كيف ساهم فيروس كورونا في التمكين للجريمة المنظمة؟

2020-06-10

أربك تفشي فيروس كورونا والإغلاق العام الجريمة المنظمة وأنشطتها في بدايته مثلما فعل مع العديد من الأنشطة الأخرى، ولكن يبدو أن الجريمة المنظمة لم تتكيف فقط مع الواقع الحالي، وإنما تستعد لخلق مستقبل مربح من هذه الأزمة.

وقد لاحظ العديد من تجار المخدرات قبل أسبوع من الإغلاق العام في المملكة المتحدة، زيادة كبيرة في الإقبال على شراء الكوكايين والهيروين والماريغوانا. وكان الإقبال على شراء المخدرات في عالم الإجرام ببريطانيا شبيها بالإقبال الذي شهدته مبيعات ورق المراحيض.

صحيفة "الغارديان" البريطانية نشرت تقريرا مطولا للكاتب الصحفي ميشا غلني تحت عنوان "من تجار المخدرات إلى المرابين.. كيف مكّن فيروس كورونا الجريمة المنظمة"، سلط فيه الضوء على ازدهار الجريمة المنظمة في ظل الظروف الاستثنائية التي فرضها تفشي فيروس كورونا حول العالم.

ووفقا للتقرير فقد فسر تاجر مخدرات يعمل في غربي العاصمة لندن سبب زيادة الطلب على المخدرات، بأنه بمجرد أن أمرت الحكومة الناس بالبقاء في المنازل، أغلقت شبكات المخدرات، لأن التحرك كان عملية محفوفة بالمخاطر بالنسبة لتجار المخدرات الذين يتطلب عملهم التنقل.

وسجلت أسعار الكوكايين والهيروين زيادة كبيرة في فترة ما قبل الإغلاق بسبب التوقعات بتوقف التوريد من الخارج.

ارتفاع الأسعار

صرح أحد تجار المخدرات بأن أسعار الهيروين وفحم الكوك قد ارتفعت في مدينته، وقال "كل الذين أعرفهم واجهوا صعوبة في الحصول على الإمدادات التي يحتاجونها، ولكنهم يدفعون أكثر"، في حين لم تتأثر مبيعات الماريغوانا تأثرا يذكر.

وذكر تاجر آخر أن "الأعمال مزدهرة بالنسبة لي.. الناس أساسا مقبلون على شراء الحشيش والمخدرات، والحشيش الذي أبيعه يزرع في المملكة المتحدة، لذا ظل السعر على حاله حتى الآن".

كما شهدت تجارة المخدرات عبر شبكة الإنترنت زيادة ملحوظة، حيث يقوم الباعة في تلك الأسواق -ومقرها الرئيسي في المملكة المتحدة وهولندا- بأعمال سريعة.

ووفقا للكاتب، فقد حققت الوكالة الوطنية للجرائم نجاحات كبيرة في إبطاء حركة الاتجار بالمخدرات من الدرجة الأولى (الكوكايين بشكل رئيسي)، إذ تمكنت من ضبط 25 طناً و 15 مليون جنيه إسترليني نقدًا منذ الإغلاق.

وبحسب بيان للوكالة فإن "القيود المفروضة بسبب فيروس كورونا جعلت الجماعات الإجرامية تتحمل مخاطر إضافية لنقل الأموال، كما أدى إغلاق العديد من الشركات المالية في الأسابيع الأخيرة إلى حرمان جماعات الجريمة المنظمة من فرص غسل وإخفاء أموالها، وبالتالي أصبح من الصعب على المجرمين إخفاء عائدات جرائمهم".

وعندما اتضحت مدى خطورة فيروس كورونا، سجل انخفاض فوري في مستوى النشاط الإجرامي المنظم في المملكة المتحدة وألمانيا وفرنسا بنحو 20%.

المجرمون بشر أيضا

وفي تعليقه على ذلك، قال مسؤول الجرائم الاقتصادية في الوكالة غرايم بيغار "إن المجرمين بشر أيضا ويلتزمون بالقواعد"، مضيفا أن نسبة عالية ممن تستهدفهم الوكالة يعانون مشاكل صحية ويأخذون مسألة العزلة الذاتية على محمل الجد.

وأشار تقرير "الغارديان" إلى أن المؤشرات الأولى على تكيف الجريمة المنظمة مع الظروف الجديدة المتعلقة بوباء كورونا كانت على شبكة الإنترنت.

فقد شهدت مستويات الجريمة عبر الفضاء الإلكتروني ارتفاعا مطردا منذ بضع سنوات، ولكن فيروس كورونا أسهم في تسريع هذا الاتجاه، إذ بعد أسبوعين فقط من الإغلاق، سجلت الوكالة زيادة كبيرة في مواقع الخداع ذات الصلة بفيروس كورونا، حيث ظهر 70 ألف موقع لتسويق مختلف السلع من معدات الحماية الشخصية ومواد التطهير إلى أدوية زيت الثعبان، وتلك السلع إما مسروقة أو مزيفة أو غير موجودة، أي عمليات احتيال بسيطة لجذب الأموال من أشخاص يائسين لحماية أنفسهم من الفيروس.

وأشار الكاتب إلى أن الأزمات السياسية أو الاقتصادية الكبرى لطالما مثلت فرصة كبيرة للجريمة المنظمة، وأن وباء -مثل كورونا- ذا تأثير كارثي على الاقتصاد العالمي يمثل الفرصة الكبرى، حيث يتم تحويل موارد الدولة -بما فيها الشرطة- لمواجهة تداعيات الوباء، فالضباط المشغولون بمنع الجماهير من التجمع في الحدائق العامة لا يملكون الوقت اللازم لتعقب المجرمين.

 

 







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي