وول ستريت جورنال: طغاة العالم يستغلون فيروس كورونا لتوسيع صلاحياتهم وتقويض الديمقراطية

2020-03-29

نشرت صحيفة “وول ستريت جورنال” تقريرا من إعداد ياروسلاف تروفيموف بعنوان “فيروس كورونا والمستبدون: لن يضيعوا فرصة وباء”.

وقال إن عمليات الإغلاق في معظم أنحاء العالم أدت إلى التضييق على الحريات الفردية في كل مكان. وفي بعض الأماكن تم استخدام الفيروس لتقويض مؤسسات الديمقراطية ورقابتها، في عملية انزلاق نحو الديكتاتورية التي ستدوم حتى بعد تراجع الطوارئ الصحية الحالية.

 ففي روسيا دفع الرئيس فلاديمير بوتين نحو إلغاء الوقت المحدد للرئيس، بشكل يؤكد بقاءه في السلطة مدى الحياة، وفي وقت تجعل المخاوف من انتشار الفيروس التظاهرات ضد هذه التغييرات الدستورية أمرا مستحيلا.

أما في بوليفيا فقد أعلنت الحكومة المؤقتة غير المنتخبة تأجيل الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في أيار/مايو. ويتحرك الرئيس الهنغاري فيكتور أربان لتمرير قرار في البرلمان يسمح له الحكم من خلال المراسيم وسجن من يقول إنهم ينشرون “الأخبار المزيفة”.

وفي إسرائيل، استخدم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحزب الليكود فيروس كورونا لمنع المعارضة التي حصلت على الغالبية في انتخابات 2 آذار/مارس من السيطرة على مناقشات برلمانية. وأدت المقامرة إلى تمزق المعارضة يوم الخميس، حيث مالت أحزاب فيها إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية. وأدى قرار آخر للحكومة بإغلاق المحاكم إلى تأجيل محاكمة نتنياهو المتهم بالفساد والتي كانت ستعقد في 17 آذار/مارس.

وتقول كاتي بيري، عضوة البرلمان الأوروبي الهولندية والهنغارية الأصل، إن فيروس كورونا هو من السماء للسياسيين من أصحاب الميول الديكتاتورية “ولا يسمح هؤلاء الساسة بأن تضيع منهم أزمة جيدة” و”لم يمض علينا في هذه الأزمة سوى 10 أيام ولكننا نعرف لسوء الحظ أن الأزمة ستستمر لأسابيع بل أشهر، وأي شيء قد يحدث في المجتمعات التي انقسم فيها الرأي العام القلق”.

وبالتأكيد، أدت أزمة فيروس كورونا التي قتلت خلال أسبوعين عدة آلاف في أوروبا وأمريكا إلى تقييد الحريات العامة الرئيسية وفي معظم دول الغرب. وبعد النموذج الصيني الناجح في إغلاق مدن كاملة لاحتواء الفيروس، منعت إيطاليا وبقية الدول الأوروبية وكذا أمريكا الناس من الخروج والبقاء في منازلهم إلا لشراء الحاجيات الأساسية.

واستخدمت دول مثل كوريا الجنوبية وإسرائيل التكنولوجيا للتجسس على الأشخاص وتحديد إن كانوا من المصابين بالفيروس وعزلهم.

وفي عنوان لافت لصحيفة “ديلي تلغراف” على إغلاق بريطانيا “نهاية الحرية” وصفت فيه الوضع بعد الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لمكافحة انتشار الفيروس. فالقيود وإن أدت لتأجيل الانتخابات في بعض الدول، إلا أنها لن تغير من طبيعة الديمقراطية. فقد حافظت بريطانيا على نظامها الديمقراطي طوال الحرب العالمية الثانية. مع أن قوانينها في أثناء الحرب استخدمت لسجن المشتبه بمن يتهمون بنشاطات تخريبية كما يقول فرانسوا هيزبورغ، المسؤول السابق في الأمن القومي الفرنسي والباحث في مؤسسة البحث الإستراتيجي بباريس: “في زمن الحرب، تنحدر الحرية الى الحضيض أما الديمقراطية فلا”.

ففي ظل خوض العالم حربا ضد الفيروس، فالحكم على القادة لن يكون إلا من خلال قدرتهم على احتواء المرض. وأضاف هيزبورغ: “السؤال المهم هو: هل سننتصر أم نخسر أمام الفيروس” في هذه الحالة. و”ربما رغب بعض الساسة بالحفاظ على أسلوب حياتنا وديمقراطيتنا. أما البقية ـالديكتاتوريون- فسيحاولون قدر استطاعتهم زيادة سلطتهم. وما سيقرر فعالية أي منهم هي قدرته على هزيمة الفيروس”. والمشكلة هي أن الفيروس اجتاح العالم في وقت تتعرض فيه الديمقراطية للهجوم، بسبب صعود الأنظمة الديكتاتورية من الفلبين إلى تركيا والبرازيل ولأن الصين تحاول تقديم نفسها كبديل للنظام الليبرالي الغربي.

ولاحظ “فريدم هاوس” الذي يتابع الميول الديمقراطية في العالم، أن 2019 هو العام الرابع عشر على التوالي الذي يظهر تواصلا لتراجع الديمقراطية حول العالم. وقالت ألينا بولياكوفا، مديرة المركز الأوروبي للسياسة والتحليلات ومقره واشنطن: “نحن نقف على حافة الهاوية، فالمخاوف والقلق ظاهرة هناك وأضيف لها الآن الفيروس”. و”نجد أنفسنا الآن في مكان خطير للحفاظ على مستقبل الديمقراطية. وأرى هذا واضحا في الأزمة الصحية العامة التي نعيشها، حيث يصدق الكثيرون أن النظام الديكتاتوري مجهز أحسن للتعامل مع أزمات المستقبل”.

وأضاف أن الدعاية الصينية شنت حملة في الداخل لكي تظهر أن النظام استطاع احتواء الفيروس، مما يقدم شهادة على تفوق نظام الحزب الحاكم في البلاد، فيما أرسل بالوقت نفسه معدات طبية وإمدادات وأطباء إلى الدول الأوروبية. وانضم الكرملين إلى عربة السيرك، حيث وصلت عربات عسكرية روسية محملة بالإمدادات الطبية إلى إيطاليا الأسبوع الماضي.

وتم وصف التأخر في اتخاذ القرار بالعواصم الأوروبية وأمريكا بشكل سمح لانتشار الفيروس على التلفزيون الروسي بطريقة لا تخلو من نشوة. وأكدت موسكو على أنها قادرة على احتواء العدوى بمستويات متدنية رغم الحالات المخفية، ولهذا لم تتخذ إجراءات إغلاق أسوة بالدول الأخرى.

 وقال أندريه كورتونوف، المدير العام لمجلس الشؤون الدولية التابع للحكومة في موسكو: “بالنسبة للقيادة الروسية، تؤكد الأزمة رؤيتها عن الأنظمة الغربية العاجزة وأن النموذج السياسي الليبرالي لا يستطيع تحمل الأزمات”.

كما وتوصلت أنظمة ديكتاتورية مشابهة إلى نفس النتيجة، فنظام الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف وصف المعارضين له الأسبوع الماضي بالخونة الذين يعرضون صحة الناس للخطر. وقال علييف: “خلال وجود هذا المرض، يصبح عزل أعضاء الطابور الخامس ضرورة تاريخية”، مع أن أذربيجان هي مثال عن تهديد  فيروس كورونا للديمقراطية فيها وعدد آخر من البلدان.







كاريكاتير

إستطلاعات الرأي