد الأيام فجأة ألقوا حمل أثقالهم وجلسوا أرضا. ومهما كانت قيمة المبلغ الذي منح لهم فقد رفضوا المضي قدما. عندما سألهم المستكشف عن سبب ذلك كانت إجابتهم التالية: إننا نتقدم بخطوات سريعة ولا نعرف بعد ما الذي نفعله مقابل المال والآن علينا أن ننتظر حتى تستردنا أرواحنا .

5

لا تحاول دائما أن تكون منسجما بعد كل شيء قال القديس بولس: إن حكمة العالم هي حمق في عيني الله. لكي تكون منسجما عليك دائما ارتداء ربطة عنق متناسبة مع الجوارب. هو أن تكون آراء اليوم هي آراءك نفسها في الغد، وحركة الكوكب؟ ما هي؟ طالما أنك لا تؤذي الآخرين غير رأيك من حين لآخر. عارض نفسك بدون أن تشعر بالحرج. فهذا من حقك. لا يهم ما يفكر فيه الآخرون – لأن هذا هو ما سيفكرون به على كل حال. لذا استرخ.. دع الكون يتحرك.. اكتشف متعة مفاجأة نفسك، إن الله اختار الأشياء الحمقاء على الأرض هكذا بشكل يزعج الحكماء.. قال القديس بولس .

 6

كان القديس أنطوان يعيش في الصحراء عندما اقترب منه شاب وقال له: أيها الأب لقد بعت كل ما أملكه وأعطيت المحصول للفقراء، واحتفظت ببضعة أشياء فقط يمكن أن تساعدني على العيش هنا، وأريد منك أن تبين لي الطريق إلى الخلاص. طلب القديس أنطوان من الصبي بيع الأشياء القليلة التي احتفظ بها والذهاب إلى المدينة لشراء اللحم بثمنها. عند عودته كان عليه أن يربط اللحم بجسده. وفعل الشاب ما طلب منه القديس. عندما كان عائدا تعرض لهجوم من طرف الكلاب والصقور

«ها أنا قد عدت» قال الشاب وكشف للأب عن جسده المجروح وملابسه الممزقة. فرد القديس: «إن الذين يرحلون إلى وجهة جديدة ويريدون إبقاء بعضا من حياتهم الماضية يجدون أنفسهم قد مزقهم ماضيهم .

 7

 عندما كان الطفل المتشرد في العاشرة من عمره، أصرت والدته على أن يتعلم دروس التربية البدنية. كانت أحد الأنشطة المطلوبة منه أن يقفز من جسر إلى نهر. في بداية التدريب أصيب الطفل بالشلل من كثرة الخوف. كل يوم كان يقف في آخر الصف ويتذرع في كل مرة بأن أحد خصومه، قام بالقفز مكانه في دوره. في أحد الأيام عندما لاحظ المدرب خوف التلميذ الشديد أمره بتنفيذ أول قفزة. وعلى الرغم من أنه كان ما يزال متوجسا فقد انتهى به الأمر أخيرا وبسرعة إلى استبدال الجزع بالشجاعة. قال المعلم: غالبًا ما يمكننا تحمل وقتنا، ولكن هناك أوقات يتعين علينا فيها أن نشمر على سواعدنا ونجد حلا للموقف وفي هذه الحالة ليس هناك ما هو أسوأ من التأخر.

 8

كان المتشرد يتجول خلال يوم عيد القديس يوحنا بين الخيام ومسابقات الرماية والأطباق التقليدية. فجأة بدأ مهرج في تقليد إيماءاته. شرع الناس يضحكون فجأة ودعا المتشرد المهرج لتناول فنجان قهوة معه «اعتن بنفسك في الحياة !» قال المهرج «إذا كنت على قيد الحياة عليك أن تضم ذراعيك.. تقفز.. تحدث الضوضاء.. تضحك وتتحدث إلى الناس، لأن الحياة هي عكس الموت تمامًا». أن تموت معناه أن تبقى في الموقف نفسه إلى الأبد. إذا كنت ساكنا جدًا فلن تعيش أبدا .

 9

هناك أسطورة أسترالية تتحدث عن ساحر كان يمشي مع أخواته الثلاث، وفي طريقهم التقوا بمحارب كان أكثر شهرة في ذلك الوقت. قال المحارب: أرغب في الزواج من واحدة من هؤلاء الفتيات الجميلات. قال الساحر: إذا تزوجت إحداهن فستعاني الاثنتان الأخريان من غيابها . إبحث لك عن قبيلة أخرى تسمح لرجالها بثلاث زوجات. سافر الساحر وبناته الثلاث لعدة سنوات في جميع أنحاء القارة الأسترالية بدون أن يعثروا على مثل هذه القبيلة. قالت إحداهن عندما تقدمت في السن وتعبت من طول المشي: على الأقل لو تزوجت واحدة منا كانت ستكون سعيدًة. قال الساحر: لقد كنت مخطئًا ولكن فات الأوان. وحول الشقيقات الثلاث إلى كتل من الحجر حتى يعرف كل من يعبر من هناك أن سعادة شخص ما لا تعني أنه يجب على الآخرين أن يكونوا حزينين.

 10

من هو أفضل مبارز في رياضة المسايفة؟» طلب محارب من سيده. «إذهب إلى الحقل بالقرب من الدير» أجاب سيده. «هناك صخرة أريدك أن تلعنها». «لكن لما أفعل ذلك؟ سأل التلميذ فالصخرة لن تجيب». «حسنًا إذن هاجمها بسيفك». أجاب السيد: «لن أفعل ذلك أيضًا» قال التلميذ. «سينكسر سيفي، وإذا أصبت الصخرة بيدي فسأصيب أصابعي ولن يكون لديّ أي تأثير عليها… ليس هذا ما طلبته، من هو أفضل مبارز؟ قال السيد: الأفضل هو الشبيه بالصخرة فبدون تجريد سيف من غمده فلا أحد يستطيع هزمه».

المصدر:

http://nitinmutha.blogspot.com/2008/11/paulo-coelho-ten-short-stories.html

 

 

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي